الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : لغة الأرقام.. لا تكذب

الزراعة.. النجاح رؤية وإرادة

الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق

لا يوجد نجاح بدون رؤية وإرادة، والطفرات والمنح، تولد من قلب المحن والشدائد والأزمات فقد عانى قطاع الزراعة خلال العقود الماضية وتحديداً قبل عام 2014 تدهوراً كبيراً.. وتراجعاً خطيراً، خاصة أنه يمس أحد الأبعاد المهمة من الأمن القومى، فالأمن الغذائى دعامة رئيسية وأساسية تتطلع إليها دول العالم تعكس الاستقرار والاطمئنان والثقة.. لذلك ما تحقق فى قطاع الراعة فى مصر ومازال لا أبالغ إذا قلت إنه أحد أهم إنجازات دولة 30 يونيو التى صنعت الفارق فى هذا القطاع الذى واجه الكثير من التحديات سواء فى ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية وأكثرها خصوبة، التى تتوفر لها كافة مقومات فى إشارة إلى البناء العشوائى، وهو الأمر الذى مثل خطراً داهماً على الأمن الغذائى فى ظل تراجع ساحة الرقعة الزراعية مع نمو سكانى مثل خطورة بالغة فى هذا التوقيت، ثم فقدان رؤية التوسع والاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية، أو تدبير موارد مائية إضافية فى ظل محدودية هذه الموارد، وعدم تطبيق نظم الرى الحديث والسؤال هنا ماذا لو استمرت هذه التحديات بل التهديدات والأزمات مع ارتفاع النمو السكانى فى مصر الذى وصل لأكثر من 27 مليون نسمة منذ 2011 بعد أن أصبح عدد السكان فى مصر 107 ملايين.

الأرقام والبيانات والمؤشرات تشير إلى إنجازاً عظيم فى قطاع الزراعة وهذا النجاح يزيد سنوياً مع استكمال الرؤية فى هذا القطاع، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أعلن خلال الأيام الماضية أن الصادرات الزراعية المصرية منذ بداية العام أى 9 أشهر سجلت 7.5 مليون طن بزيادة قدرها 650 ألف طن مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى وهذا يعكس حجم النمو المتواصل فى قطاع الزراعة وأيضاً الفارق بين حال هذا القطاع فيما قبل انطلاقة ملحمة البناء والتنمية فى كافة القطاع قبل 12 عاماً وما وصل إليه الآن وتسجيل أرقام غير مسبوقة، خاصة أن الصادرات الزراعية المصرية تصل إلى 167 دولة حول العالم وهناك أسواق جديدة مستهدفة فى الفترة القادمة مع زيادة الرقعة الزراعية والإنتاج فى ظل ثقة دول العالم فى جودة المنتجات المصرية على كافة الأصعدة.

هذا النجاح الكبير لم يأت من فراغ بل له أسباب ومقومات بدأت بإيقاف نزيف الأراضى الزراعية بإجراءات حاسمة وحازمة، وإيجاد البديل أمام المواطنين وبدلاً من البناء على الأراضى الزراعية، توفر الدولة مئات الآلاف من الوحدات السكنية فى كافة المحافظات وأيضاً التوسع فى استصلاح وزراعة ملايين الأفدنة بنظام المدن الزراعية الشاملة والمتكاملة، وترى هذا النموذج فى الدلتا الجديدة ومشروع مستقبل مصر حيث نظام زراعى متكامل، زراعة، وتصنيع زراعى، وطرق ومحطات كهرباء، ومصانع مكملة، ووسائل نقل إلى الأسواق والموانئ، فالدلتا الجديدة تستهدف استصلاح وزراعة 2.2 مليون فدان من خلال توفير أكبر محطة للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى أو إنشاء أكبر نهر صناعى وأيضاً هناك نصف مليون فدان فى سيناء تعتمد على الرى من محطة البقر للمعالجة الثلاثية وهناك أيضــاً شــرق العوينـات وتوشــكى التى أعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى إحياء هذا المشروع العملاق الذى يعد إضافة قوية للأمن الغذائى فى مصر وأزال كافة التحديات التى تواجه تنفيذه والاستفادة منه وتحويله إلى طاقة نور وهناك أيضاً فى الوادى الجديد والصعيد ما يصل إلى 650 ألف فدان وتبلغ الرقعة الزراعية الجديدة أكثر من 4ملايين فدان تضاف تدريجياً إلى الرقعة الزراعية القديمة لتحقق مصر إنجاز غير مسبوق وطفرة حقيقية فى هذا القطاع.

الرؤى والفكر الخلاق أساس النجاح، نظام المدن الزراعية الشاملة والمتكاملة بدلاً من المشروعات الزراعية المتناثرة تمثل ركيزة أساسية فى نهضة قطاع الزراعة، وارتفاع معدلات الصادرات الزراعية المصرية الطازجة، أو المصنعة وتطبق عليها أعلى معايير الجودة والسلامة وهو ما رفع سقف الثقة من دول العالم فى هذه الصادرات، والتصدير لـ167 دولة رقم غير عادى بالإضافة إلى تحقيق عامل مهم فى توفير احتياجات المصريين من الحاصلات والمنتجات الزراعية دون نقص أو عجز، بل توفير احتياجات ضيوف مصر من اللاجئين والسائحين والأجانب المتواجدون لمصر.

باتت الزراعة مصدراً مهماً ورئيسياً للتصدير وجلب موارد من العملات الصعبة بلغت العام الماضى 10.8 مليار دولار ليكون هذا الإنجاز متعدد الفوائد والعوائد على مستويات ومجالات مختلفة سواء فى تلبية الاحتياجات الداخلية أو التصدير، أو جلب ما يقرب من 11 مليار دولار فى العام الماضى سوف ترتفع مع نهاية هذا العام، لتشير إلى ارتفاع التدفقات الدولارية مع زيادة الاستثمارات والصادرات الأخرى، وتحويلات المصريين ومع عودة الهدوء والاستقرار للمنطقة والبحر الأحمر ستعود قناة السويس إلى معدلاته الطبيعية فى تصاعد عوائدها من العملات الصعبة وهو ما يدفع الاقتصاد المصرى إلى تحقيق أهدافه وكذلك ينعكس على المواطنين وتحسين أحوالهم وظروفهم المعيشية وتطوير الخدمات المقدمة لهم.

لم يعد تحقيق الأمن الغذائى أمراً هيناً بل صار هدفاً إستراتيجياً ووجودياً فى ظل ما قد يحدث فى العالم من ظروف طارئة وجوائح، وأزمات وصراعات غير متوقعة تتسبب فى عزلة دولية، أو خلل فى منظومة التوريد واللوجيستيات فى العالم.

ما يميز تجربة مصر فى التنمية على مدار 12 عاماً إنها حققت طفرات حقيقية فى مختلف القطاعات سواء البنية التحتية من طرق وموانئ ووسائل نقل ومواصلات ومدن جديدة ورؤية لربط كل هذه القطاعات لتتكامل وتحقق الأهداف الإستراتيجية فلا توجد استثمارات بدون بنية تحتية ولاصادرات دون أن تتوفر لها المقومات الأساسية.. والدولة تعمل على تأسيس قاعدة صناعية تتقدم لتحقيق أسس التقدم من نهضة زراعية وصناعية وبنى تحتية وتدفق للاستثمارات وإعداد وتأهيل وبناء للإنسان المصرى بشكل عصرى، فى رؤية متكاملة تنطلق من الإصلاح والتطويروالتحديث والأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا ومواكبة العصر.. لذلك مهم أن يعى المواطن جيداً قيمة ما تحقق وأيضاً أن يجنى ثماره.. الزراعة جزء من كل، فى ملحمة أو معجزة تنموية نقلت مصر إلى مرحلة جديدة وآفاق نحو تحقيق أهداف التقدم، والقادم أفضل طالما تمتلك إرادة الوعى والاصطفاف والإصلاح والبناء، وأن تكون على قلب رجل واحد.

تحيا مصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.