كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية

ألقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية كلمة في ختام الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية، هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدة/ أورسولا فون دير لاين.. رئيسة المفوضية الأوروبية؛

السادة المفوضون والوزراء؛

السيدات والسادة الحضور؛

يطيب لي أن أعرب عن سعادتي، بتواجدي اليوم في “بروكسل”، والمشاركة في حفل ختام هذا الحدث الاقتصادي المهم

الذي يمثل محطة جديدة، في مسار الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث يأتي بالتوازي مع القمة الأولى، بين مصر والاتحاد الأوروبي.

وأتوجه بالشكر؛ لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث، وإثراء النقاش في جوانبه الموضوعية على مدار اليوم والذي أكد مجددًا،

أهمية وثقل الشراكة الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذي يعد الشريك التجاري والاستثماري الأول لمصر،

بنسبة تصل إلى نحو “٢٧٪” من تجارة مصر الخارجية في عام ٢٠٢٤ كما مثلت استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر، نحو “٣٢٪”

من أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر، الموجودة في مصر في عام ٢٠٢٤.

لقد تنوعت موضوعات النقاش، خلال جلسات هذا الحدث، وتناولت محاور استراتيجية، ما بين دراسة إنشاء ممر استثماري أوروبي في مصر،

يكون بوابة للأسواق الإفريقية والعربية وأفكارًا حول تعميق اندماج مصر في سلاسل الإمداد الأوروبية

وتناولًا معمقًا لدور القطاع الخاص، والتزام الدولة المصرية بدعمه، ليكون محركًا رئيسيًا للتنمية وهي كلها موضوعات،

تعكس عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين وتشعبها، وتطلعنا المشترك نحو الانتقال بها إلى آفاق أرحب، خلال السنوات القادمة.

السيدات والسادة؛

لم يأت هذا الحدث الاقتصادي، وليدا للحظة الراهنة، وإنما جاء امتدادًا لمسار متصاعد، بدأ في مارس ٢٠٢٤، بالإعلان

عن قرارنا المشترك، بالارتقاء بمستوى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة،

خلال زيارة رفيعة المستوى إلى القاهرة، للسيدة “أورسولا فون دير لاين”، رئيسة المفوضية الأوروبية، وقادة كل من بلجيكا وإيطاليا

واليونان وقبرص والنمسا وأعقبه مشاركة سيادتها لاحقا، في افتتاح المؤتمر المصري الأوروبي الأول للاستثمار، في يونيو ٢٠٢٤.

وهما الزيارتان اللتان عكستا إرادة سياسية واضحة، لبناء علاقة متوازنة وطموحة، تقوم على المصالح المتبادلة وما نشهده اليوم

هو ترجمة عملية لتلك الرؤية.

ويسعدني في زيارتي الأولى لبروكسل، بعد هذا التطور النوعي في العلاقة بين الجانبين؛ أن أعرب عن بالغ تقديري،

للسيدة “فون دير لاين”، رئيسة المفوضية الأوروبية التي لعبت دورًا محوريًا، في دفع هذا التعاون إلى الأمام.

ولا يسعني في هذا المقام؛ سوى أن أؤكد، على أننا نبادل هذا الالتزام الأوروبي، بالعمل الدءوب لتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية،

على أسس عملية ومستدامة.

السيدات والسادة؛

نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، في مسار التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ مرحلة تتطلب رؤية

أوسع وطموحًا أكبر، وسط هذه التطورات غير المسبوقة، التي شهدتها منطقتنا ومحيطنا الإقليمي، خلال الأعوام الأخيرة.

وإنني على يقين راسخ، بأن مصر اليوم؛ تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبي، وليس مجرد شريك

قريب جغرافيا.

واسمحوا لي في هذا الصدد، أن أشارككم بعض الحقائق:

أولًا- لقد اتخذت الحكومة المصرية، حزمة من الإجراءات، في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي أسفرت عن رفع التصنيف الائتماني لمصر،

من جانب مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية الرئيسية، وأشادت تلك المؤسسات وصندوق النقد الدولي،

باتباع مصر لسعر صرف مرن فضلًا عن تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع معدل النمو السنوي،

خلال الربع الأخير من العام المالي ٢٠٢٤/٢٠٢٥ إلى “٤.٤٪”، مقارنة بـ”٢.٤٪”، في العام المالي ٢٠٢٣/٢٠٢٤

بما يعكس مرونة الاقتصاد المصري، بالرغم من التحديات والأزمات الإقليمية والدولية.

وأؤكد في هذا الصدد؛ أن مصر ستواصل جهودها في هذا الإطار، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التزاما منها بتنفيذ برنامج الإصلاح،

وإحراز تقدم في مسيرتها التنموية فضلًا عن التزام مصر، بتنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي تحدد الإطار العام،

لعمل الشركات الحكومية والمملوكة للدولة وكذا تنفيذ برنامجها للطروحات الحكومية، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

ثانيًا- إن موقع مصر الاستراتيجي، يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من “١.٥” مليار مستهلك في إفريقيا،

والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي ذاته بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية،

والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة.

ثالثًا- توفر مصر منظومة متكاملة من الحوافز للمستثمرين تشمل الإعفاءات الضريبية، وسهولة تحويل الأرباح،

وتوافر العمالة المدربة منخفضة التكلفة، والطاقة بأسعار تنافسية، إلى جانب الأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي.

رابعًا- تم إطلاق “المنصة المصرية الأوروبية للاستثمار” لتكون أداة عملية لتحفيز الاستثمارات الأوروبية، إلى القطاعات

ذات الأولوية، وخلق فرص للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقًا لأولويات التنمية الوطنية ومجالات التخصص الأوروبية.

مواصلة الحوار مع مجتمع الأعمال الأوروبي

ومن هنا؛ فإنني أؤكد حرص الدولة المصرية، على مواصلة الحوار مع مجتمع الأعمال الأوروبي، للتعرف على تطلعاته،

وتجاوز أي تحديات قد تعيق استثماراته.

وأدعوكم إلى النظر إلى مصر، ليس فقط كسوق استهلاكي واعد، بل كشريك إنتاجي موثوق، يمكن أن يحتضن خطوط إنتاج أوروبية،

تخدم الأسواق العالمية والأوروبية، بكفاءة وتكلفة تنافسية.

السيدات والسادة؛

إن الحاجة إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد في منطقتينا، باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، في ظل تحديات التجارة العالمية،

وأزمات الطاقة، وتقلبات الأمن البحري ومصر يمكنها أن تكون الحليف الصناعي والتكنولوجي، الذي تحتاجه أوروبا لتأمين إمداداتها،

وتنويع مصادرها، وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي.

إننا ندعو إلى شراكة استثمارية، قائمة على المنفعة المتبادلة حيث توفر مصر فرصًا حقيقية في قطاعات استراتيجية

مثل: الصناعات الدوائية واللقاحات، وصناعة السيارات التقليدية والكهربائية، والأسمدة والبتروكيماويات، والطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، والشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، والصناعات الدفاعية، والبنية التحتية اللوجستية والنقل.

وأؤكد لكم أن استثماراتكم في مصر، لن تحقق فقط عائدًا ماليًا، بل ستسهم في بناء اقتصاد إقليمي أكثر توازنا وستدعم استقرار جنوب المتوسط، وستعزز مكانة الشركات الأوروبية، في أسواق تتوسع بشكل سريع ومستمر.

السيدات والسادة؛ أدعوكم من هذا المنبر إلى زيارة مصر، والتعرف على أرض الواقع على البيئة الاستثمارية المحفزة والاطلاع عن قرب، على ما توفره من فرص استثمارية حقيقية، وحوافز مشجعة، وضمانات جادة.

كما أدعو المفوضية الأوروبية، إلى توسيع أدوات الضمان، والتأمين للمستثمرين الأوروبيين في السوق المصري وأدعو الحكومات الأوروبية، إلى دعم نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة المشتركة، بما يخدم مصالح الجميع

وليكن هذا الحدث، نقطة الانطلاق نحو تعاون مثمر ومستقبل أفضل.

وأشكركم شكرًا جزيلًا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.