
قلت إن الأمن والأمان والاستقرار لا يأتى من فراغ أو يتحقق صدفة.. ولكنه نتاج رؤية وحكمة وإرادة ووعى واصطفاف وطنى واستثمار حقيقى فى بناء القدرة الشاملة.. وتشييد قواعد وأسس الدولة الوطنية.. هى رؤية متكاملة شاملة.. فإذا كانت هذه هى الأسباب والمقومات التى تحدثت عنها فى الحلقة السابقة من المقال.. ولكن ماذا عن العوائد والنتائج والثمار التى يحققها الاستقرار ويجلبها الأمن والأمان؟
دعونا نتفق ان الأمن هو أغلى النعم.. وان الحفاظ على الأمن والاستقرار هو المهمة الأصعب من تحقيقه ويتطلب ذلك مزيداً من العمل والجهد والتواصل والمصارحة والشفافية ودعم بناء الوعى والاصطفاف وتحسين جودة الحياة.. فالشعب هو أصل هذا الهدف العظيم.. لذلك نرى ان قوى الشر تتبنى حروباً جديدة تعتمد على استهداف العقول بالتزييف والتشويه والتشكيك والتحريض بالأكاذيب والشائعات واجتزاء الحقائق لتحقيق عملية الهدم من الداخل بعد السيطرة واحتلال عقول شعب الدولة المستهدف وقد تجلى ذلك فى ثورات الربيع العبرى والثورات الملونة فى بعض دول أوروبا الشرقية ومازالت هذه الحروب قائمة لا تتوقف بسبب قلة تكلفتها وخسائرها على أصحابها.. لذلك فإن عملية الحفاظ على الأمن والاستقرار لا تنتهى.. بل تحتاج إلى رؤية وإستراتيجية وعمل وجهد وإنجازات ونجاحات وشفافية ومصارحة ووعى.
الحصاد الغزير والوفير للأمن والأمان والاستقرار لا يقدر بثمن وهو ثروة أى وطن وركيزة تقدمه.. لذلك فإن الفوضى والخوف وغياب الأمن والاستقرار يؤدى إلى الهدم والتأخر والتخلف عن ركب التطور والتقدم وربما يتفاقم الأمر ويؤدى إلى كارثة ثمنها فادح وهو ضياع الوطن نفسه.. ولعل الأرقام المرعبة التى أفرزتها تداعيات الفوضى والانفلات والإرهاب ودمار وخراب الدول جراء ذلك تشهد بأن الأمن والأمان والاستقرار لا بديل عنه لتحقيق تطلعات الوطن والمواطن وبناء الدولة القوية القادرة.. لذلك أتحدث عن نتائج وحصاد الأمن والاستقرار فى مجموعة من النقاط كالتالى:
أولاً: الأمن والأمان والاستقرار ينعكس بطبيعة الحال على معدلات البناء والتنمية والإنجاز وإقامة مشروعات تصنع الفارق والاستغلال الأمثل لموارد وثروات الدولة وتوجيهها بما يحقق آمال وتطلعات الشعب.. ويدفع الوطن إلى الأمام ويحافظ على ما هو موجود ويزيده بإنجازات جديدة وهذا ما حدث فى مصر.. فقد أثمر الأمن والاستقرار عن تحقق نجاحات غير مسبوقة فى مشروع البناء والتنمية وتحقيق التقدم فى كافة القطاعات وأدت إلى تجاوز تداعيات الأزمات وايجاد حلول لمشاكل وأزمات متراكمة ومزمنة على مدار العقود الماضية وتحديث وتطوير البلاد وإنشاء بنية تحتية عصرية.. وبنية تحتية فى كافة القطاعات لتنطلق إلى آفاق جديدة وتتبوأ مراكز متقدمة فى الطاقة فى شبكات النقل والمواصلات والموانئ فى الزراعة والصناعة فى الاستثمار الأمنى فى الموقع الجغرافى المتميز وارتفاع معدلات الإنتاج والتصدير وتدفق الاستثمارات والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين.
ثانياً: الأمن والأمان والاستقرار هو الطريق والسبيل الأمثل لبناء القدرة الشاملة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً واجتماعياً.. فما كان لمصر ان تحقق هذه النجاحات والإنجازات والقوة والقدرة إلا بما لديها من أمن واستقرار وتصبح قوة إقليمية عظمى وتحظى بمستقبل واعد ومتاح لها تعظيم قوة وجاهزية جيشها الوطنى وشرطتها الوطنية والاستثمار باستمرار فى بناء الدولة الوطنية وبناء الإنسان المصرى.. فالعكس صحيح.. فالفوضى والانفلات والإرهاب هم طريق الشيطان إلى الهدم والدمار والتخلف لعقود طويلة عن ركب التقدم وإهدار الوقت والموارد وثروات البلاد.. وإذا نظرنا إلى الدول التى أسقطتها الفوضى نسـأل كم تحتاج من مليــارات الدولارات لتعـود كما كانت على الأقــل أو إصـلاح ما دمرته المخططات والمؤامرات بإشاعة الفوضى.. هناك دولة منذ سنوات كانت تحتاج لأكثر من 400 مليار ومصر أيضاً التى نجت من مخطط الفوضى خسرت ما يصل إلى 450 مليار دولار واحتاجت لوقت حتى تعود وتكلفة باهظة لإصلاح ما دمرته الفوضى.. وهناك دول سقطت رغم أنها تمتلك ثروات طائلة ومازالت تقبع تحت براثن الفوضى والانقسام وتخضع لميليشيات الإرهاب.. لذلك فإن الأمن والاستقرار هما القاعدة التى تنطلق منها التنمية ويرتكز عليها التقدم.
ثالثاً: الأمن والأمان والاستقرار هم الأساس لقوة الداخل وهى التى تشكل قوة الخارج.. فما كان لمصر ان تستعيد مكانتها ودورها وثقلها الإقليمى والدولى لولا ان شعبها على قلب رجل واحد يتمتع بأعلى درجات الوعى والاصطفاف وهو ما أتاح لها ان تستثمر فى القدرة الشاملة ومنها قوة الدور والثقل والتأثير بل أقول ان نجاح مصر فى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومواقفها القوية هو ثمرة طبيعية لمناخ الأمن والاستقرار الذى أدى إلى تعاظم قوة وقدرة الدولة الشاملة فلم تجرؤ أى قوة على فرض أمر واقع عليها أو تجاوز خطوطها أو الاعتداء على أراضيها وحدودها أو انتهاك سيادتها.
رابعاً: الوعى الحقيقى لدى الشعب المصرى العظيم خلق مناخاً مثالياً من الأمن والأمان والاستقرار والمستفيد الأول من هذا المناخ هو المواطن نفسه بل أكثر المستفيدين وينعكس على حياته وتطور المجتمع الذى يعيش فيه فلولا الأمن والاستقرار ما كانت مشروعات حياة كريمة وبناء الإنسان وتكافل وكرامة وتطوير وتنمية قرى الريف المصرى أو القضاء على العشوائيات أو تطــوير الصــحة والقضــاء على فيروس «سى» بالإضافة إلى ان الحياة الآمنة المطمئنة المستقرة فى وطنك هى ثروة وكنز حقيقى بعد المآسى والكوارث التى شهدتها دول سقطت أو شهدت اقتتالاً أهلياً أو إرهاباً وفوضى.. كان ومازال مصيرها العيش كلاجئين.. أقساها الإقامة فى مخيمات لاجئين والتشرد فى دول وأوطان أخرى وضياع الحياة بعد ضياع الوطن.. لذلك دروس مهمة جاءت من قلب الفوضى والانفلات دعمت إرادة الحفاظ على الأمن والاستقرار.
لذلك علينا ألا نغفل كشعوب عن أهمية وحتمية بل وقدسية الأمن والاستقرار.. فالأزمات الطارئة التى تعرف بطبيعة الحال طريقها إلى الحل والمعاناة المؤقتة لا محالة ذاهبة.. لكن الكارثة التى لا حل لها هى ضياع الأوطان وإذا كان الشعب أو الأجيال الحالية تدرك أهمية الأمن والاستقرار والوعى الحقيقى والحفاظ على الوطن.. إلا ان الحفاظ على ذلك أكثر أهمية ويأتى بتطوير إستراتيجيات بناء الوعى الحقيقى والتواصل المستمر وترسيخ ودعم منا خ المصارحة والشفافية وأن يحصل المواطن على القدر الكافى من الاهتمام وألا نتوقف عن مجابهة حملات تزييف الوعى والأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه وأن نرسخ الولاء والانتماء للوطن داخل الأجيال الجديدة وفق برامج وثقافة وتعليم وعدالة ومساواة لأن ذلك يحمى الوطن والمواطن.
تحيا مصر