نستكمل بعد مجريات الحرب العالمية الثانية كيف لم تنفذ بريطانيا وعودها مع المصريين، وكيغ كانت بداية جلاء الاحتلال البريطاني عن مصر 1946 – 1956 عندما وقع النحاس باشا معاهدة 1936 مع الاحتلال البريطاني في 26 أغسطس 1936 ، نتيجة للإجراءات التى اتخذها الاحتلال البريطانى لكسب ود الشعب المصـرى قبل الدخول في غمار الحرب العالمية الثانية خوفًا من ثورة المصريين وعدم مساعدتهم عسكريًّا ولوجستيًا لذا أجبرت الملك على تشكيل حكومة يرضى عنها الشعب وتقوم بتفعيل معاهدة 1936، ولكن التوتر الدولي الذى سبق أحداث الحرب العالمية الثانية أدى لتأجيل تنفيذ بنود المعاهدة ، وما إن انتهت الحرب العالمية في 2 سبتمبر 1945 حتى دخلت المعاهدة حيز التنفيذ ، وبدأت بجلاء قوات الاحتلال البريطاني عن قلعة صلاح الدين الأيوبي في 5 مايو 1946، ثم الجلاء في أكتوبر 1946عن مطار حلوان الذي أنشأه الاحتلال البريطاني عام 1940 والجلاء عن وادي النطرون في ديسمبر 1946، ثم الجلاء عن المعسكرات الصحراوية التي كانت تستقبل القوات الهندية والسنغالية والتي استؤجرت أراضيها من الحكومة المصرية عام 1940 وتم الجلاء عنها في فبراير 1947، ثم الجلاء عن محطة سراي مصطفى باشا في 8 فبراير 1947 وهذه المحطة تم احتلالها عقب ضرب الإسكندرية 1882، والجلاء عن كوم الدكة في 15 فبراير 1947، والجلاء عن مطار هليوبوليس في 10 مارس 1947، وحصن باب الحديد الذى بناه الإنجليز 1914 لمواجهة الثورات الداخلية تم الجلاء عنه في 17 مارس 1947، والجلاء عن الحلمية والعامرية والعباسية وقصر النيل فى مارس 1947، وانحصر تواجد قوات الاحتلال البريطاني في قناة السويس التي تعد ذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى للمملكة المتحدة حتى تظل القوة العظمى عسكريًّا واقتصاديًّا.
طلبت وزارة النحاس في مارس 1950 الدخول في مفاوضات جديدة مع الحكومة البريطانية، واستمرت هذه المفاوضات
9 شهور ظهر فيها تشدد الجانب البريطاني مما جعل النحاس باشا يعلن قطع المفاوضات ، وإلغاء المعاهدة ، و بدأ
النضال يشتعل مرة أخرى ولكن هذه المرة نضال مختلف يسانده جيش قوي وشعب يملك إرادته بعد ثورة 23يوليو.
فبعد مساعدة المصريين في تحقيق انتصار القوات البريطانية في الحرب العالمية الثانية وتطور الحركات التحررية
والوطنية في الشرق الأوسط بزعامة مصر خاصة بعد حرب 48 والنتائج التي ترتبت عليها وقيام ثورة الضباط الأحرار
23يوليو 1952 ومطالبة المصريين بحقهم في حماية أنفسهم وجلاء قوات الاحتلال عن بلادهم لم تعترض بريطانيا
على ثورة الجيش المصري عام 1952م، بل أبدت الاستعداد للجلوس مع حكومة الثورة ، وقامت بتوقيع اتفاقية للجلاء
عن قناة السويس في 19 أكتوبر من عام 1954م، تلك الاتفاقية التى حُددت مدتها بسبعة أعوام وتنص على جلاء
القوات البريطانية جلاء كاملًا خلال عشـرين شهرًا عن منطقة قناة السويس مع ترك مرشدين للملاحة من
المهندسين المدنيين البريطانيين وفي حالة وقوع أي اعتداء على مصر من الخارج تقوم الحكومة المصرية بالسماح
لبريطانيا بالدفاع عن القناة بشرط انسحاب قواتها فور انتهاء القتال.
توقيع اتفاقية الجلاء 19 / 10 / 1954
وقعت في 19 أكتوبر 1954 بين جمال عبد الناصر كرئيس وزراء مصر وأنتوني نتنك، وزير الدولة للشئون الخارجية
البريطاني وتقضـي بجلاء البريطانيين بالكامل عن مصر في غضون عشرين شهرًا من توقيع الاتفاقية ، وانقضاء معاهدة
التحالف التي كانت قد وقعت في لندن في عام 1936، وأن تقر الحكومتان المتعاقدتان بأن قناة السويس البحرية
المصرية ، طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والإستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما
على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في 29 أكتوبر سنة 1888
وفي 18 يونيو 1956 تم إجلاء آخر جندي بريطاني عن مصر وألغيت الملكية وأعلن قيام النظام الجمهوري.
ونستكمل فى القادم ان شاء الله الأعمال الفدائية بالقناة والمعارك سياسية ضد الاحتلال.