الدكتور علاء رزق يكتب: علم الروم وقفزة الثقة (١)

الدكتور علاء رزق

شهد الاقتصاد المصري خلال العشرة شهور الماضية من عام 2025 تحولات اقتصادية ومالية إيجابية، تعكس الأثر المتكامل للسياسات الحكومية والإصلاحات النقدية والهيكلية التي بدأت منذ عام 2024 ، حيث إستمرت الدولة في جهودها لتحقيق الاستقرار الكلي ودفع عجلة النمو.وهو ما أثمر عن بلوغ الاحتياطي النقدي لأكثر من 50 مليار دولار لأول مرة في تاريخه،بسبب زيادة إيرادات الصادرات، والانتعاش المستمر في قطاع السياحة، وتحسن تحويلات المصريين بالخارج،مع تدفق تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى ذلك فقد أدى تراجع فاتورة الاستيراد، نتيجة جهود ترشيد الإنفاق، إلى تخفيف الضغط على العملة الأجنبية.ويجب أن ندرك أن هذا المستوى المرتفع من الإحتياطي النقدي الأجنبي يمنح البنك المركزي المصري هامش أمان واسع لمواجهة أي تقلبات خارجية أو التزامات تمويلية، كما يعزز من إستقرار السوق النقدي والمالي. والذى سوف يستقر أكثر بإبرام صفقة علم الروم، مع قطر والتى تمثل صفقة إستثمارية كبيرة بتكلفة تقدر بنحو 29.7 مليار دولار، لإقامة مشروع عمراني وتنموي متكامل على مستوى عالمي يستهدف تحويل منطقة علم الروم على الساحل الشمالي الغربي في مصر إلى وجهة ساحلية سياحية واستثمارية مما يجعلها تساهم على المدى القصير والبعيد فى تخفيف الضغوط التمويلية، وخفض الدين العام، ايضاً توفير فرص عمل جديدة، يتبعها زيادة الإيرادات الضريبية، مع تأكيد سياسة تسريع وتيرة تطوير الساحل الشمالي الغربي للبلاد. ورغم أن الاقتصاد الوطني قد تحسن تحسنا ملحوظاً خلال هذا العام رغم التحديات التوترات الجيوسياسية بالمنطقة،والحرب التجارية العالمية،إلا أن هناك مجموعة مؤشرات إيجابية حققها الاقتصاد الوطني منها أن الموازنة العامة للدولة،حققت فائضا أوليا بلغت 580.4 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو إلى مايو من السنة المالية الحالية 2025/2026، كما انخفض العجز الكلي ليصل إلى 6.9% مقابل 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي.وهو ما انعكس على إستمرار تراجع معدلات التضخم نحو مستهدف 7% بحلول الربع الأخير من 2026 ، وتعافي للنمو الاقتصادي بدعم من تحسن سلاسل الإمداد وانتعاش حركة التجارة العالمية وانطلاق قاعدة السياحة المصرية، والتى تمثل شريان حياة لمصر،مما تمثله من حوالي 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتوظيف الملايين فى هذا القطاع ،ومع تزامن هذا بوقف الحرب على قطاع غزة، فإن السائحين ، وخاصة من أوروبا، الذين يرون أن المنطقة بأكملها محفوفة بالمخاطر. يمكن للسلام أن يعيد الثقة فى تدفق أعداد السائحين إلى مصر وهو ما حدث عقب وقف الحرب على قطاع غزة ، وإحتفال مصر بافتتاح المتحف المصري الكبير. ما يجب أن نؤكد عليه أن الاقتصاد العالمي يمر الآن بمرحلة دقيقة تأثرت فيها جميع الدول بتقلبات الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية، إلا أن مصر نجحت في الحفاظ على توازنها الاقتصادي من خلال سياسات إصلاحية مدروسة وخطط تنموية طموحة. ويجب أن نكون على علم بأن إتخاذ القرار الاستثماري لا يقوم فقط على توفر الفرص، التي هي متوفرة في أماكن كثيرة حول العالم، لكنه مبني على الثقة في الاقتصاد المصري، هذه الثقة هي التي تجلب الإستثمارات وتجعل المستثمر يتحمل المخاطر في الإستثمارات طويلة الأجل، ويقيم توسعات ويفتح فرص عمل جديدة.وبالتالي فإن المرحلة المقبلة تتطلب تعميق الشراكات في القطاعات الصناعية والهندسية والطاقة المتجددة، إلى جانب توسيع التعاون في البنية التحتية والنقل الذكي والتحول الرقمي، فى إطار سعي مصر لتكون مركزاً إقليمياً لتكنولوجيا المعلومات والخدمات اللوجستية . وللحديث بقية إن شاء الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.