الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : دول المنطقة تعتبر الكيان أخطر تهديد .. والأوهام فى مهب الريح
إسرائيل والهزيمة الإستراتيجية 2/2

لم تنجح إسرائيل فى فرض الأمر الواقع وتنفيذ مخطط التهجير.. وأوهام إسرائيل الكبرى بالحرب والإبادة والتجويع رغم الدعم الأمريكى المطلق لدولة الاحتلال.. لذلك فإن الكيان تعرض لهزيمة إستراتيجية وخسر كما يقولون «الجلد والسقط» رغم ان الأوهام مازالت تسكن فى عقول حكومة المتطرفين المريضة إلا أنها عجزت عن تحقيق أهدافها وأوهامها بسبب صلابة وقوة الموقف المصري.. بل تسبب غباء حكومة نتنياهو فى أن تفقد تل أبيب كل شيء.. حتى الذين تربطهم بها علاقات جيدة.. وأيضاً الدول المحتملة لتطبيع العلاقات معها.. فى ظل حالة الريبة والشك فى نوايا إسرائيل التى كشفت عنها مع الهجوم الغادر على قطر الشقيق وبات الجميع فى المنطقة يعتبرون إسرائيل أخطر تهديد.. لذلك بدأت تحركات دول المنطقة نحو التقارب والتحالف للوقوف فى وجه أطماع وأوهام الكيان الصهيونى وظهرت تحالفات بين بعض دول المنطقة مع باكستان والهند وعادت العلاقات بين دول كانت ثمة خلافات بينها إلى الأفضل.
فى الجزء الأول من هذا المقال قلت إن دول المنطقة باتت فى أعلى درجات الانتباه واليقظة لمخططات إسرائيل التى لا تستثنى أحداً واتجهت هذه الدول للتردد بالقوة والقدرة والتحالف لتشكيل جبهة موحدة فى وجه أوهام الكيان وعربدته فى المنطقة والذى يعتنق عقيدة الغدر.
خسائر إسرائيل فى حرب أو عدوان العامين أكثر مما توقع الجميع على كافة الأصعدة العسكرية والأمنية والاقتصادية من عشرات المليارات من الدولارات وحالة من الاستنزاف والأرواح والمعدات والآليات وهروب الشركات والاستثمارات وتوقف السياحة وأيضاً عزلة سياسية ودولية وتراجع حاد على المستوى الدولى فى علاقات إسرائيل وسقوط أقنعة الصورة المزيفة من صورة إسرائيل التى رسمها الإعلام الصهيونى ولم يعد شعب دولة الاحتلال يثق فى قدرة الكيان على حمايته.. وباتت أعداد المغادرين لإسرائيل تفوق بكثير أعداد الوافدين إليها.. ناهيك عن هروب بعشرات الآلاف وبالتالى نحن أمام ظاهرة تمثل كارثة لإسرائيل فى عدم رغبة اليهود للإقامة فيها.
صورة ومصداقية إسرائيل فى أدنى درجاتها وبات العالم والرأى العام فى مختلف دول العالم خاصة الشباب وطلاب الجامعات من الأجيال الجديدة حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية والعرب يدركون حقيقة إسرائيل وإجرامها وسقوط مظلومياتها وأقنعة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المزيفة.. بعد هذه المجازر والإبادة والتطهير العرقى الذى مارسته فى قطاع غزة وقتل الأطفال والنساء بشكل غير مسبوق واستخدام التجويع كسلاح لطرد الفلسطينيين من أراضيهم.. لذلك مأزق إسرائيل أكبر من أى تصور ولن تستطيع ترميم صورة المجرم فى العقل العالمى حتى لو أنفقت مليارات الدولارات حتى وأن وظفت الإعلام الصهيونى فى سبيل رسم صورة جديدة مزيفة لن تفلح.
لكن السؤال المهم إلى أين تتجه المنطقة فى حال انتهاء العدوان الصهيونى على غزة خاصة أن ممارسات وسياسات وجرائم وانتهاكات إسرائيل خلال العامين أحدثت فجوة عميقة فى العلاقات بين تل أبيب ودول المنطقة ولم تعد هناك ثقة أو مصداقية فى دولة الاحتلال هل سيكبر التحالف «العربي- الإسلامي» ويصل إلى قوة عسكرية مشتركة.. وهل ستبرز الوحدة العربية وتتخلص من المعوقات والصعوبات والثغرات والخلافات.. وهل سيظهر كيان دفاعى عسكرى عربى يتصدى للتحديات والتهديدات الوجودية التى تواجه أمة العرب فى ظنى أنه لا محالة من الاتجاه نحو تحقيق هذه الأهداف التى تنتظرها سواء الشعوب العربية أو الإسلامية بعد حالة اليقين لدى الجميع دولاً وشعوباً بخطورة التهديد الصهيو ــ أمريكى والسؤال المهم أيضا إذا توقفت الحرب فى غزة ونجح الوسطاء فى بلورة خطة ترامب فى اتفاق شامل يؤسس للسلام فى المنطقة.. ماذا عن مصير بنيامين نتنياهو المتطرف ومجرم الحرب هل سيرضخ لمصيره فى التحقيق والاتهامات والفشل الذريع والفساد والتسبب فى 7 أكتوبر 2023 والخسائر الفادحة التى تعرضت لها إسرائيل خلال العامين الأخيرين سواء الخسائر فى الأرواح والمعدات والدمار والخسائر الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية أم أنه سوف يشعل ناراً جديدة ويدخل إسرائيل فى مواجهات يتوقع البعض أنها ستكون مع إيران أو فى سوريا.. يستندون على أن نتنياهو يواجه مصيراً أسود فى حال توقف صوت الرصاص خاصة من الداخل وهو لا يبحث إلا عن مصلحته.. وإرضاء غروره وحماية منصبه.. والابتعاد عن التحقيقات والمحاكمات وماذا عن مصير تحالفه مع سيموتريتش وبن غفير خاصة أنهما يريدان الوصول بإسرائيل إلى مواجهات متعددة فى المنطقة تتسق مع أوهامهما التلمودية وحالة التطرف المرضى التى يعانيان منها.
خسرت وانهزمت إسرائيل ولم تحقق شيئاً كل أوهامها تبخرت.. أهدافها فى مهب الريح.. سقطت كل أكاذيبها ومزاعمها.. انكشفت وسقطت اقنعتها لم تعد لدى دول المنطقة أدنى ثقة أو مصداقية فيها.. بل باتت فى عقول دول المنطقة عدواً وتهديداً خطيراً وجب الاستعداد لدحر أوهامه ومخططاته وأهمية بناء القوة اللازمة من أجل ذلك وكذلك الدخول فى تحالفات عربية وإسلامية استعداداً لمجابهة الغدر الصهيوني.. لذلك حتى تعيد إسرائيل فاعلية أكاذيبها وحتى تخيل على البعض لذلك تحتاج إلى عقود طويلة لبناء منظومات الأكاذيب الصهيونية فقد باتت دول المنطقة العربية والشرق الأوسط فى وضع استعداد وبناء قدرات لمجابهة الخطر والتهديد الإسرائيلى وستدرك إسرائيل مرارة الخسائر التى منيت بها على يد نتنياهو قريباً.
لذلك تواجه إسرائيل هزيمة إستراتيجية لن تستفيق منها قبل سنوات طويلة.. تداعياتها على كافة الأصعدة عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وإقليمياً ودولياً ولم تحقق أى هدف بل قامر نتنياهو ورفاقه المتطرفون فى تهديد وجود إسرائيل وباتت أوهامها وأطماعها ومخططاتها تواجه تحالف دول المنطقة والشرق الأوسط القادم على عكس أوهام إسرائيل تماماً.
تحيا مصر