ثلاثة أسابيع مضت على افتتاح المتحف المصري الكبير ولايزال ذلك الحدث الثقافى الأهم يشغل الكثيرين داخل مصر وخارجها، خاصة بعد الإقبال منقطع النظير من قبل الزوار المصريين والأجانب لنيل فرصة ولن أبالغ إذا قلت شرف مشاهدة ما يحويه هذا الصرح العملاق من كنوز ومقتنيات أثرية رائعة وفي القلب منها قناع الملك الذهبي توت عنخ آمون وتمثال الملك رمسيس الثاني ومراكب الشمس ،وأول مسلة معلقة .
ولم يقتصر الاهتمام بالمتحف المصري الكبير على الزيارة والتجول بين قاعاته الاثنى عشر فقط ، ولكنه تجاوز ذلك بكثير باعتباره مقصدا سياحيا متفردا و كذلك مؤسسة اقتصادية مهمة يمكن من خلالها دعم الاقتصاد والاستثمار المصري بشكل كبير، لاسيما فيما يتعلق بتوفير العملات الأجنبية .
لعل خير دليل على ذلك ما طرحه الخبير المصرفي الدكتور عز الدين أحمد محمد حسنين والذى اقترح خطة تهدف إلى تحويل السياحة كلها لصالح الاقتصاد الرسمي ، حيث تقوم الفكرة التى طرحها ببساطة، بأن يتسلم السائح الأجنبي عند وصوله أى من مطارات مصر ، كارت توت عنخ آمون ” كيميت ” ، هذا الكارت من شأنه ربط النشاط السياحي كله بالنظام البنكي الرسمي، الأمر الذى يجعل مصر تخطو خطوة كبيرة نحو التحول الرقمي بقطاع السياحة.
ووفقا للدكتور عز الدين فإن الكارت سوف يحول الدولارات للبنك ، من خلال قيام السائح بعمل “تنازل طوعي” عن جزء مما لديه من أموال أو عملات “دولار، يورو، .. الخ” للبنك، لكن ليست بالسعر الرسمي العادي.. بل بسعر صرف أعلى وأفضل من سعر البنك المعلن.
وهذا الأمر يمثل إغراء للسائح بأن يترك فلوسه في القنوات الرسمية بدلا من ما اللجوء إلى السوق السوداء ، وهذه خطوة استراتيجية ستزيد النقد الأجنبي الذى يدخل البنوك مباشرة وتساعد في استقرار الجنيه.
فى ذات الوقت يستطيع السائح استخدام الكارت في شتى الخدمات والاغراض في مصر، سواء فنادق، مطاعم،
تذاكر مزارات، محلات هدايا، وبالتالي يستغنى عن حمل عملات كاش وما يعانيه من مشاكل وارتباك خاصة فيما
يتعلق بأسعار الشراء والبيع.
وفى حال انتهاء رحلته وتبقى لديه رصيد في الكارت، يمكنه استرداد الباقي بنفس السعر التفضيلي اللي اشترى به،
يعني مافيش قلق من الخسارة، وهو ما يشجعه على الإنفاق في مصر أكتر .
والمقترح أو الفكرة ليست قاصرة على كارت واحد فقط ، بل تشمل 3 مستويات لخلق نوع من المنافسة بين
السائحين وجعل كل سائح يشعر إنه مميز ويتشجع على الإنفاق أكتر ، والمستوى الأول يشمل “الكارت الكلاسيكي
” ويتضمن تحويل السائح من 500 إلى 1000 دولار، و يمنح خصما 10% على المتاحف والفنادق ، بينما يشمل
المستوى الثاني “الكارت الفضي ” لو المبلغ وصل من 1001 الى 2000 دولار، وعندها تكون الخصومات والمزايا أوسع
بكتير وتشمل النقل السياحي والمطاعم.
فيما يشمل المستوى الثالث والأخير ” الكارت الذهبي ” اذا قام السائح بتحويل أكتر من 2000 دولار، وعندها سيعامل
معاملة كبار الزوار (VIP) بخصومات تصل إلى 25% ودخول مجاني لفعاليات كبرى.
هذه الخطة تستهدف فى المقام الأول ضرب السوق الموازي، وزيادة تدفق الدولار للقنوات الشرعية، والأهم إنها
ستجعل السائح سعيدا وأكتر انفاقا واكثر اطمئنانا .
والحقيقة رغم أن الفكرة رائعة إلا نجاحها يتوقف على على الإرادة في تنفيذها بدقة وتكامل بين الجهات المعنية، ولا
شك أن نجاحها سيكون نقطة تحول كبيرة فى دعم السياحة للجنيه والاقتصاد المصري