الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : سردية وطنية مختلفة
نجحت القيادة فى إنقاذ وبناء دولة حديثة كادت تسقط وتضيع فى غياهب المجهول والفوضى

كشفت الأحداث والصراعات والتهديدات فى الشرق الأوسط على مدار عامين الكثير من الحقائق لكننى أتوقف كثيرًا عن أهم وأبرز هذه الحقائق والنتائج على أرض الواقع، وهى قوة وقدرة وصلابة الدولة المصرية، فى قراراتها ومواقفها وإجراءاتها فى ردع المخاطر والتهديدات، وإفشال المخططات والمؤامرات فرغم حالة الحصار التآمرى بأشكال وأساليب مختلفة على مصر والضغط عليها سواء من خلال صناعة توترات، وصراعات وإشعال حرائق فى محيطها من كافة الاتجاهات، أو ضرب أحد مصادر الدخل القومى من العملات الصعبة «قناة السويس» بصناعة أزمات فى البحر الأحمر وتوتيره، أو المساومات والابتزاز من خلال السد الإثيوبى من أجل قبول مخطط التهجير وهو ما لم ولن يحدث، خاصة أن أهداف ونوايا السد الإثيوبى ظهرت على حقيقتها وأصبحت أمام مرأى ومسمع العالم خاصة فى ظل الفيضانات التى تجتاح السودان وتدفق المياه على مصر، بما يعنى عدم وجود آلية ثلاثية تلتزم بها إثيوبيا لتشغيل السد، خاصة أن هذه الفيضانات لم تكن بسبب زيادة الأمطار فى الهضبة الإثيوبية، ولكن فتح متعمد وعشوائى لجسم السد بما يمثل خطورة على السودان بعد ارتفاع منسوب المياه فى النيل الأزرق إلى معدلات غير طبيعية وتأثر السدود السودانية فى الروصيرص وسنار والخرطوم ولكن الإجراءات المصرية بعيدة النظر والاستباقية والسد العالى جنبت مصر هذه المخاطر، عمومًا نتحدث عن ضغوط ومخططات ضد مصر، لا تتوقف ولعل حملات الأكاذيب والشائعات والإساءات والتشويه الممنهج ضد القاهرة، سواء من خلال أبواق إخوانية، أو وسائل إعلام مرتبطة بالجماعة الإرهابية والكيان الصهيونى أو فى مظاهرات مسيئة أو أمام السفارات المصرية كل ذلك يعكس حجم القوة والصلابة المصرية وأنها لا تبالى بهذه الضغوط، تتمسك بمواقفها الثابتة دون تراجع أو تغيير.
الحقيقة أن حالة القوة والصلابة، والقدرة لدى الدولة المصرية لم تتجل فقط فى مجابهة الضغوط والتهديدات والمخططات وقوة والردع المصرية بل فى القدرة على تحمل الصدمات والتداعيات الاقتصادية الصعبة التى خلَّفتها الأزمات والصراعات العالمية والمتغيرات الجيوسياسية فى الإقليم.
لم يكن عرضى للحقائق فى السطور السابقة التى يعرفها الكثيرون، ولكن بهدف التأكيد على صياغة سردية مصرية تختلف بطبيعة الحال عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التى أطلقتها الحكومة مؤخرًا، وهدفى من السردية الوطنية التى أرنو إليها ليس فقط توثيقي، وتأريخى لفترة هى الأهم والأخطر فى عمر هذا الوطن وكيف نجحت القيادة فى إنقاذ وبناء دولة حديثة كادت تسقط وتضيع فى غياب المجهول والفوضي، ربما تكون أقرب لرسم صورة شاملة ومتكاملة مصرية لطفرات وقفزات ونجاحات متناثرة تشكل معجزة مصرية حقيقية أبهرت العالم فى العامين الأخيرين، حيث تساءل الكثيرون من أين لمصر هذه القوة والصلابة والقدرة على الصمود فى وجه أعتى الأزمات والتحديات والتهديدات والضغوط والمخططات، ووقفت فى شموخ، تعلن مواقفها بشجاعة، جاهزة ومستعدة لمواجهة مختلف وأسوأ السيناريوهات، هنا الحديث عن دولة كادت تضيع، فما سر هذا التحول الإستراتيجي.
ربما تحتاج عملية ممنهجة لربط كل ما تحقق فى سردية وطنية، وعلاقة كل نجاح وانجاز بالآخر بما يفضى إلى رسم الصورة الشاملة والكاملة لدولة قوية انتقلت من حافة الضياع إلى القوة الإقليمية الأعظم فى المنطقة، وتمكنت من مصداقية ومكانة دولية مرموقة، وباتت تحظى بفرص ثمينة على طريق التقدم، والاستغناء وأكبر قدر من الاكتفاء.
نحتاج سردية بسيطة واضحة، مفرداتها سهلة تصل إلى فهم ووعى المواطن البسيط تشرح ما جري، وما تم، وما تحقق دون أن تتجاهل الصورة القائمة التى سبقت هذه التجربة، خاصة أن معجزة مصر ــ السيسى انطلقت من محن وشدائد وأزمات وتحديات شديدة الوطاة تسميها شبه الدولة إلى دولة حقيقية تملك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة.
نحتاج سردية أقرب إلى محاولة لبلورة ما تحقق فى جميع المجالات والقطاعات والمؤسسات، وكيف عادت الدولة المصرية فى ولادة جديدة وفق معايير ورؤية وإرادة ليس شرطًا أن تكون هذه البلورة جميعها إيجابية قد نضع أيدينا على نواقص أو ثغرات نحتاج العمل عليها جيدًا خاصة وصول التجربة المصرية إلى عقل المواطن المصرى بشكل أكثر شمولية وارتباطًا بدلاً من الأحاديث والروايات المتناثرة، حتى يدرك أسباب وفلسفة وأهداف هذه التجربة ربما يتعجل الشعور بنتائج وثمار هذه التجربةلذلك قد يكون فى حاجة إلى طمأنة، متى يحصد هذه الثمار، لكن المهم أن نطرح على أنفسنا سؤالاً مهمًا، وهو هل وصلت تفاصيل هذه المعجزة التى تحققت فى مصر من انتشال وإنقاذ وقوة وبناء وتنمية إلى المواطن بالشكل المطلوب والذى تريده أم مازال هناك جهد مطلوب، وأسلوب مختلف وسردية أكثر سهولة وبساطة ووضوح ترتبط فيها هذه النجاحات والإنجازات، وهنا اتحدث عن أحداث وصراعات وتحديات وضغوط ومخططات اختبرت قوة وصلابة وقدرة الدولة المصرية بشكل عملى وواقعي، لم تركع، ولم تغير مواقفها ولم تقتصر فى تلبية احتياجات شعبها، رغم قسوة تداعيات الأزمات الدولية والإقليمية لذلك نحن مطالبون بتوثيق وتأريخ، وصياغة سردية وطنية تروى للأجيال، تفاصيل أخطر وأدق مرحلة فى وتاريخ مصر، وكيف واجهت الدولة بقوة وكيف تصدت، وكيف نجحت فى معالجة التداعيات والصعاب، وكيف أثرت رؤية الإصلاح والبناء والتنمية فى تمكين هذا الوطن من مجابهة أخطر التحديات والتداعيات والتهديدات.
قد تكون هذه السردية الوطنية التى تروى رحلة كفاح ونضال هذا الوطن من أجل البقاء والوجود والتقدم فى مجلد، أو فى فيلم وثائقي، أو شهادات أو رؤية وحكاية، بسيطة، منها ما يناسب النخب والمفكرين، والمتعلمين والمثقفين، ومنها ما يناسب المواطن العادى والبسيط، ربما يدخل الفن على الطريق.
الأزمات والمحن والشدائد والتحديات والتهديدات والضغط التى مرت على هذا الوطن، عكست قيمة وأهمية ما حدث فى مصر خلال الـ 12 عاما الماضية تختلف أو تتفق فى التفاصيل، أو الرؤى ووجهات النظر، أو اختلافات الطرق نحو الأهداف إلا أننا فى النهاية نتفق على أمر غاية فى الأهمية، أننا نجحنا فى إنقاذ وحماية هذا الوطن من الأبالسة والذئاب الشرسة، وأوهام واطماع، ليس مجرد نجاح عادى ولكنه نجاح مستند على رؤية وإرادة صلبة، تجسد جوهر هذا الشعب وقدرته على عبور المحن والشدائد نحن فى حاجة إلى سردية سهلة واضحة بسيطة، مفرداتها وتفاصيلها تصل إلى المواطن البسيط، أبرز محاورها، كنا فين؟!، وبقينا فين؟! وإلى أين تذهب، وماذا كان ينقصنا؟ وماذا بين أيدينا الآن من فرص؟ ومن أين جاءت هذه القدرة بما يعطى حق هذا القائد العظيم وقيادته لمصر فى أخطر الفترات ونجاحه فى العبور بالوطن إلى بر الأمان وتسليحه بالقوة والقدرة الشاملة والمؤثرة فالرئيس عبدالفتاح السيسى يستحق أن يتوقف التاريخ أمام ما حققه لهذا الوطن أنقذ وبنى دولة حديثة، ولم يغامر بالوطن بل حفظ له أمنه واستقراره وسيادته ومستقبله.
تحيا مصر