” البيدق يصرع الملك أحياناً ” .. قصة قصيرة للإعلامي محمود عبد السلام

أصبح دور الشطرنج أصعب ، النقلات ثقيلة ، أحتاج لوقت اكثر للتفكير ، الخصم عنيد ، قادر على قراءة افكارى ، لابد لى من حل حتى أفوز ، الهزيمة تعنى الخروج من المسابقة
الوقت يمر سريعاً ، الحكم والجمهور يستعجلني ، الخطط تفر من رأسى كطيور ازعجها فرقعة صوت بندقية صياد ، انظر فى عين خصمى الجالس أمامى ، لا أقرأ فى عينيه الباردتين الصامتتين سوى كلمة واحدة الهزيمة ، لا .. لن استسلم ،
نحن الإثنان سواء ، لا يفضلن بشيئ ، سألقنه درساً فى فنون اللعبة ، سأستعين بكل خبراتي السابقة ، فى مثل هذه المواقف ، كنت أناور بالتضحية ببيدق الفيل ، وأنصب له فخاً بحركة مباغته بالحصان ، وأحرك الوزير خطوتين الى الامام تجاه الملك ، لأحاصره ثم اقضى عليه بحركة سريعة واحدة
نظر إلى عينى كأنه يتطلع الى قراءة خطتى مكتوبة على جبهتى ، ابتسم ابتسامة ساخرة وتجاهل تماماً قتل البيدق ، ثم التف من ناحية الطابية بحركة مباغته ، وجدت مليكى محاصراً بين قواته وليس أمامه بد إلا الاستسلام او الهروب ،
شحذت همتى وقلت لنفسى ، الملوك لا تهرب ولكنها تموت ،( خاسر إذاً ان لم تهرب ) ومضى الوقت فى صراع بيننا
انفتحت شهية خصمي يتعجل القتل ، وأنا أدركت ان الهروب يسمح لى بالعودة الى ميدان المعركة مرةً أخرى ، نعم
سأهرب الآن بكبرياء ثم أعاود الهجوم ، عدت الى الخلف خانتين ، طاردني بيدق الوزير ، كم أصبحت ضعيفاً أهرب من
بيدق حقير ،
كنت لازال أحاول أن اتدبر استكمال خطة الهروب ، لكنه لم يمهلني عاجلني بحركة مفاجأة للوزير بحماية من الحصان
، سرت البرودة فى أوصالي ، وتجمدت افكارى تماماً ، نظرت حولى فى عيون المتفرجين المتحلقين حولى ، جميعهم
أداروا وجوههم ناحية خصمى يحسونه بالإسراع للاجهاز على مليكى وانهاء المباراة ،
لا أحد يريد منى أن أقاوم .. عيونهم تزف لى بشرى الهزيمة ، الهروب ،، الهزيمة ،، الهروب .. الهزيمة ،
ألقيت نظرة أخيرة على رقعة الشطرنج قبل أن أضغط على جرس إنهاء المباراة ، لم أجد مفراً من أن أقول لنفسى
الحقيقة ان الملوك مثلها مثلى تهرب وتكذب وترغب ثم .. تموت إيضاً
وضعت راحت يدى على زر الجرس وقبل أن أضغط بالاستسلام ، جاءتني فكرة اخرى ، لكن الحكم قد اعلن نهاية
المباراة