الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق : المؤامرة مستمرة
محاولات محاصرة وارباك الأمن القومى لن تنجح

من يظن أن المؤامرة على مصر انتهت بعد توقيع اتفاق إنهاء الحرب الصهيونية على قطاع غزة، واهم، نجاح مصر فى الوصول لهذا الاتفاق أثار حقد وحفيظة الكيان الذى لم يعد أمامه مخرج، وأثار جنون دول فى الإقليم، بعد أن اثبتت مصر جدارتها واستحقاقها قيادة الشرق الأوسط بما لديها من قوة وقدرة شاملة وما وصلت إليه من تقدم، واحترام من الدول والقوى الكبرى فى العالم.
هناك مخطط صهيونى أكد عليه أحد خبراء إسرائيل منذ سنوات، والحقيقة لا أتذكر اسمه، إن مواجهة مصر أمر صعب ولكن علينا ــ أى الصهاينة ــ العمل على إرباك الأمن القومى المصري، لذلك على أرض الواقع نرى محاولات إشعال الحدود المصرية على جميع الجهات الإستراتيجية، فى دول الجوار، فإذا كانت الحرب قد وضعت أوزارها رغم محاولات الالتفاف وخلق الذرائع، وترويج الأكاذيب من جانب حكومة المتطرفين بإسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو لخرق الاتفاق على غرار الاتفاق اللبنانى الأمور صعبة على حكومة المتطرفين فى التعامل مع قطاع غزة، فالمزاعم الإسرائيلية مكشوفة، وربما هناك تحريض إقليمى لتل أبيب على خرق الاتفاق.
وضعت الحرب أوزارها فى غزة الحدود الشرقية لمصر، سرعان ما اشتعلت الجبهة الجنوبية وتأزمت الأوضاع فى السودان خاصة مع انسحاب الجيش السودانى من مدينة الفاشر، وارتكاب ميليشيا الدعم السريع جرائم حرب وتطهير عرقى فى حق المدنيين الأبرياء، وباتت السودان فى مأزق وخطر داهم، بسبب التدخلات الخارجية، ودعم بعض القوى الأجنبية لميليشيا الدعم السريع بالسلاح، والمقاتلين المرتزقة، وأيضاً الدعم السياسى والدبلوماسي، لتحقيق أطماع على حساب الشعب السوداني، والسودان الشقيق وتبنى محاولات تقسيم السودان ونهبت ثرواته ومقدراته وإحالته إلى الفوضى والاقتتال الذى لا يتوقف وهو الأمر الذى يدفع بالسودان إلى غياهب المجهول.
السودان، تمثل لمصر قضية أمن قومي، ولعل الموقف المصرى الواضح والثابت والحاسم بدعم السودان ومؤسساته الوطنية وشعبه ورفض كل محاولات تقسيمه وحتمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه هو أمر يطمئن الجميع، لأن مصر لم ولن تدخل معركة سياسية ودبلوماسية بما لديها من قوة وقدرة ودور وثقل دبلوماسى وتخسر، بل لن تترك السودان يضيع، لأنه شديد الارتباط بأمنها القومى الذى هو «خط أحمر».
ما أريد أن أقوله، إن محاولات محاصرة وارباك الأمن القومى من جميع الاتجاهات الإستراتيجية لن تنجح، ولن تستطيع أى قوة ابتزاز أو مساومة مصر على مواقفها أو إجبارها على التراجع، أو التفريط أو التهاون فقد أدركت مصر مبكراً جميع هذه السيناريوهات والمخططات واستعدت لها جيداً، ولن تؤتى أكلها مع دولة عظيمة وقوية وقادرة فى حجم مصر.. وما يجرى الآن من حولنا من جميع الاتجاهات الإستراتيجية، يفسر بشكل واضح لماذا كان وما زال الرئيس عبدالفتاح السيسى يسابق الزمن لتحصين مصر بالقوة والقدرة والردع.. ولماذا كان قرار تحديث وتطوير الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث نظم التسليح الحديثة وغير النمطية التى تلبى احتياجات الأمن القومى وامتداداته والقدرة على الوصول لأى تهديد ودحره ووأده مبكراً.. وفرض السيادة والحقوق المشروعة، والدفاع عن المقدرات فى البر والبحر والجو، والجيش المصرى العظيم قادر وبثقة وكفاءة وجاهزية على حماية وتأمين والحفاظ على الأمن القومى فى جميع الاتجاهات وبنفس الكفاءة، وفق تخطيط استباقى أدرك ما يدور فى عقل قوى الشر، قبل سنوات، لذلك فإن الاستعداد بدا أقوى مما توقعته قوى الشر بكثير، وحدود مصر فى جميع الاتجاهات كانت ومازالت آمنة، لن تجرؤ أى قوة على الاقتراب منها، لأن قوات أساطيل ومقاتلات الجيش المصرى موجودة فى كل اتجاه قادرة على ردع كل من تسوًّل له نفسه تهديد الأمن القومى المصري.
المثير أن الحرب على غزة هدأت، فبدأت قوى الشر فى تحريك عملائها وأدواتها فى إشعال مناطق أخرى قريبة ومجاورة لمصر، بعد أن أدركت أن المواجهة المسلحة مع مصر خاسرة لا محالة، فمن الابتزاز الإثيوبى والمحاولات اليائسة والمفضوحة للعبث بمقدرات مصر فى مياه النيل والتعنت والغطرسة غير المبررة، والتى لا تتناسب مع هذا الكيان المهترئ التابع للكيان الصهيونى وأحد أدواته وتجلت هذه التبعية خلال محاولات فاشلة لفرض مخطط التهجير على مصر، والمساومة بمياه النيل والسد الإثيوبى الذى لا فائدة منه للشعب الإثيوبى ورغم أن مصر أكدت مراراً وتكراراً أنها لا تمانع على الإطلاق فى مشروعات التنمية، للأشقاء الأفارقة بل مستعدة للتعاون معهم، ولكن فيما لا يضر بحقوق ومصالح مصر وبالتالى طالبت بضرورة الاتفاق وتوقيع اتفاق قانونى ملزم حول مبادئ تشغيل السد لكن تجلت المؤامرة خلال العدوان الإسرائيلى على غزة ومحاولات تنفيذ مخطط التهجير وأدرك الجميع أن السد بنى من أجل ابتزاز مصر وليس لتحقيق مصلحة الشعب الإثيوبي.
إسرائيل تحرك أدواتها وعملاءها فى إشعال الجوار حول مصر، ودفعت هذه الدمى والمأجورين لدعم وتمويل ميليشياالدعم السريع لإشعال السودان، وتهديد الأمن القومى والجميع يدرك أن ما يحدث فى السودان وليبيا واليمن، والصومال والبحر الأحمر، وغزة يستهدف مصر فى الأساس لأنها القوة المرعبة والأقوى فى الشرق الأوسط، وإن هذه القوة والقدرة والتعافى والتقدم المصرى خطر على مخططات وأوهام ومؤامرات ومصالح قوى الشر غير المشروعة.
المؤامرات والمخططات والأوهام الصهيونية ضد مصر لم تنته وستكون وسائل قوى الشر إشعال فى دول الجوار، وعمليات ابتزاز ومساومات ومحاولات إرباك الأمن القومي، وحملات مكثفة لترويج الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك وبث الفتن فى الداخل، وصناعة أزمات ومحاولات لضرب الوحدة والاصطفاف وتزييف الوعي، لكن كل ذلك لن ينجح لأن وعى المصريين أعظم، واصطفافهم وإدراكهم أن الوطن يستهدف ويواجه مؤامرات ومخططات، قوى الشر الصهيونية ستحرك أدواتها بشكل مكثف، الجماعة الإرهابية ودول حاقدة على مصر، تسخر كل إمكانياتها لصالح مخططات الكيان الصهيوني، كل ذلك لن يجدى نفعاً، مصر قوية وقادرة وواعية وعلى قلب رجل واحد، لكن لابد أن نحذر، ونعظم الوعى والفهم، والتواصل.
تحيا مصر