إبراهيم نصر يكتب: الرسالة الخالدة فى ذكرى النصر

إن حرب السادس من أكتوبر عام 1973 كانت لحظة فاصلة لم تغير فقط موازين القوى في الشرق الأوسط، بل غيرت الصورة النمطية للجيش المصري والعربي في نظر العالم، وأثبتت أن الإرادة تتفوق على العدة والعتاد. واحتفالنا الآن بالذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر العظيم يأتي حاملا رسالة مزدوجة، الأولى: فخر بعبور الجيل السابق، والثانية: ثقة مطلقة في قدرة الجيش المصري الحديث الذى تجاوز بمراحل عديدة القوة التي خاضت معركة الكرامة.
ولذا فإننا في السادس من أكتوبر، لا نحتفل بذكرى عابرة، بل نستلهم روح إحدى أعظم المعجزات العسكرية في العصر الحديث، ونتذكر دائما أن قوة الأمم لا تقاس فقط بحجم ميزانيتها، بل بعزيمة شعبها واستعداد جيشها.
لقد أثبت جيش مصر عام 1973 أن الإيمان بالوطن هو الوقود الحقيقي للقوة.
أما جيش اليوم، فقد أخذ هذا الإيمان وبنى عليه صرحا من التكنولوجيا والتدريب والاحترافية،
مؤكدا أن العودة إلى الماضي حيث كسر شوكة العدو، هي اليوم استعداد للمستقبل لضمان عدم المساس بالوطن.
فمصر اليوم ليست فقط دولة انتصرت بالإرادة، بل هي قوة تفرض احترامها بالقدرة والجاهزية.
انتصارا للعقل والتخطيط
وقد كان الانتصار في حرب أكتوبر انتصارا للعقل والتخطيط فوق العقيدة العسكرية الجامدة. فقد خاض الجيش المصري المعركة في ظروف بالغة الصعوبة: تفوق جوي إسرائيلي ساحق، وحائط دفاعي ضخم هو خط بارليف، وفجوة تكنولوجية واضحة في التسليح.
وكانت كلمة السر آنذاك هي “عنصر المفاجأة” و”عقيدة الجندي المصري”.
لقد نجح الجيش بعبقريته الهندسية (باستخدام خراطيم المياه البسيطة) في تدمير أعتى خط دفاع،
وبإيمانه الراسخ في كسر شوكة العدو الذي كان يدعي أنه “الجيش الذي لا يقهر”.
في عام 1973، كان الانتصار دليلا على شجاعة الجندي وذكاء القائد، وتم بأسلحة غالبا ما كانت من مصدر وحيد ومحدود.
قوة إقليمية وعالمية ذات تأثير واضح
واليوم، يقف الجيش المصري على عتبة مرحلة جديدة من القوة العسكرية، تنأى به بعيدا عن ظروف 1973، ليصبح قوة إقليمية وعالمية ذات تأثير واضح.
إن المقارنة بين جيش 1973 وجيش اليوم تظهر تفوقا ساحقا، فمنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر
أخذ فى تنويع مصادر التسليح، في حين كان الاعتماد في 1973 شبه كلي على المصادر الشرقية الروسية،
وأصبح الجيش المصري اليوم يعتمد سياسة تنويع مصادر التسليح بشكل غير مسبوق.
فهو يمتلك أحدث المقاتلات الفرنسية (رافال)، والفرقاطات المتطورة مثل: (فريم، وتحيا مصر)، والغواصات الألمانية (تايب 209)،
والمروحيات الهجومية الروسية، بالإضافة إلى تحديث مستمر لمنظومات الدفاع الأمريكية.
قدرات هائلة في الحرب الإلكترونية والسيبرانية
أضف إلى ذلك القفزة التكنولوجية، حيث ان الجيش الحالي لا يعتمد فقط على الدبابات والمشاة،
بل أصبح يمتلك منظومات دفاع جوي متطورة، وقدرات هائلة في الحرب الإلكترونية والسيبرانية، ويستثمر في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحكم عن بعد، مما يجعله قادرا على خوض حرب متقدمة في جميع النطاقات،
وصارت القدرة على الردع الشامل هى الهدف الأساسي للجيش المصرى اليوم، ولم تعد المعركة تدور حول “عبور قناة” بل حول تأمين حدود شاسعة (بحرية وبرية وجوية)، وحماية المصالح الحيوية للدولة في محيطها الإقليمي وفى البحرين: الأحمر والمتوسط.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وشرطتها وجميع مؤسساتها وقائدها المؤيد المنصور بعزة الله وقدرته.