الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب :رسائل من «قلب» شرم الشيخ ( (2-2

العالم على مدار عامين، لم يهدأ ظل ثأثرًا، ساخطًا على إجرام إسرائيل فى حق الفلسطينيين بعد حرب الإبادة والتجويع والحصار وقتل الأطفال والنساء، اهتزت الإنسانية، وخرجت الشعوب بالملايين حتى الدول التى تؤيد وتدعم إسرائيل، أجيال جديدة من الشباب أدركوا حقيقة إسرائيل تألموا بعد أن شاهدوا جرائم مروعة للموت قصفًا أو حرقًا أو جوعًا.. هذا العالم، استشاط غضبًا وحاول وسعى وكافح وجاهد من أجل وقف جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين وإنهاء الحرب، حتى شعب الكيان، إذن السؤال هنا ماذا عن موقف وانطباع العالم والشعوب التى حفظت للإنسانية احترامها عندما ترى وتشاهد وتسمع أن مصر نجحت فى إيقاف هذه الحرب البربرية والهمجية.. أن الحل خرج وصدر الاتفاق وتم فى شرم الشيخ المصرية، وبرعاية وهندسة وعبقرية قائد عظيم وأمة شريفة.
اعتقد أن هناك صورة ذهنية عبقرية عن مصر، قوامها القوة والقدرة على إنجاز اتفاق وقف وإنهاء الحرب، أيضا ستكون مصر حاضرة فى جميع دول العالم بسبب هذا الإنجاز التاريخى، وستكون شرم الشيخ مدينة السلام هى سؤال الجميع، هذا للعامة من شعوب العالم، ولكن النخب والمثقفين والمسئولين فيها سيكون سؤالهم، من أين لمصر هذه القوة والقدرة حتى تستطيع أن تجهض مخطط التهجير، وتفرض إرادتها، وتتصدى لضغوط أكبر وأقوى دولة فى العالم، لذلك فالرسائل والمكاسب، والدروس ليست أمنية وعسكرية ودبلوماسية واقتصادية فحسب، ولكنها رسائل متعددة وكثيرة، خاصة حديث العالم عن مصر، حديث يدعونا للفخر، هو حديث عن الشرف والقدرة.
لك أن تتخيل ما هو موقف دول وجماعات وأبواق وخلايا الكترونية شنت حملات ضارية دون توقف على مدار 13 عامًا من الأكاذيب والتشويه والتشكيك فى كل شىء، حتى فى مستحيل لا يمكن أن تفعله مصر.. ثم تسقط كل هذه الحملات والأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه فى لحظة عن إعلان مصر نجاحها فى الوصول لاتفاق لإنهاء الحرب فى غزة، ليتأكد للجميع فشل مخطط التهجير، وأن سيناء كانت وستظل مصرية، تخضع لسيادة هذا الوطن محمية مؤمنة بشعبها، وأن مصر دولة عظيمة شريفة لا تفرط فى حبة رمل واحدة، ولا تدخل فى صفقات مشبوهة، لذلك سقطت أحاديث الإفك، وباتت منتهية الصلاحية وأدرك الجميع أن أبواق الشر والخيانة هى جزء من المؤامرة على مصر، وإنها أسيرة وأداة المخطط الصهيونى وأوهام إسرائيل الكبرى، وأيضا ازداد وارتفع منسوب الوعى لدى المصريين وثقتهم فى قدرة وطنهم، وايقنوا أن رؤية البناء والتنمية كانت على حق، وأن من أطلقوا العنان للتشويه والتشكيك والأكاذيب مجرد خونة وعملاء، جل أهدافهم تخريب وتدمير الأوطان وتشريد الشعوب وتغييب وتزييف الوعى، وتمهيد الأرض لمؤامرات ومخططات إسرائيل هذا هو دور جماعة الإخوان الإرهابية الذى تكشف خلال السنوات الأخيرة وتحديدًا منذ يناير 2011 حيث قادت مخططات الفوضى مع ميليشيات وجماعات الإرهاب الأخرى وتأكد للجميع، أن هذه الجماعات تم تصنيعها على أيدى أجهزة مخابرات.
لك أن تتخيل الرسالة، التى يحملها حضور ومشاركة 21 من قادة أكبر دول العالم، الرئيس الأمريكى ورؤساء فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا وقبرص وفلسطين وقطر وأندونيسيا وأذربيجان ورؤساء وزراء إيطاليا وأسبانيا والكويت والمجر وأرمينيا وكندا وباكستان والعراق والنرويج ونائب رئيس دولة الإمارات ووزير خارجية سلطنة عمان، والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس المجلس الأوروبى وأمين عام الجامعة العربية ووزير الخارجية الهندى والسفير اليابانى، باختصار العالم فى مصر، والسؤال هنا كيف تكون صورة مصر لدى دول وشعوب العالم الذى تابع وثار وناضل على مدار عامين من أجل إنهاء حرب الإبادة على الفلسطينيين؟ وها هى تنتهى من مصر وبفضل إرادتها ورؤيتها.
الحقيقة الثانية أن الدور والمكانة وقيادة الشرق الأوسط، وتعويل العالم، وشروطها ومواصفاتها ومقوماتها ترتبط بمصر أقدم دولة فى العالم، حدود لم تتغير منذ آلاف السنين.. أرض الأمجاد والانتصارات، أقدم جيش نظامى على هذه الأرض، وأحد أقواها الآن، وأقوى جيوش المنطقة، و شعب صلب يصنع الفارق تجرى فى دمائه جينات حضارية وصفات شديدة الخصوصية، وقيادة وطنية استثنائية نجحت باقتدار فى أن تعيد أمجاد الأمة المصرية وتضعها على طريق القوة والقدرة والفرص والمستقبل الواعد، انقذت البلاد والعباد من الضياع والسقوط، وسابقت الزمن من أجل بناء الدولة الحديثة القوة والقدرة التى قررت ألا يتكرر خطر الضياع والسقوط وألا تفرط فى امتلاك القوة والقدرة والتقدم وأن طريق الإصلاح والبناء والأفكار الخلاقة هو الأنسب لتحقيق الأهداف.
حكمة القيادة المصرية، وقدرتها على الحفاظ على أمن واستقرار البلاد فى مواجهة مخطط التهجير والفوضى، ونجاحها فى الوصول إلى اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى غزة، لم يغامر أو يستدرج بل تحلى بالحكمة والصبر الإستراتيجى، والأداء السياسى والدبلوماسى الفاعل والمؤثر، كل ذلك رسالة مهمة وعبقرية لمن اختار مصر للاستثمار فيها، وإقامة مشروعات اقتصادية وكل من يفكر فى استثمار أمواله فى مصر فى فرص كثيرة وثمينة، فهذا النجاح الكبير فى الوصول إلى الاتفاق والحفاظ على الأمن والاستقرار مميزات جاذبة إضافية لقائمة طويلة من المقومات والأسباب لتحقيق النجاح الاقتصادى وجذب الاستثمارات فى ظل بنية تحتية عصرية، وتيسيرات غير مسبوقة، وقطاعات وفرص، وتوفر كافة أنواع الطاقة، وحماية الدولة لهذه الاستثمارات كل ذلك يشير إلى أن مصر هى المستقبل، وقبلة الاستثمارات، ومركز الاستقرار السياسى والاقتصادى، مما يؤدى إلى تدفق الاستثمارات ونشاط فى قطاع السياحة، وثقة فى قدرة الدولة المصرية على حماية الاستثمارات الأجنبية والمحلية، لذلك فإن دروس ومكاسب نجاح مصر فى الوصول لاتفاق إنهاء الحرب فى غزة واستضافة هذا العدد الكبير من زعماء العالم فى شرم الشيخ وكأننا فى الأمم المتحدة هو حدث استثنائى يجسد جدارة وأهمية وثقل ومكانة الدولة المصرية فى عهد السيسى.
تحيا مصر