الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق : رسائل من «قلب» شرم الشيخ ( ١-٢

فشل مخطط تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، وتوطينهم فى سيناء ولم يجرؤ أحد على الاقتراب أو المساس بالأمن القومى المصرى، أو خطوطها الحمراء، فرضت مصر إرادتها دون ضجيج، انتصرت على الجميع، حطمت غطرسة القوة، بقوة الحكمة وحكمة القوة، لدرجة أن كل ما قالته وطلبته القاهرة، يتحول إلى واقع الآن، فالقضية مازالت على قيد الحياة، تتعافى، وتكسب أرضًا جديدة، وتحظى بدعم دولى لأن هناك أمة عظيمة ترعاها، إنها مصر، والتهجير فى مهب الريح لم يبارح عقل نتنياهو المريض، مجرد أوهام تطارده وتجثم على صدره ويأس مطبق أن يرى الواقع وتبخرت أضغاث أحلام إسرائيل الكبرى، توقفت الحرب كما طلبت مصر، ودخلت المساعدات، كما أرادت، وسوف تنفذ خطة إعمار قطاع غزة، طبقا لرؤية مصر.
نجحت مصر، لأنها أرادت، وفشلت المخططات، لأن مصر رفضت وتصدت، ليتأكد أن نهاية طريق الشرف أمجاد وانتصارات وأهداف تتحقق لا محالة.
إتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب الإسرائيلية فى غزة قطع ألسنة الكذب، ودمرأحاديث الإفك، وفضح حملات شرسة لنشر الشائعات والتشويه والتشكيك، صفعات على وجه الخيانة الإخوانية، ليس فقط من عبقرية نجاح مصر فى إيقاف الحرب ولكن اثبات واقع وشهادة موثقة أن كل ما تحقق على مدار 12 عامًا كان معجزة بناء دولة حديثة قوية وقادرة تستطيع أن تدرك هذه الحقيقة وأن تنظر وتتأمل فى قوة وصلابة مواقفها، فى نديتها فما لا تريده لم ولن يمر، لذلك لم يكن اتفاق شرم الشيخ إلا عملاً يليق بما وصلت إليه الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، عكس قوة مؤسسات الدولة.
الجميع ربح من اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى قطاع غزة، لكن صاحب العقل والذكاء والحكمة والرؤية هو سبب هذه الارباح، وهو الأكثر أرباحًا أيضا على كافة الأصعدة وهو بطل المشهد برمته وهذا ليس كلامى فقط ولكن شهادة الأمريكان، الرئيس دونالد ترامب ثم وزير خارجيته فى اتصال مع الدكتور بدر عبدالعاطى وزير خارجية مصر، ثم ستيفن ويتكوف المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط الجميع أقروا أنه لولا مصر وقيادتها وحكمتها ما وصل الجميع إلى اتفاق شرم الشيخ، لكن هناك رسائل ونتائج أخرى باتت واضحة وحاسمة للجميع، لا أحد يستطيع إنكارها ولا تخطئها العين، نتائج فارقة صنعتها قيادة وطنية مصرية استثنائية، نجحت فى بناء دولة تملك أدوات ومقومات القوة والقدرة لقد ربحت وكسبت مصر الكثير من اتفاق شرم الشيخ، حسمت المباراة، وكسبت البطولة وجلست على سدة المنطقة، الجميع يصفقون وينحنون لها، ويقررون أنها القوة الإقليمية الأعظم، وأن فى يدها مفاتيح الحل والأمن والاستقرار والسلام، وأنها جديرة بقيادة الشرق الأوسط، بحكمة وشرف، وبات العالم يعول عليها.
رسائل ونتائج مهمة وملهمة من قلب مدينة السلام شرم الشيخ، تدعم قوة مصر وحكمة قيادتها وجودة مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، وأن جميع المحاور التى تضمنها هذا المشروع تحقق فى النهاية هدفًا واحدًا هو بناء قدرة الدولة الشاملة والمؤثرة وهو ما تجلى فى مواجهة تحديات وتهديدات وجودية، وأزمات قاسية، عبرتها الدولة المصرية ــ لذلك لابد من التأكيد على نتائج ودروس ورسائل اتفاق إنهاء الحرب فى غزة الذى قادته مصر.. كالتالى
أولاً: مصر أحبطت مخطط التهجير وحلم إسرائيل الكبرى، وبات العالم على يقين أن هذه الأوهام لن تتحقق طالما مصر تتصدى لها، والسبب الحقيقى الذى أجبر إسرائيل على الموافقة على إنهاء الحرب هو الإدراك أن المخطط لن ينفذ ولن يرى الواقع، لأن مصر القوية القادرة الرادعة لم ولن تقبل.
ثانيًا: تدشين مدرسة جديدة أتت ثمارها ونتائجها القوية وحققت أهدافها، هى السياسة التى ترتكز على الاخلاق، رغم أن ذلك ليس من صفات السياسة، ولكنها مدرسة الشرف المصرية، لذلك فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى اتخذ من الحكمة طريقًا لمواجهة التحديات والأزمات، ولم يغامر يومًا بمصر وشعبها، وحافظ على قدرات، وثروات وأمن واستقرار الوطن.. وحفظ له مسيرة البناء والتنمية، لكنه فى ذات الوقت واصل طريق بناء القوة التى تحمى الوطن وتردع الاطماع والأوهام والمخططات.
ثالثًا: أن الاستثمار فى بناء مؤسسات الدولة حقق أهدافه، وباتت مصر تعمل بنظرية الفريق الواحد، الذى يكمل بعضه البعض، يعتمد على التطور والعلم، وكنوز الخبرات، والاستثمار فى بناء الكوادر فمن قاد المفاوضات فى شرم الشيخ مؤسسة مصرية وطنية هى واحدة من الأفضل فى العالم، تمتلك رصيدًا غير محدود من الخبرات والاحترافية والكوادر شديدة الخصوصية والعقول الخلاقة ونجحت بامتياز فى تحقيق الأهداف بذكاء وعبقرية.
رابعًا: نجاح مصر، وانجازها العظيم فى الوصول لاتفاق إنهاء الحرب فى غزة، إنجاز إقليمى وعالمى مشهود، وهو بمثابة الصاعقة على حملات الخسة والأكاذيب والتشويه والتشكيك ضد مصر، بل سقطت جميع الأكاذيب وحملات التشويه على مدار 12 عامًا خاصة تلك التى تتعلق بسيناء، كل ذلك الكذب انهار وفضح خيانة الإخوان، وتفاصيل المؤامرة على مصر، فقد تأكد الجميع أن مصر هى الأشرف وهى صاحبة المسئولية والرعاية والاحتضان التاريخى للقضية الفلسطينية لم تفرط فى حق الشعب الفلسطينى المشروع بل وافقت وضحت من أجله ومنعت مخططات تهجير الشعب الفلسطينى وقالت بأعلى صوت إنها لن تشارك فى ظلم، لكن هل انتهت حملات الأكاذيب والتشويه والتشكيك ضد مصر، هل تتوقف خيانة وعمالة الإخوان فى ظنى أنه لن يحدث، لأن الجماعة الإرهابية لا تملك من أمرها شيئًا.
خامسًا: اتفاق شرم الشيخ سوف يلقى بظلاله وآثاره الإيجابية على دول وشعوب المنطقة ويخفف حدة الأزمات الاقتصادية وعودة المشهد إلى طبيعته، والمضى نحو الهدوء والأمن والاستقرار والسلام لكن فى ظنى سيكون نهاية لعصر نتنياهو، وإعلان الداخل الإسرائيلى بشكل واضح ضرورة التخلص منه، وتراجع فرص اليمين المتطرف فى إسرائيل.
تحيا مصر