عبد الناصر البنا يكتب : المتحف المصرى الكبير .. ذكريات وحكايات !!

لسنوات طويلة كانت تطالعنا الأخبار عن قرب إفتتاح ” المتحف المصرى الكبير ” بعناوين ذات صلة ، ولكن دايما إرادة الله كانت هى الغالبة ، إلى أن تم تحديد موعد رسمى قاطع الدلالة على الـ إفتتاح فى 3 يوليو الماضى ، ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان ، الدنيا ولعت فى غزة ، دا غير غارات دولة الإحتلال على إيران ، وكانت الأجواء الإقليمية غير مهيأة بالمرة لـ إقامة حفل يليق بإسم مصر ، ولذلك تم التأجيل لـ 1 نوفمبر 2025 كموعد نهائى لارجعة فيه لحفل الإفتتاح ، وأدينا بندعى ربنا يعدى اليوم دا على خير وسلام ، حكم الفراعنه دول ” فراعنة ” الشر بره وبعيد .. وربنا يجعل كلامنا خفيف عن إللى حصل لما فتحوا مقبرة الملك ” توت عنخ آمون ” .. والنبى يارب كملها بالستر .. عاوزين نفرح !!
إمبارح هاتفنى صديقى الصعيدى وكان منزعجا وقال لى : عاجبك إللى بيحصل ديه ، ياعم مش تجول حاص ” إختشوا يعنى ” التايم لاين مليان صور بنته عاملين فيها ملكات .. أجبته ضاحكا : ودا مزعلك فى إيه ، هوا إحنا كل يوم هنفتتح متحف ، ياعم خلى الناس تفرح وتزغطط ، طب فى ذمتك مش شكلهم قمرات باللبس الفرعونى ، إبعت لى إنت بس صورة وأعملك ” ملك ” . بس إنت يا (…) ماتنفعش تبقى ملك إنت كبيرك ” كاهن ” . رد بإنفعال وقال “كاهن” بادرته القول : أيوه كاهن ، الكاهن دا وظيفة مغفلقة ” يعنى كبيرة أوى ” عند الفراعنة ، وكلامها بيمشى على الملك نفسه ، بعد تردد قال : ينفع كبير كهنه ؟ قلت : طماع جوى إنت ، نخليك ” رئيس الكهنة ” ودار بينا حوار طويل تطرقت خلاله عن حكاياتى وذكرياتى مع المتحف الكبير .
من البرامج الجميلة التى شاركت فى إعداها برنامج توك شو ، له صبغة سياحية يذاع أسبوعيا فى بث مباشر Live على قناة النيل الدولية nile tv international وهو برنامج ” nile cruise ” البرنامج دا طفنا من خلاله أغلب الأماكن السياحية والأثرية فى ج.م.ع من شمالها ” مكتبة الأسكندرية ــ ومدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية فى برج العرب إلى جنوبها ” معبد الكرنك ” فى الأقصر ، ومابينهما شارع المعز ـ برج القاهرة ـ القلعة ـ دار الأوبرا ـ الجامع الأزهر ـ شارع المعز ـ الباخرة فرعون النيل ـ كل الفنادق على نيل القاهرة ـ مبنى إرشاد هيئة قناة السويس فى الإسماعلية ، وأطلق لخيالك العنان .
المهم أن المتحف المصرى الكبير كان له نصيب الأسد فى هذه الحلقات ، ومن 15 سنة تقريبا إفتتحت سوزان مبارك ، قرينة الرئيس الراحل حسني مبارك ، مركز الترميم إللى بدأ إنشاءه فى عام 2006 ، وكان الهدف منه ترميم ، وصيانة القطع الأثرية المقرر عرضها داخل المتحف وإعادة تأهيلها ، بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية من المشروع ، وقتها قررنا عمل حلقة من المتحف الكبير ، كانت العقبة الوحيدة فى الموضوع هى تدخل الأستاذ محمد غنيم ” رحمه الله ” وكان وقتها مستشار وزارة الثقافة ـ والمستشار الفنى لمشروع المتحف المصرى الكبير ، ” غنيم ” طلع عنينا بالمعنى الحرفى للكلمة ، كل مسئول فى مصر وقتها كان يتصرف كأنه وزير !!
نقطة الخلاف بينى وبين الأستاذ غنيم كانت حول عمل تقارير من داخل مركز الترميم الذى يخضع لـ إجراءات تأمين صارمة ، وقتها رفض رفض بات فتح المركز للتصوير ، والإكتفاء بالتقارير التى تم تصويرها قبل إفتتاح الهانم للمركز ، وإزاء إصرارى على التصوير إحتكم للفنان فاروق حسنى الذى أيد وجهة نظرى ، وقتها شعر غنيم بأنى مدسوس من قبل جهة ما ، وكاد الفضول أن يفتك به ، من أنت ومدفوع من مين ، زمن الأسافين إياه والعصافير والوشاية والدسائس ، قلت له أنا لا أعرف أحدا من المسئولين كبيرا كان أو صغيرا ، ولا أتلقى تعليمات من أحد ، من كان ، ولا أنتمى إلى تيار أو حزب بعينه ، أنا أتحرك بدافع وطنى ، والعقل والمنطق يستوجب أن نحدث معلوماتنا للوقوف على ماوصل إليه مركز الترميم ، وهذا هو المبتغى بكل بساطة ، بعيدا عما يدور فى خيالك .
أنا لا أعتقد أنه إقتنع بكلامى ، خاصة وهو يتعامل معى بحذر ، حاصل القول أنه كان شديد الدقة لدرجة التعسف فى كل خطوة ، لدرجة أنى فوجئت به فى صباح يوم جمعة ونحن فى غرفة المونتاج نجهز تقارير الحلقة فى مبنى التليفزيون بالدور السابع ، أنه يقف فوق رؤسنا ، كيف دخل ، ومتى ، وأين ” الله وحده أعلم ” أنا إعتبرت مايقوم به نوع من الحرص على أن يظهر العمل بالوجه الأكمل ، وهذا مانحرص عليه دوما فى عملنا ، هو لم يأتي بجديد ، الجميل أنه أحضر لنا فرقة الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية ، والحقيقة أنها شكلت إضافة للحلقة ، لكن للتحكمات الزائدة عن الحد ، حدث مالم يكن فى الحسبان ، وحدة الإذاعة الخارجية عملت Off على الهواء بعد دقائق من بداية الحلقة ، وعلشان تعمل “ريستارت” وإعادة تشغيل الأمر يستغرق وقت لايقل عن 7 دقايق ، والحمد لله أكملنا الحلقة ومرت الأمور على خير وسلام بعد أن نشف دمنا .
من كام يوم طلت علينا ” لميس الحديدى ” وألقت بقنبلة دخان أشعلت وسائل التواصل حول الفنانة التى سوف تقوم
بتقديم حفل الافتتاح وفتحت باب التكهنات مابين الفنانة عبلة كامل وشريهان وسوسن بدر وأسماء كتيرة ترددت ، لكن
أنا شايف الشياكة كلها فى شيرين رضا وأنوشكا ، وشايف حسين فهمى وخالد النبوى ، وإن كنت أرجع الفضل الأكبر
فى هذا الصرح يعود للفنان فاروق حسنى ، وأتمنى أن يأخذ حقه من تكريم مستحق فى هذا الافتتاح لأنه صاحب
الفكرة ، وفى لقاء مع راندا أبو العزم مدير مكتب قناة العربية فى مصر حكى فاروق حسنى عن كواليس المتحف
وكيف وأين ومتى جاءت الفكرة ، ومراحل تنفيذها ،” لقاء هام يمكن الرجوع إليه ” .
ولايفوتنى أن أشيد بدور الجايكا (JICA) وهي اختصار لـ الوكالة اليابانية للتعاون الدولي ، لولا هذه الوكالة التى قدمت
الدعم الفنى والمالى للمتحف ، ماكان له وجود بعد فضل الله سبحانه وتعالى ، مكتب الجايكا ظل مفتوحا حتى فى
أحلك الظروف وهى الفترة العصيبة فى تاريخ مصر ، عندما قامت ثورة يناير 2011 ، ونهبت أماكن أثرية عديدة فى
سقارة والواحات وملوى ومتحف التحرير .. وغيرها .
أنا أأمل أن تستحضروا عظمة وتاريخ الحضارة المصرية ، عندما يأتى ذكر هذا المتحف ، لأن من شاهد ورأى بعينه ليس
كمن سمع ، المتحف وطريقة العرض المتحفية وقاعتى الفرعون الصغير التى تحتوى على الـ 5398 قطعة أثرية تخص
الحياة اليومية والآخرة للفرعون الصغير ، بخلاف قناعه الذهبى حاجة تخطف العقل بجد ، فعلا هذا المتحف هو أيقونة
المتاحف المصرية ، وصدق الرئيس عندما قال : هدية مصر للإنسانية ، ولك أن تتخيل معى رحلة الملك ” رمسيس
الثانى ” من ميت رهينة إلى ميدان رمسيس ، لـ يطيب له المقام هنا فى بهو المتحف ليستقبل زائريه ويرحب بهم .
تخيل قاعات العرض المتحفى المجهزة بأحدث التقنيات ، البهو العظيم بما يحتويه من قطع أثرية إلى جانب تمثال
الملك رمسيس مثل عمود النصر للملك مرنبتاح ، وتمثالين لملك وملكة من العصر البطلمي ، وفى المتحف مراكب
الشمس التى إكتشفها الأثرى المصرى كمال الملاخ فى مايو 1954 وكانت مدفونة تحت الأرض بجوار هرم خوفو وتم
نقلها إلى المتحف ، وأنت صاعد على الدرج الأعطم هتشوف 87 قطعة أثرية ضخمة ، أهمها تمثال رمسيس الثاني
الضخم ، وتماثيل تانية كتير لملوك منهم سنوسرت الأول ، وتوابيت ملكية نادرة ، وقاعات عرض تحكى قصة الحضارة
المصرية القديمة وتؤكد لك أن مصر جاءت أولا ثم جاء من بعدها التاريخ !!
الكلام عن المتحف قد يبدو مكررا ، ولكن كل ما أتمناه أن تستمتعوا معى باحتفالية تليق بعظمة مصر وتاريخها رغم
أنف كل حاقد ، واناوعلىةيقين أنها تفوق احتفال مصر بنقل المومياوات ، وأن يحفظ الله مصر !!