الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : تعلم من السيسى.. كيف تدار الأوطان
القرار مسئولية

الرئيس عبدالفتاح السيسى كشف خلال احتفالية «وطن السلام» عن كيف تدار الدول العظيمة، أثبت أن الحكمة والعقل، والموضوعية وتقدير المواقف والحسابات الدقيقة، ولا مجال للعواطف، والشعارات، ودغدغة المشاعر، أو التهور والمغامرات وغطرسة القوة، الرئيس السيسى حسم الأ مر، القرار مسئولية، وأمانة أيضا، فلا يمكن أن يغامر قائد عظيم، بمصير الدولة المصرية وشعبها وهو يدرك مغبة الدخول فى حروب رغم ما لدى مصر من قوة تتفوق بها على الجميع فى المنطقة.
الرئيس السيسى تعامل مع العدوان الإسرائيلى على غزة ومخطط تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية بحكمة تدرس، وبعد نظر شديد الخصوصية كانت خياراته واضحة مدروسة بدقة، وتحركاته فاعلة ومؤثرة، ومؤلمة، لأصحاب المخطط إدار هذا الملف وغيره من الملفات، بعلم وخبرة واحترافية وهدوء وثقة لكن مع نشاط وتحرك مكثف وفاعل، والحقيقة أن ما جرى فى مصر على مدار الـ12 عامًا من تحديات وتهديدات ومخططات ومؤامرات تستهدف الدولة المصرية أثبتت حكمة القيادة، وقدرتها الفائقة على عبور هذه التحديات واجهاض المخططات والمؤامرات دون اطلاق رصاصة واحدة رغم رصيد القوة والقدرة والردع الحاسم لدى مصر هو عنوان لسلامة الحكم الرشيد، وعبقرية وحكمة القيادة.
القرار فيما يتعلق بإدارة الدولة، يعنى مسئولية عن وطن وشعب يعنى سيناريوهات عديدة تجرى دراستها بعناية وعلم ودقة، ثم اختيار السيناريو الانسب الذى يحقق الأهداف الوطنية ويجنب الدولة أى خسائر، ويسمح لها بمواصلة طريقها إلى البناء والتنمية والتقدم والحفاظ على ما تحقق من انجازات، فالرئيس السيسى اشار إلى نقطة مهمة للغاية عن تكلفة ساعة من الحرب وأنها تعيد إلى الخلف شهورًا طويلة، فما بالنا إذا استمرت الحرب شهورًا أو سنوات، فنحن لا نخاف من الحرب ولا نخشاها وجربناها، لكننا نعرف جيدًا ثمنها وتكلفتها وتداعياتها.
لم يغامر الرئيس السيسى يومًا بهذا الوطن بل حفظ له أمنه واستقراره وسلامة حدوده وأراضيه رغم اشتعال النيران من حوله فى كل الاتجاهات، بل وبرًا وبحرًا، وداخليًا وخارجيًا لكنه نجح وتفوق فى أن تمضى سفينة الوطن بسلام دون أى خسارة، لذلك كان القرار أمانة ومسئولية، بما يحقق مصلحة البلاد والعباد، وبما يضمن تنفيذ المهام والأهداف، لذلك الرئيس السيسى توقع نتائج وتداعيات أحداث 7 أكتوبر أو طوفان الأقصى، ووقفت مصر منفردة كما قلت فى مقالات سابقة خلال عامى العدوان، وفى مقالات أيضا بعناوين مختلفة هل الحرب اقتربت، هل المواجهة حانت، قلت ثقة فى حكمة الرئيس السيسى، وإدراكًا لقوة مصر وأن المجنون لا يجرؤ على اتخاذ قرار الحرب مع مصر فما بالنا إذا كان هذا المجنون منهكًا ومستنزفًا وأن السيف المصرى على رقبته بقراءة الجغرافيا والتموضع وما لدى مصر من قدرات فائقة ومنظومة ردع حاسمة، قلت إن الحرب لن تكون.. ولن تكون هناك حرب، إلا فى حالة واحدة هو المساس بالأمن القومى المصرى وخطوطه الحمراء، من خلال اعتداء أو مساس مباشر، وبالتالى فإن الطرف الآخر لن يجرؤ، لأنه يدرك أنه لن يتحمل.
مصر واجهت المشروع الصهيو ــ أمريكى منفردة عبارة كانت حاضرة فى كثير من مقالاتى وكنت أدرك لحظتها أن مصر على قدر هذا الموقف مهما كانت الضغوط، والتهديدات بل والإغراءات لان مصر دولة شريفة لا تقبل الظلم، ولن تقبل أى إغرءات حتى ولو غيرت شكل الحياة والاقتصاد فيها فالرئيس السيسى قائد عظيم وشريف والحقيقة أن هناك أطرافًا، عرضت على مصر، إغراءات خيالية عشرات وربما مئات المليارات من الدولارات واسقاط الديون كل ذلك قوبل برفض حاسم من قائد شريف، لم يتنازل أو يفرط فى شرف هذا الوطن، ولم يفرط فى حقوق الاشقاء الفلسطينيين.
إدارة الدول العظيمة ليست بالصوت العالى والاستعراض ولكن بالحكمة والفكر الخلاق، وتوظيف قوى مصر والنتيجة العظيمة التى تحققت هى قدرة مصر على إنهاء الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة وحضور قادة العالم، فى مقدمتهم رئيس أكبر وأقوى دولة فى العالم هو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مشهد تاريخى الجميع يقف يلتف حول زعيم الشرق الأوسط الرئيس عبدالفتاح السيسى، والسؤال المهم ماذا لو استجابت مصر للدعوات المغرضة والعاطفية والانفعالية، والتحريض والدفع نحو استخدام القوة المسلحة؟ والسؤال الثانى: ماذا لو وافقت مصر على تهجير الفلسطينيين وقبول الإغراءات؟ وهذا لم ولن يحدث والإجابة أن الحرب كانت مستمرة إلى الآن والفواتير والتكاليف لا تعد ولا تحصى، ولو قبلت مصر لكانت خسرت أعظم ما لديها وهو الشرف، وللأسف الشديد هناك أصوات فى الداخل والخارج كانت تطالب مصر فى إطار الشعارات والمتاجرات والظواهر الصوتية باستقبال الفلسطينيين وبالتالى ترك القطاع، لكن رؤية مصر دائمًا كدولة وأمة عظيمة هى عين الصواب والشرف قالت ماذا لو تركوها؟ هل سيعودون إليها مرة أخرى؟ وانتصرت مصر ومعها انتصرت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى سيظل على أرضه ووطنه.
مصر كانت وحيدة ومنفردة تتحرك فى كل الاتجاهات من أجل الفلسطينيين الذين يرفعون القبعة ويوجهون التحية، ويقدمون الشكر والتقدير للرئيس السيسى، وفى النهاية ربحت مصر، وتحققت إرادتها، ورؤيتها وكسبت احترام العالم، وسقطت أقنعة المتاجرين وأبواق الكذب والنفاق من العملاء والمأجورين الإخوان.
مصر خاضت وانتصرت فى معارك كثيرة وانتصرت دون أن تطلق رصاصة واحدة، انتصرت بسلاح الحكمة والمسئولية وأمانة القرار، لذلك على الجميع ان يتعلم من الرئيس السيسى، كيف تنتصر لوطنك ومواقفه، وكيف تحافظ عليه دون أن تلجأ للقوة المسلحة، مصر أكدت أنها دولة قوية وقادرة لكنها اختارت طريق السلام والعمل على ترسيخه، اختارت طريق الصدق والشرف والحكمة والصبر الإستراتيجى، وفازت، فالدول لا تدار بالغطرسة وغرور القوة، والعواطف والشعارات والمتاجرات ولكن بالحكمة والمسئولية والأمانة والشرف والثقة والهدوء وكل ذلك يرتكز على قوة الردع الرشيد.
تحيا مصر