الدكتور علاء رزق يكتب : الآفق الأوروبي والنفق الإسرائيلي (١)

الدكتور علاء رزق

إستضافة مصر مؤتمر السلام بحضور زعماء العالم لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة منذ عامين ،والتى تعرضت فيها غزة لخسائر مادية تجاوزت ٨٠ مليار دولار، يمثل نقطة تحول عظيمة للإقتصاد المصري، بعد رفع التصنيف الإئتماني من قبل وكالة “ستاندرد آند بورز” من B- إلى B كدليل على الإصلاحات الهيكلية المصرية تسير في الإتجاه الصحيح، عبر مساهمات فعلية من قطاعات الإقتصاد الحقيقي وعلى رأسها الصناعة، وإستمرار نمو السياحة والاتصالات وغيرها، وتحويلات المصريين بالخارج. لكن نقطة التحول الأكبر ستكون عبر إستضافة مصر في نوفمبر القادم مؤتمراً للدول المانحة بعنوان التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية والذى سيتضمن ثلاثة محاور رئيسية، الأول تثبيت الإستقرار ،الثاني توفير الضمانات ،الثالث جذب التمويل. وهو ما قد يمثل نقطة التحول المفصلية فى الإقتصاد المصري جنباً إلى جنب مع ما تم تنفيذه للسياسات المالية والنقدية وتنفيذ سقف للإستثمارات العامة، وهي الإجراءات التي ساهمت في تعزيز إستقرار الإقتصاد الكلي، وجذب الاستثمارات الخاصة ، وعودة نمو الناتج المحلي الإجمالي رغم التطورات الجيوسياسية الصعبة على الصعيدين الإقليمي والعالمي ، وهى ركائز السردية الوطنية للتنمية الإقتصادية التى تمثل حلقة ربط بين رؤية مصر 2030، وبرامج عمل الحكومة. وبالتالي فإن نجاح مصر بأن تكون محط أنظار العالم قد جاء خلال إستضافتها قمة السلام الأسبوع الماضي بمدينة السلام شرم الشيخ ،والتى إنعكست بالإيجاب على مشاركة الرئيس السيسى الإجتماع رفيع المستوى بين مصر والإتحاد الأوروبي ، عبر تجسد رؤية مصر الواضحة تجاه بناء علاقات متوازنة مع شركائها، قائمة على الندية والإحترام المتبادل، بعيداً عن أي وصاية أو مصالح أحادية الجانب،وقائمة أيضاً على وجود رؤية متكاملة تعكس طموح الدولة المصرية في بناء تحالفات قائمة على المصالح المشتركة، وتجعل من مصر مركز ثقل سياسي وإقتصادي قادر على الإسهام بفاعلية في صياغة مستقبل أكثر استقراراً ويكون مبنى على دعم الشراكة بين ضفتي المتوسط لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وهو ما يعكس إصرار الدولة المصرية على بناء اقتصاد قوي قائم على الإنتاج والتصنيع وجذب الاستثمارات الأجنبية، في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية حادة، وهو ما يعزز ثقة الشركاء الدوليين في الاقتصاد المصري.

وبالتالي فإن انعقاد القمة المصرية الأوروبية للمرة الأولى يعكس مدى إلتزام الطرفين بتعزيز العلاقات الإقتصادية والإستثمارية، كما يعكس أن التطلعات من هذا المؤتمر تتجاوز ما كان يتم سابقاً لتشمل نتائج تدعم عملية التبادل التجاري والاستثمارى بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، لتتحقق معه مصالح الجانبين ويعزز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة كلها وعلى رأسها دولة فلسطين، وذلك عبر تأكيد الإتحاد الأوروبى ما يلى : أولا التزامه بدعم جهود مصر لتحقيق الإستقرار الاقتصادي من خلال حزمة تمويلية قدرها 7.4 مليار يورو تشمل قروضاً ميسرة واستثمارات، لتشمل تعبئة ما يصل إلى 5 مليارات يورو حتى عام 2027، في إطار مبادرة التعاون الطاقي والتكنولوجي المتوسطي، مع تسريع التحول نحو إقتصاد منخفض الانبعاثات، عبر الطاقة الشمسية والرياح وربط الشبكات الإقليمية. ثانياً: تأكيد الإتحاد الأوروبي التزامه بالتحول الأخضر العالمي وتعزيز الاقتصاد الدائري والاستثمار في الطاقة النظيفة والنقل المستدام والزراعة الخضراء، مع دعم مشاريع مثل مبادرة محور الماء والغذاء والطاقة. ثالثا التعاون في مجالات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتطوير المهارات الرقمية والبنية التحتية للبيانات.. رابعاً الموافقة على انضمام مصر إلى برنامج أفق أوروبا ما يتيح للباحثين المصريين المشاركة الكاملة في مشروعات البحث والإبتكار الأوروبية. مع دعم إصلاح التعليم الفني والمهني (TVET) وتطوير المدارس التكنولوجية التطبيقية.

وبالتالي فإننا نرى أن عقد القمة المقبلة بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة عام 2027 ستكون مسار لأفق أكثر وضوحاً، والإبتعاد عن أنفاق إسرائيل المظلمة .

وللحديث بقية إن شاء الله.

كاتب المقال رئيس المنتدى

الإستراتيجي للتنمية والسلام 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.