رسالة إلى كل مسؤول في هذا البلد، يحمل على كتفه مسؤولية أمانة المنصب .. الموضوع يبدو بسيط في ظاهره، لكنه في حقيقته يمس جوهر الصورة التي تقدمها مصر أمام العالم خصوصا الحمامات العامة في المناطق السياحية.
خلال السنوات العشر الأخيرة شهدنا بالفعل نقلة في الشكل والمبنى، فتم تطوير بعض الحمامات في المتاحف والمناطق الأثرية، مثل تلك الموجودة في المتحف المصري الكبير، والتي تُدار بشكل راقٍ ومنظم.
لكن للأسف، لا تزال حمامات مناطق أخرى مثل أبو سمبل والأقصر تدار بعشوائية، تُركت للقطاع الخاص الذي يرى في السائح مصدر تحصيل لا أكثر.
يدخل السائح فيُطلب منه مبلغا من المال — لا أحد يعرف كم بالضبط — مرة 15 جنيهًا، ومرة أخرى يورو كامل، دون وجود أي معايير أو رقابة.
أما النظافة فحدث ولا حرج فهي آخر ما يفكر فيه القائمون على المكان ، السؤال الذي يفرض نفسه:
لماذا لا تكون إدارة هذه الحمامات تابعة للدولة نفسها، ضمن المنظومة السياحية العامة؟
ولماذا لا تُدمج تكلفة استخدامها ضمن سعر تذكرة الدخول لأي منطقة أثرية، بحيث تُرفع الحرج عن السائح، وتُحفظ كرامة العامل؟
النظافة ليست رفاهية، بل صورة حضارية إذ كيف يُعقل أن العامل المسؤول عن الحمام لا يملك أدوات نظافة كافية، ولا
ورق تواليت متاح إلا بعد أن “يسلمه بيده” للسائح؟
كيف لا يكون هناك جدول واضح للتنظيف كل نصف ساعة على الأقل؟
كيف نلوم السائح حين يكتب تعليقًا سلبيًا عن نظافة المكان، بينما نحن من وفرنا له هذه الصورة البائسة؟
إن الحل ليس صعبًا ..ادفعوا للعامل مرتبًا محترمًا، وضعوا له نظامًا صارمًا يربط الأداء بالجودة..اجعلوا النظافة مسؤوليته
الأولى، لا التحصيل ..وفروا له الأدوات، والمواد، والتدريب ، واعتبروا الحمام جزءًا من التجربة السياحية، لا مجرد ملحق
مهمل على هامش الموقع الأثري.
هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الفارق الكبير في نظرة العالم لنا ،وإن كنا نؤمن أن مصر بلد السياحة
والحضارة، فلابد أن تكون نظافتها عنوانًا لذلك الإيمان.
ولا ننسى أن الديانتين اللتين ندين بهما – الإسلام والمسيحية – تحضان على النظافة، وتعتبرانها من أصول الإيمان.
قد يرى البعض أن هذه مشكلة صغيرة أمام التحديات الكبرى في قطاع السياحة،لكن الحقيقة أنها جزء من الصورة