عبد الناصر البنا يكتب : الأمم المتحدة .. إرهاصات مابعد العاصفة !!

أعتقد أنه لاحديث اليوم بعلو عن الأحداث الدائرة فى منطقة الشرق الأوسط ، وحالة من الترقب لإشتعال فتيل الأزمة بين مصر وإسرائيل ، ودخول المنطقة فى دائرة حروب قد لايخرج منها أحد منتصرا ، وإنما سوف يحل الدمار والخراب على المنطقة بأثرها ، بما ينذر بقدوم حرب عالمية ثالثة تطرق الأبواب بشدة ، وقد تعيد المنطقة إلى الوراء قرونا ، وأعتقد أن هذا هو مايشغل فكر القادة والفكر الإستراتيجى والعسكرى .
قضية فلسطين هى قضية مصر الأولى التى أولتها رعاية وعناية خاصة منذ عام 1948 إلى اليوم ، كل رئيس تولى مقاليد الحكم فى مصر كانت القضية محور إهتمامه ، كل حسب رؤيته الخاصة ، وتكبدت مصر فى سبيل القضية الفلسطينية وتحملت ما لم يتحمله أحد ، والتاريخ يشهد على ذلك ، والخوض فى هذا الحديث أصبح مجروحا .
ولكن دعونا ننظر الى قضية الصراع ” العربى الإسرائيلى ” اليوم من منظور التحالفات الدولية وتوازنات القوى والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط ، وبقليل من التأمل ندرك أن الصراع على النفوذ يدور حول ثلاثة من القوى العظمى هى ” أمريكا وروسيا والصين ”
أمريكا هى القطب الأكثر قوة وتأثيرا بما تملكه من إمكانيات عسكرية جبّارة ، واقتصادًا ضخمًا ، ونفوذًا سياسيًا يؤمن لها تحالفاتها مع العديد من دول المنطقة التى طبعت معها بالفعل ، روسيا تحاول أن تستعيد نفوذها من خلال علاقاتها القوية مع بعض دول المنطقة ، والصين تحاول أن توسع دائرة نفوذها إقتصاديا وتكنولوجيا دون الدخول فى صراع عسكرى . ويبدو من الخريطة أن الصين لاتملك أى نفوذ عسكرى فى المنطقة .
إسرائيل ذلك الكيان الغاصب المحتل تدعمها أمريكا واللوبى اليهودى فى دول الغرب ، تحاول أن تفرض سيطرتها وتبسط نفوذها على المنطقة بأسرها ، إسرائيل تريد أن تضع يدها على إحتياطى النفط والغاز فى غزة ؛ ومن أجل ذلك ترتكب أبشع الجرائم التى عرفتها الإنسانية ، مثل ” التطهير العرقى ، والتجويع ، والتهجير ، والإبادة الجماعية ” وقامت بتصفية عملاءها من قادة حماس . وفى سورية وبعد ساعات من سقوط نظام بشار الأسد توغَّلت داخل المنطقة العازلة والقنيطرة وجبل الشيخ ، بذريعة إنشاء منطقة عازلة بين الأراضي السورية ، وقضت على ماتبقى لـ سورية من قوة عسكرية ، وأحيت فيها النزعات العرقية والطائفية ، إسرائيل حيدت العراق تماما وإنتهكت مجاله الجوى ، وهى تعربد فى جنوب لبنان بعد أن إغتالت حليفها ” حسن نصر الله ” أمين عام حزب الله ، وطالت هجماتها حوثى اليمن ، إسرائيل إغتالت قادة عسكريين وعلماء وإستهدفت مواقع نووية فى إيران ، ومازالت تعيث فى الأرض فسادا .
بالقدر الذى جعل شعوب العالم تنتفض منددة بجرائم إسرائيل فى غزة ، ولعلنا نتابع الأخبار العالمية ونشهد المظاهرات الحاشدة والإحتجاجات والوقفات التى تطالب فى أغلب دول العالم بوقف حرب الإبادة الجماعية التى تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلى على غزة ، وتطالب بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية للمدنيين العزل المحاصرين في قطاع غزة المنكوب وفى الضفة وفى أغلب الأراضى الفلسطينية .
ومع إقتراب دخول الصراع عامة الثالث إزدادت عزلة الرئيس دونالد ترامب بشأن القضية ، خاصة مع إزدياد عدد الدول التي تدين االإنتهاكات الإسرائيلية فى القطاع ، وبعد أن وفّرت لها USA غطاءًا سياسيا ودعما عسكريا مستمرا .
وفى خطوة مفاجئة أعلن الرئيس ” مانويل ماكرون ” خلال لقاءه ولى العهد السعودى اعتراف بلاده بدولة فلسطينية ، كما أعلنت كل من ” بريطانيا وكندا وأستراليا ” الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، وتلتها ” البرتغال وبلجيكا ” ، ولحقت بركبها دول أخرى عديدة ؛ حتى بلغ عدد الدول التى اعترفت بقيام الدولة الفلسطينية 157 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة ، أو ما يزيد قليلاً عن 81 ٪ من جميع أعضاء الأمم المتحدة .
وخلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة شن الرئيس دونالد ترامب هجوما على الأمم المتحدة وتفاخر بقوة
بلاده عسكريا واقتصاديا ، بالقدر الذى جعل رئيس كولومبيا يشن هجوما لاذعا على سياسات إسرائيل فى غزة ،
معتبرا أياها دولة تهدد الإنسانية جمعاء ، ودعا دول العالم وشعوبها إلى توحيد الجيوش وتشكيل قوة مسلحة للدفاع
عن حياة الشعب الفلسطينى .
كان الرئيس دونالد ترامب قد دعا فى وقت سابق قادة 6 دول عربية وإسلامية تشمل ” مصر والسعودية والإمارات
وقطر والأردن وتركيا ” لـ خطة تشمل إنهاء الحرب ، وإعادة كل الأسرى خلال إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ،
لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى أراد أن يرسل رسالة سياسية محسوبة بدقة ، وقرر عدم السفر إلى نيويورك للمرة
الثانية ، وخلال إجتماعه بالوفود العرب طرح ترامب خطة لوقف الحرب فى غزة ، رحبت بها القيادة السياسية فى مصر
، وتطلعت إلى تنفيذها فى أقرب وقت .
ويبقى السؤال : هل سوف تتراجع USA عن موقفها الداعم القوي لحكومة بنيامين نتنياهو ؟
وماهو مصير تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي ” نيامين نتنياهو ” بأنه ” لن تكون هناك دولة فلسطينية” ، ردا على
الاعتراف الذى تم في الأمم المتحدة ؟
وهل يمكن للدولة الفلسطينية أن تقوم بين التحدي الأمريكي ، والدعم العالمي ؟
وأخيرا : هل سوف يظل الإعتراف بدولة فلسطين مجرد كلام على حد زعم الرئيس دونالد ترامب الذى يرى أن
الاعتراف لايسهم في الإفراج عن الرهائن ، كما أنه ” لا يحقق شيئا يتعلق نحو إنهاء الصراع “.
وهل تنجح الضغوط الدولية فى وقف الحرب على غزة ، خاصة بعد أن أعلنت إسرائيل عن عزمها الإعتراف بفرض
سيطرتها الكاملة على قطاع غزة فى الـ 7 من اكتوبر القادم ؟
وهل يمكن أن تتطور الأمور إلى إندلاع حرب تدق طبولها الان بين مصر وإسرائيل فى الايام القليلة القادمة ؟
حفظ الله مصر