الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : بعد انتهاء الحرب .. حان وقت الحساب فى إسرائيل ..
فواتير نتنياهو الباهظة .. الحصاد المر

على مدار عامين من العدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة.. تعرضت دولة الاحتلال الإسرائيلى إلى كوارث وصدمات مؤلمة وجراح عميقة فى الداخل أبرزها حالة من الاستنزاف الشامل وسقوط أقنعة الكذب.. خسرت ولم تربح على كافة الأصعدة.. لم تحقق هدفاً ولم تنفذ تهجيراً.. فقدت رصيداً هائلاً من حصاد الأكاذيب والمزاعيم.. تهاوت أقنعة المظلومية والإنسانية بعد أن كشف الوجه الحقيقى للإجرام الصهيوني.. بات العالم على بينة من حقيقة وحشية وبربرية إسرائيل.. انقلبت عليها دول كانت من الداعمين والمؤيدين وظهرت أجيال جديدة فى ربوع الأرض تكن مشاعر الاحتقار والازدراء للكيان الذى عاث فساداً وقتلاً للأطفال والفساد وتدميراً لكافة مناحى الحياة.. وانتهاكاً واحتلالاً واغتصاباً للأرض وحقوق الآخرين.
ما لا يعرفه الكثيرون عن خسائر إسرائيل على مدار عامين من العدوان على غزة دفع جبهات متعددة فى المنطقة انها ضربات مؤلمة وموجعة للكيان.. فى الداخل والخارج فى ثقة الإسرائيليين أنفسهم فى قدرة دولة الاحتلال على حمايتهم وفى مصداقية هذا الكيان لدى العالم.. لكن بعيداً عن الفشل والهزيمة الإستراتيجية فى عدوان استمر لعامين لم يحقق أهدافه سوى جلب الخسائر فى الأرواح والمعدات.. وتراجع فى معنويات جيش الاحتلال.
صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية كشفت فى تقرير لها ان وصول العجز إلى 6 ٪ بنهاية العام الجارى سيؤدى إلى تخفيضات كبيرة قيد الاقتراح فى ميزانية 2026 فى قطاعات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية لصالح زيادة الانفاق العسكري.. لذلك بدأ المواطن فى دولة الاحتلال يشعر بالآلام وتداعيات سياسات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء المتطرف الذى قاد إسرائيل إلى استنزاف شامل وفشل ذريع وهزيمة إستراتيجية أثرت على الكيان والشعب الإسرائيلي.. بل لم تعد الإقامة فى دولة الاحتلال أملاً أو خياراً مفضلاً للشعب اليهودى أو الصهيونى بسبب عدم الشعور بالأمن والأمان.. وصعوبة الحياة وتلاشى فرص الرفاهية والعمل.. فالعلاقة بين اليهودى والكيان هى علاقة برجماتية لا تحكمها مبادئ الولاء والانتماء أو الوطنية والأرض.. ولكن المصلحة فى أغلب الأحوال.. وبات شعب دولة الاحتلال يرسم صورة بائسة لدولته فى ظل تداعيات الأوهام التى قادها نتنياهو ومغامراته بإسرائيل.. خاصة بعد توقف السياحة وهروب الاستثمارات وتراجع الانفاق على خدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وحجم الدمار الذى أصاب ممتلكات المواطنين ومنازلهم وتهجير عشرات الآلاف من مناطق إلى فنادق أو بدائل أخري.
هذه الخسائر الفادحة والهزيمة الإستراتيجية والسقوط الأخلاقى المذرى والانهيار الاقتصادى الذى أصاب إسرائيل لم يكن إلا نتيجة طبيعية لغطرسة القوة وسوء التقدير والحسابات والسياسات المتهورة والمقامرة واتباع طريق الأوهام.. والسؤال كم يحتاج الكيان الصهيونى لتعويض هذه الخسائر الفادحة اقتصادياً وعسكرياً وإقليمياً ودولياً وداخلياً وأخلاقياً وهروب شعب دولة الاحتلال وعدم الرغبة فى العيش فيها؟.. كم من الزمن تحتاج إسرائيل لرسم صورة مضللة أخرى عن إنسانية الكيان المزعومة بعد أن سقطت فى مستنقع ووحل الإبادة والإجرام حتى تعود الاستثمارات والسياحة وكيف ستعوض أكثر من 100 مليار دولار؟.. وكم تحتاج من ميزانيات لاستعواض خسائرها العسكرية وآلياتها ومدرعاتها المدمرة؟.. وكيف ستتغير الصورة عن أسلحة لطالما روجت عنها أساطير لكنها فشلت وتهاوت فى ميدان القتال وهل يمكن أن تصدق أو تثق أو تأمن أى دولة فى المنطقة لإسرائيل؟.. وماذا عن مستقبل اتفاقيات التطبيع التى كانت متوقعة مع إسرائيل؟
لم تضر إسرائيل بنفسها وبشعبها ولكنها ضربت هيبة الولايات المتحدة فى مقتل.. بدأت دول كثيرة فى المنطقة عاجلاً أو آجلاً فى بناء علاقات مع قوى دولية أخرى هناك اتجاهات نحو الصين وروسيا والهند.. وتحالفات إقليمية وعسكرية فى ظل عدم الثقة فى الحماية الأمريكية وانحيازها المطلق والكامل لإسرائيل على حساب أصدقاء وحلفاء لها فى المنطقة.
فى تقرير لمعهد واتسون للشئون الدولية والعامة بجامعة براون الأمريكية أكد أن واشنطن قدمت 30 مليار دولار دعماً لإسرائيل فى عدوانها على قطاع غزة وحروبها فى المنطقة خلال العامين الأخيرين.. هناك أصوات فى الداخل الأمريكى بدأت تتساءل لماذا تنفق الولايات المتحدة الأمريكية عشرات المليارات من الدولارات على إسرائيل وإجرامها والمواطن الأمريكى أحق بها.. هناك أجيال جديدة داخل أمريكا تكن مشاعر الاحتقار والكراهية لإسرائيل وهو ما ظهر خلال عامى العدوان على قطاع غزة فى احتجاجات ومظاهرات عارمة فى الجامعات وفى الأوساط الشبابية وأيضاً فى قطاعات كثيرة داخل المجتمع الأمريكي.
خسائر الصهاينة فى الشرق الأوسط بسبب تهور رئيس الوزراء المتطرف نتنياهو وحكومته المتطرفة فادحة للغاية على كافة الأصعدة أقلها الخسائر الاقتصادية وأخطرها فقدان الثقة والمصداقية فى الإدارة الأمريكية وهو ما دعا الصين وروسيا إلى تحركات مكثفة نحو الاستفادة من الخسائر الأمريكية وفقدان الثقة فيها فى إطار الحرب المتصاعدة بين القوى الدولية وصراع النظام العالمى بقيادة أمريكا والجديد المتطلع للظهور والتمكين.
واشنطن وتل أبيب لم تحصدا سوى خسائر فادحة على كافة الأصعدة وأخطرها الثقة والمصداقية ووجود حالة من الريبة من قبل الحلفاء والأصدقاء والبحث عن بدائل دولية وإعادة النظر فى منظومات الحماية الأمريكية.. ناهيك عن خسائر أخلاقية واقتصادية وسياسية ودولية وإقليمية باتت إسرائيل فى عزلة سياسية ودبلوماسية واقتصادية وتعرضت لهزيمة إستراتيجية استدعت تبدد الأوهام والمخططات بعد فشل غطرسة القوة فى تحقيقها والأخطر هو ارتفاع معدلات الهجرة ومغادرة إسرائيل خاصة الشباب إلى أرقام غير مسبوقة.. لكن يوجد هناك سؤال مهم ماذا عن اليوم التالى فى غزة؟.. ولكن ماذا عن اليوم التالى فى إسرائيل بعد وقف العدوان؟.. ماذا عن مصير نتنياهو؟.. ماذا عن حال المجتمع الإسرائيلي؟.. ماذا عن علاقات تل أبيب بدول المنطقة؟.. وماذا عن مصير اتفاقيات التطبيع التى كانت متوقعة؟.. الأيام القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات.
تحيا مصر