الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : «مصر – السيسى».. والشرق الأوسط الجديد
اغتنام فرصة الإقدام على قرار السلام والعيش المشترك

لا شك أن كوابيس الفشل تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف بنيامين نتنياهو بعد أن فشل مشروعه، وأوهامه فى بناء ورسم شرق أوسط جديد على مقاس خرافاته وهو الذى لطالما تفاخر وأبدى الثقة واليقين فى تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد وإسرائيل الكبرى، وأن جميع الحدود بالنسبة له مستباحة وتوهم أنه سيصل إلى تحقيق أوهامه واطماعه، لكنه استيقظ على كابوس بعد أن جاب العالم، وأوهم شعبه بقدرته على صناعة شرق أوسط جديد يتسق مع أفكاره وخزعبلاته التلمودية، وجد نفسه أنه أمام حائط صد منيع، صخرة قوية صلبة دولة عظيمة تملك كل مقومات القوة والقدرة والعبقرية، أنها مصر التى تصدت بثقة لأوهام نتنياهو، وأسقطتها بالضربة القاضية بالعقل والحكمة والإرادة والقدرة، عندما تصدت لمحاولات الهيمنة والتوسع والاحتلال واغتصاب الحقوق المشروعة، وغطرسة القوة عندما رفضت تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان غزة، والضفة الغربية، عندما اعتبرت أن المساس بالأمن القومى المصرى خط أحمر، وأن سيناء لن تكون وطنًا بديلاً للفلسطينيين، عندما أعلنت أن معبر رفح لن يكون بوابة لخروج وتهجير وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، وعندما رفعت الكارت الأحمر وقالت لن يحدث، عندما أكدت أنها لن تشارك فى ظلم، وجاء القول الفصل، بأنه لا أمن ولا استقرار ولا سلام فى الشرق الأوسط بدون حل عادل للقضية الفلسطينية.
الشرق الأوسط الذى رسمه خيال نتنياهو المريض هو بؤرة صديدية للصراع والحروب والدمار والخراب وبيئة خصبة للإرهاب وغطرسة القوة واغتصاب والتهام الأراضى وانتهاك سيادة الدول هو استمرار للقتل والدمار ومعاناة الشعوب، هو مخطط شيطانى، نتاج خطيئة الاوهام يسقط الشرعية والقوانين الدولية، ويدمر مصداقية النظام العالمى، ويطلق يد إسرائيل الاثمة لتعيث، توسعًا واحتلالاً وانتهاكًا ويشعل نيرانًا لاتخمد، ويقوض مستقبل المنطقة، ويهدر حق الشعوب فى الغد الأفضل ويزيد من معاناتها، ويخلق أجيالاً تتبنى العنف والأعمال المسلحة، فى حلقة لا تنتهى.
الشرق الأوسط الجديد فى عقل نتنياهو لصوصية وسرقة مقدرات وأوطان، وسيادة وعودة إلى سياسة الغاب، فمن ولد لقيطًا يسعى لاغتصاب حقوق الآخرين، بغطرسة القوة، وفرض الأمر الواقع دون أى اعتبار لقوانين دولية أو إنسانية، ويجعل دولة الصراع لا تنتهى.. الفكرة الخبيثة، والأوهام المريضة لمخطط الشرق الأوسط فى العقلية الصهيونية يعنى رسم صياغة وتقسيم جديد لدول المنطقة أو معظمها، بمعنى أن تحصل إسرائيل على أجزاء من دول المنطقة، وتقسم الباقى حتى لا تقوم لها قائمة.
هذا المشروع الشيطانى سقط وتحطم على صخرة الإرادة المصرية، وما ترتكز عليه من قوة وقدرة، ومواقف حاسمة، تصدت لمخطط التهجير وهو عصب مخطط إسرائيل الكبرى لذلك فإن الأوهام ربما تعطلت أو أجلت لكنها لم ولن تنجح، خاصة أن دول المنطقة انضمت للرؤية المصرية، وفى حالة اتحاد وتحالف.
الشرق الأوسط الجديد القائم على العــدل، والتعايش والاحترام، رؤية مصرية، ترى طريقها للنور، تحــدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تصريحاته وكلمته خلال قمة السلام بشرم الشيخ للتوقيع على اتفاق إنهاء الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة بحضور كبار قادة العالم.
قال الرئيس السيسى، مصر تتطلع لتحقيق السلام وستتعاون مع الجميع لبناء شرق أوسط جديد خال من النزاعات، شرق أوسط يتم بناؤه على العدالة والمساواة فى الحقوق وعلاقات حسن الجوار والتعايش السلمى بين جميع شعوبه بلا استثناء هكذا قالت مصر القوية القادرة الفاعلة لكنها عادلة وحكمة لا تقتدى ولا تجوز ولا تطمع ولا تغدر والاكثر التزامًا بالقوانين والشرعية الدولية، فمن حق دولة العدل والقوة والقدرة ان ترسم ملامح الشرق الأوسط الجديد الذى يحقق أهداف وغايات جميع دول وشعوب المنطقة، بعيدًا عن عقيدة الدمار والقتل وغطرسة القوة، ونهم وجشع التوسع والاحتلال واغتصاب الأوطان وهو ما ينعكس على دول العالم بطبيعة الحال وهو العالم الذى رفض وتصدى لمخططات إسرائيل فى اشعال النيران، والصراعات، ورفع معاناة دول وشعوب العالم على كل الأصعدة.
الرئيس السيسى أكد فى كلمته، أن الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحمل دوامة مستمرة من الحروب المطولة والمفاوضات المتعثرة أو التطبيق المجزأ أو الناقص أو الانتقائى للشروط التى تم التفاوض عليها بنجاح ويجب أن تكون المآسى التى شهدناها خلال العامين الماضيين تذكيرًا للاجيال القادمة تستحق ما هو أفضل من اخفاقات الماضى.
نداء الرئيس السيسى المتكرر للشعبين الفلسطينى، والإسرائيلى رسالة قوية ومهمة تنبع من دولة جديرة بالثقة وهى دعوة للسلام والتعايش بين شعوب المنطقه مع التأكيد على الحق الفلسطينى المشروع فى إقامة دولته المستقلة لتعيش بجوار إسرائيل دون صراع أو حروب.
الرئيس السيسى قال إذا كانت شعوب المنطقة ومازالت تنعم جميعها بحقوقها فى دولها الوطنية المستقلة فإن الشعب الفلسطينى ليس استثناء فهو أيضا له حق فى أن يقرر مصيره وأن يتطلع إلى مستقبل لا يخيم عليه شبح الحرب وحق أن ينعم بالحرية والعيش فى دولته المستقلة جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، حديث الرئيس السيسى فى شرم الشيخ لا ينفصل عن أحاديثه المتكررة أنه لا سلام فى الشرق الأوسط بدون حل الدولتين بل منذ سنوات فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أطلق النداء للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى بأهمية اغتنام فرصة الإقدام على قرار السلام والعيش المشترك وكررها فى شرم الشيخ موجهًا حديثه للشعب الإسرائيلى قائلاً «فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمى ولنتعاون فى تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة، هذا هو الشرق الأوسط الجديد كما تريده مصر وهو جوهر رؤيتها التى تقوم على العدل والمساواة والسلام والاستقرار والبناء وتحقيق آمال وتطلعات الشعوب».. شرق أوسط جديد خال من كل تهديد من كل ما يهدد استقراره وتقدمه.. شرق أوسط تنعم فيه جميع شعوبه بالسلام والعيش الكريم ضمن حدود آمنة، وحقوق مصانة، شرق أوسط منيع ضد الإرهاب والتطرف، خال من جميع أسلحة الدمار الشامل، هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذى تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليميًا ودوليًا.
تحيا مصر