الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : «الشرق الأوسط الإسرائيلى».. والفشل الذريع

إسرائيل ليست القوة العسكرية المتفوقة في الشرق الأوسط

الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق

قلت منذ أيام في مقال بعنوان «مصر ــ السيسى والشرق الأوسط الجديد» إن مشروع إسرائيل في بناء أو رسم شرق أوسط جديد بقيادة صهيونية فشل بشكل ذريع وأن أوهام رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو سقطت وتبخرت، وأن هذا المشروع غير قابل للتنفيذ لأسباب كثيرة.. أبرزها المارد المصري الذي انتفض مستندًا علي قوة وقدرة شاملة وثقة لهذا المشروع خاصة فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم أو المساس بالأمن القومي المصري، وفرض الأمر الواقع بانتهاك السيادة المصرية، أو أن تكون سيناء وطنًا بديلاً للفلسطينيين، فإسرائيل أدركت قوة الموقف المصري وأنه حاسم، لدرجة أن نتنياهو نفسه عندما عرض عليه أحد أعضاء الحكومة أن تكون مصر هي مجرد جسر لعبور الفلسطينيين إلي مناطق أو دول أخري خارج مصر، قال نتنياهو بالحرف الواحد، مستحيل أن توافق مصر، وهذا لم يأت صدفة أو اعتباطًا لأن تل أبيب تدرك أن غطرسة وغرور القوة المزعومة لن يجدي نفعًا مع مصر كدولة قوية وقادرة عن كبح جماح إسرائيل، والتصدي لأوهامها بل وإيقاف الحرب رغمًا عن إسرائيل إذا تطلب الأمر وهذا ما أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبطنًا دون ذكر اسم مصر بأنه لولا تدخل أمريكا لإنهاء الحرب لتدخلت قوة أخري لإيقافها.

قلت أيضا إن فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد الإسرائيلي جاء لأسباب كثيرة أيضا هو السقوط الأخلاقي لتل أبيب، وأن حساباتها كانت ومازالت خاطئة، فليس معني شن حرب إبادة علي مواطنين ومدنيين أبرياء أو حتي حماس هو مقياس للنصر وليس أيضا استهداف قدرات حزب الله وسقوط النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد ليس نصرًا، وأن الهجمات علي الحوثيين أو الهجوم علي إيران ليس نصرًا فقد عانت إسرائيل من ويلات وتداعيات الهجوم علي إيران واستبيح عمقها بدرجة أنها استنجدت بالولايات المتحدة بصياغة فيلم هوليودي من أجل وقف الحرب، الأمر الأخطر أن إسرائيل فقدت مصداقيتها حتي مع الحلفاء أو المحايدين، أو من يتوسطون لإنهاء حرب غزة، فالهجوم المباغت والغادر علي دولة قطر يعني وبسهولة أنه لا أمان ولا صديق ولا عهد لإسرائيل، وأن أوهامها في بناء شرق أوسط جديد خارج قدراتها العسكرية والأخلاقية، ولاحت في الأفق تحالفات عسكرية جديدة موجهة في الأساس لإسرائيل واحتمالات غدرها وعدم الوقوف فيها علي الاطلاق، ثم الموقف الدولي الحاسم الذي عزل إسرائيل تمامًا سواء كان علي المستوي الرسمي أو الشعوب التي انفجرت في وجه الطغيان وغطرسة القوة وحرب الإبادة والسقوط الأخلاقي الإسرائيلي وانتهاكات تل أبيب وقتلها بإسراف للأطفال والنساء والتجويع والحصار واستخدام سلاح التجويع ضد المدنيين، حتي الموقف الأمريكي اختلف تمامًا عن بداياته باتت الأوساط السياسية والحزب الديمقراطي وانصار أمريكا العظمي ضد إسرائيل وهو الأمر الذي أجبر ترامب علي إيقاف دعمه المطلق لإسرائيل والعمل علي لجم الجموح الإسرائيلي الذي تسبب في خسائر فادحة لأمريكا سواء في تحالفاتها وأصدقائها أو حتي علي الصعيد الاقتصادي فقد قدمت واشنطن أكبر ميزانية دعم لإسرائيل خلال عدوانها علي غزة بما يقدر بأكثر من 22 مليار دولار وهو الأمر الذي جعل ترامب يمارس وبحسم ضغوطه علي نتنياهو ويفرض قراراته وسياساته.

الهجوم علي حزب الله أو حماس أو الحوثي أو إيران لم يكن أبدًا مقياسًا للنصر أو التفوق الإسرائيلي وجيش الاحتلال لم يواجه جيشًا نظاميًا قويًا واعتمد فقط علي ضربات جوية دون قتال بري يختبر قدراته وأهليته وزعمه في السيطرة علي الشرق الأوسط، موازين القوة ليست في صالح إسرائيل، ومصر تتفوق كثيرًا عليها في القدرة العسكرية الشاملة، بالإضافة إلي أن الجغرافيا والتموضع يفرض واقعًا مغايرًا ولم تعد هناك جاحة لعبور القناة والوصول إلي الحدود، بالإضافة إلي وجود 6 أنفاق أسفل قناة السويس تتيح الانتشار السريع في ساعات معدودة، بالإضافة إلي حالة الاقتراب غير المسبوقة والجاهزية الفريدة لحماية الأمن القومي المصري وسحق أي محاولات إسرائيلية بتجاوز الخطوط الحمراء أو انتهاك السيادة أو تهديد الأمن القومي لذلك أقول وبثقة إن موازين القوة ليست في صالح إسرائيل علي الاطلاق في جميع التخصصات العسكرية والأفرع الرئيسية، كل هذه المقومات والأسباب تجعل أوهام إسرائيل في السيطرة أو قيادة الشرق الأوسط في عداد المستحيل، أو من حيث القدرة الواقعية، من خلال جيش لا يستطيع أن يفرض كلمته وسيطرته، وهو جيش خائر منهك مرتعد مستنزف أنهكته حروب الميليشيات فما بالنا من مواجهة جيوش نظامية محترفة تمتلك مقومات هائلة للردع الشامل.

الزميل الكاتب الصحفي عبدالله عبدالسلام في مقاله بجريدة المصري اليوم بعنوان إسرائيل وأوهام قيادة المنطقة، أشار إلي ما قلته منذ أيام لكن سياق المقال وعلي حسب مقال لمارك لينش أستاذ العلوم العسكرية والشئون الدولية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية نشرته مجلة فورين أفيرز، أشار فيه إلي أنه لو قصفت إسرائيل الشرق الأوسط كله لن يؤدي ذلك إلي إرساء نظام إقليمي جديد بقيادتها.. القيادة تحتاج أكبر من مجرد تفوق عسكري والمقال منشور في المصري اليوم صباح الاثنين 2 نوفمبر وأقول إن إسرائيل ليست القوة العسكرية المتفوقة في الشرق الأوسط فحتي لو افتراضنا أنها تمتلك قوات جوية قوية وقادرة علي الوصول إلا أن القصف الجوي لا يحسم الحرب، ولا يحقق النصر، ولكن يساهم وقد يصطدم نجاح الضربات والهجمات الجوية بمنظومة دفاع جوية قادرة علي التصدي أو مقاتلات تتصدي لهذه الهجمات، لكن جيش الاحتلال يعاني من أزمات عنيفة داخله في الأفراد، والروح المعنوية، أو القتال البري الواسع فالحرب ستظل أرضًا وفردًا، التقدم للأمام والثبات والحفاظ علي الأرض يعني النصر كما أن الشرق الأوسط واتساعه ودوله أكبر من قدرات إسرائيل علي فرض السيطرة ولا تعني مواجهتها لميليشيات وجماعات قدرة أو تفوقاً والمقياس الحقيقي في القدرة وتحقيق التفوق علي جيش نظامي قوي ومحترف، وهذا أمر بعيد المنال حسابات القوة ليست في صالح إسرائيل والدليل عدم قدرتها علي تحقيق الأهداف والمهام، والدليل الأكبر فشل أوهامها ومشروعاتها في التهجير وارتعاد فرائصها من القوة الأعظم في الشرق الأوسط وهي مصر، لكن قوة مصر تتسم بالحكمة وتحقيق السلام والقاهرة هي الطرف المؤهل والجدير ومن يمتلك مقومات وأسباب قيادة الشرق الأوسط وبات العالم علي قناعة بذلك، فالقوة والقدرة المصرية ليست للاعتداء علي أحد، ولكن لحماية الأمن القومي والمصالح المصرية وترسيخ السلام.. والقوة الإسرائيلية مبالغ فيها، ويمكن دحرها، وهذا ما تخشاه واشنطن من جنون وتطرف نتنياهو.

تحيا مصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.