الدكتور علاء رزق يكتب : الدوحة والقواعد العربية الملحة (٢)

تناولنا فى المقال السابق أن الأمة العربية تمتلك ثروات وأوراقا تستطيع لو أحسنت إستخدامها أن تحافظ على مصالحها وحقوقها في القضايا المختلفة، ولكن شيئا من ذلك لا يحدث، وأن ما يمر به العرب اليوم قد تكون فعلياً أصعب مرحلة في تاريخهم الحديث والمعاصر، لذا فقد جاءت قمة الدوحة منذ أيام وسط تصاعد غير مسبوق في التوترات الإقليمية،والإعتداء على سيادة دولة قطر ، وعلى خلفية الأوضاع المأساوية الإنسانية والسياسية التي تجاوزت حدود فلسطين إلى عمق العالمين العربي والإسلامي . وفى هذا السياق جاءت كلمات الرئيس السيسى خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة لتحمل العديد من الرسائل خاصة للداخل الإسرائيلي، وتزامنا مع ما صرحت به حكومة بنيامين نتنياهو بأنها ستردع كل من يحاول الإعتداء علي الكيان، وستقوم برسم خريطة جديدة للشرق الأوسط،وأن هذه الخريطة تحتوى على عدد من التغييرات الكبرى يسعى نتنياهو لتحقيقها ومن بينها إنهاء أية إمكانية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وإنهاء إرتباط القضية الفلسطينية بالتطبيع والسعى الصهيوني نحو إقامة علاقات مع دول المنطقة عن طريق إستكمال الإتفاقيات الإبراهيمية، ايضاً مواصلة الضغط والحصار على النظام الإيرانى حتى يتم التأكد من التخلى عن المشروع النووى،وهنا فإن قمة الدوحة قد تكون بداية تصحيح المسار العربي ،المرهون بتكوين موقف عربي موحد لمواجهة التحديات الصهيونية القائمة والمستقبلية، وعدم الركون الى المصالح القطرية الضيقة المثبطة للعزائم وقياس موازنة القوة حسب قدرات الجيوش والتي يجب ان تكون لها قواعد أساسية تعتمد عليها مثل الهيئة العربية للتصنيع. تلك الهيئة التى انشئت فى 1975 لبناء قاعدة صناعية و تكنولوجية متقدمة. بدأت بمصر وقطر و السعوديه و الامارات وبراس مال مليار دولار لانشاء صناعه الدفاع العربى المشتركه بين عن طريق الجمع بين مصر التى تتمتع بالإدارة وقوة العمل الصناعية، مع البلاد العربية التى تتمتع بثروة البترول،والمال، والتكنولوجيا الاجنبية, و الجزء الأكبر من تصنيع الأسلحة كان من المقرر يتم فى مصر. عبر تصنع القذائف و الصواريخ وأجزاء محركات الطيارات، والمصفحات الناقلة للأفراد، والالكترونيات، والرادارات، وصناعة الإتصالات ،والعتاد، والطيارات. سواء مع شركات فرنسيه لتجميع المروحيات القتالية ومحركات الطيارات المروحية ، أو مع شركات بريطانية لتصنيع قذائف SwingFire المضاده للدبابات, وعربات الجيب. المطلوب الآن إعادة إحياء الهيئة العربية للتصنيع بفكر واستراتيجية جديدة ، تضمن التمويل اللازم لتحقيق أهدافها بأن تكون حائط الصد نحو الدفاع العربى المشترك ، وهذا يتطلب تخصيص نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عربية ، على أرض الواقع نحن نتحدث عن 36 مليار دولار حصيلة أولية لزيادة رأسمال الهيئة العربية للتصنيع ، تدفع مرة واحدة ، أمام فى السنوات التالية يخصص 1% من الزيادة عن السنة السابقة ، بمعنى لو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية زاد من 3,6 تريليون دولار إلى 4 تريليون دولار فى السنة التالية يتم تخصيص 1% فقط من الزيادة اى 4مليار دولار. أعتقد أن هذه الفكرة بوضع خطة واستراتيجية ممنهجة لها لتنفيذها والمحافظة على استمراريتها سيضمن وجود درع وسيف لأمة جارت عليها الأمم.ومن هنا نعود للتأكيد أن العرب قادرون اليوم على إستعادة مواقفهم المشرفة وإستشراف مستقبل آمن للأجيال من خلال عودة حقيقية دون رواسب للعلاقات العربية العربية ، وتجاوز كل المطبات، وإستعادة جامعة الدول العربية دورها المأمول، وألا تقف فقط تنظر للواقع العربي دون حراك، وأخيراً لا بد من ترجمة هذه القدرات لواقع يكون للشباب قبلة ، وللأجيال القادمة غطاء عبر إعادة إحياء الهيئة العربية للتصنيع.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجي للتنمية والسلام