الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : دول المنطقة باتت تعتبر الكيان أخطر تهديد لها
إسرائيل خسرت كل شىء 1- 2

الحقيقة أن الرغبة المريضة لدى إسرائيل للاحتلال والتوسع، واغتصاب وانتهاك أراضى الدول الأخرى، والتصعيد خلال العامين الآخيرين منذ بدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة فى 8 أكتوبر 2023 واتساع رقعة الصراع، ثم المجاهرة بمخطط التهجير، وأوهام إسرائيل الكبرى، كل ذلك كان ومازال ناقوس خطر، وجرس إنذار، ونوبة صحيان لدول المنطقة، التى باتت تدرك أن إسرائيل خطر داهم، لا يرحم صديقاً لها، أو عدواً، فرب ضارة نافعة، فغطرسة القوة الإسرائيلية، وسياساتها العسكرية والتوسعية، دفعت دول المنطقة إلى تحالفات جديدة وإنهاء خلافات، وحدوث تقارب لافت بين دول لم تكن تأخذ أو تفضل هذا المنحى، ولكن بعد حالة اليقين لدى الجميع فى الشرق الأوسط، بأن أوهام إسرائيل، تمثل الخطر الداهم والتحدى الوجودى أمامها، لذلك سارت هذه الدول فى اتجاهات متعددة، أبرزها حدوث نوع أو حالة من عدم الثقة بين إسرائيل وأصدقائها فى المنطقة أو هؤلاء الذين كانوا يراهنون على بناء علاقات حميدة لها، ومثل الهجوم الإسرائيلى الغادر على قطر الشقيقة ذروة اليقين بأنه لا أمان للكيان الصهيونى، وأن أوهامه وغطرسته تغطى على أى علاقات، ونهمه فى التوسع والاحتلال والتصعيد أكبر من أى علاقات سلام، لذلك باتت دول المنطقة تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلى أكبر وأخطر تهديد لها.
الأمر الثانى أن ما حدث خلال العامين الأخيرين وتحديدًا منذ العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والهجوم على لبنان، وسوريا وإيران ثم قطر، ثم ممارسة أبشع صور الإجرام والإبادة وتخلل ذلك الإعلان عن نوايا وأوهام إسرائيل دون خجل، أن أراضى العرب وإسقاط دولهم هو هدف رئيسى لدولة الاحتلال، ومن ثم فإن حماقة وغباء إسرائيل، وفشل المخطط والأوهام، منح الدول المستهدفة فرصة ثمنية لإعادة حساباتها وتقديراتها، وإستراتيجياتها فاتجهت إلى اعتبار إسرائيل تهديداً بدلاً من صديق محتمل، وأخذت مسار التمسك ببناء القوة اللازمة لمجابهة هذه المخاطر والتهديدات، ثم بناء علاقات وتحالفات يغلب عليها الطابع الدفاعى والعسكرى، لمواجهة أى تهديد خاصة أن أوهام إسرائيل الكبرى شملت أراضى من دول عربية كبيرة فى المنطقة، لذلك فإن حالة الانكشاف للمخطط «الصهيوــ أمريكى» ونجاح دول المنطقة فى التصدى له واحباطه خاصة العظيمة مصر صعب من مستقبل هذه الأوهام الصهيونية، وأنها صعبة المنال، فى ظل إدراك واتحاد دول المنطقة وإدراكها أن إسرائيل تهديد بل عدو غادر لا يؤمن مكره ولا يمكن الاطمئنان على وجود علاقات سلام معه، والحقيقة أن مصر ادركت ذلك مبكرًا حيث تؤمن أن السلام لابد من قوة تحميه، وأن القوة تمنع العدوان وأن بناء وقوة الجيش الوطنى، هى صمام الأمان للأمن والسلام والاستقرار، وأن العفى محدش يأكل لقمته، لذلك فإن قوة الردع المصرية هى من ألجمت وكبحت جماح الأوهام الإسرائيلية وافشلت مخطط التهجير، الذى حاولت إسرائيل تنفيذه على مدار عامين، دون أن تطلق مصر رصاصة واحدة لذلك قلت من قبل أن الحرب بين مصر وإسرائيل ليست قريبة، وصعبة الاندلاع فى مقالات حملت عناوين هل الحرب «اقتربت»؟ وهل حانت المواجهة؟ لأنه ببساطة لا يستطيع مجنون أو مقامر الاقدام على خطوة الدخول فى حرب مع مصر التى تمتلك أقوى جيوش المنطقة وأحد الأقوى فى العالم، بالإضافة إلى عوامل الجغرافيا والتموضع ناهيك عما لدى مصر مما هو معلن وما هو غير معلن بالإضافة إلى أن إسرائيل ذاقت الحسرة والألم من قبل على يد الجيش المصرى العظيم فى أكتوبر 1973 وهى أكثر من يدرك ويعلم قوة الجيش المصرى، وماذا يمكنه أن يفعل خاصة وأن حالة التموضع اختلفت عن حرب أكتوبر 1973 فالجيش المصرى موجود على الحدود وليس فى حاجة الآن للعبور شرقًا واجتياز الموانع والسواتر الترابية والنقاط الحصينة، كما أن الجيش المصرى فى ملحمة العبور لم يكن يمتلك القدرات التسليحية الأمريكية والغربية المتطورة التى كانت لدى إسرائيل ورغم ذلك سحق الجيش المصرى قوات العدو، وكسر عظامه، وحطم غطرسته، فما بالنا بجيش مصر وهو الأقوى والأكثر جاهزية، وعدة وعتادًا.. إذا حتى نتنياهو المتطرف والمجنون ومعه رفاقه وزيرا المالية بسلئيل سيموتريتش، والأمن ايتمار بن غفير، لن يجرءوا على اتخاذ قرار الصدام العسكرى مع مصر، لأن ذلك يعنى الانتحار، ولن تستطيع إسرائيل ايقاف تقدم الجيش المصرى إلى أعماق دولة الاحتلال فهو تهديد وجودى لبقاء الكيان، لذلك قلت إن الحرب لن تكون والدليل على ذلك حالة الذعر والارتباك والهلع فى الإعلام الصهيونى من قوة الجيش المصرى العظيم وبدليل أن مخطط التهجير، وبالحجة أن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اشارت إلى بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وأنه لا تهجير، وإنهاء الحرب وتبادل الأسرى والرهائن، ودخول المساعدات الإنسانية بشكل طبيعى مثلما كان يحدث قبل العدوان وإعادة الإعمار للقطاع مع وجود الفلسطينيين فى وطنهم وأرضهم، بما يؤكد أن جميع اللاءات المصرية تحققت وأنه لا تصفية للقضية الفلسطينية، ولا تهجير ولا مساس بثوابت مصر وخطوطها الحمراء، ولا أمنها القومى.. القوة والقدرة والردع هو من صنع ذلك ولو كانت إسرائيل تدرك أن مصر ضعيفة أو حتى خائفة، لما فشلت فى تنفيذ أوهامها وأهدافها ومخططاتها.
لذلك أقول إنه رغم الانتصارات التكتيكية التى حققتها دولة الاحتلال الإسرائيلى فى إحداث تدمير وإبادة وانتهاك لسيادة بعض الدول والبقاء فى أراضيها، والتوغل والاحتلال إلا أنه على المستوى الإستراتيجى فشلت بشكل ذريع أهدافها وأوهامها فى التهجير، وإسرائيل الكبرى لم تبارح عقول الصهاينة المريضة، بل إن العامين الأخيرين تعامل الكيان الصهيونى بغباء مستطير أفقده الجلد والسقط، وجاءت غطرسة القوة جرس انذار ونوبة صحيان لدول المنطقة العربية بل أدى إلى التقارب والتحالف والاتجاه إلى الوحدة العربية والإسلامية.
وللحديث بقية
تحيا مصر