الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : سياسات عنيفة .. تفقد واشنطن تحالفاتها ونفوذها .. والنظام العالمى الجديد يقترب
ترامب وأمريكا .. إلى أين ؟ 2/2

باتت سياسات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ دخوله البيت الأبيض فى يناير الماضى تتسبب فى فقدان واشنطن الكثير من حلفائها وعلاقاتها بل وهيبتها خاصة أن كثيراً من الدول أصبحت تتخذ مواقف وتتبنى سياسات تشير إلى التخلى عن التبعية الأمريكية وعدم ثقة فى الإدارة الأمريكية بعد قرارات وسياسات ترامب التى أضرت بأعز حلفائه الذين وصلوا إلى حقيقة لم يعد فيها لبس.. إن واشنطن تفتقد لأى مصداقية.
كوارث سياسات ترامب وتداعياتها وما فيها من عنف وإضرار بالحلفاء تهدد الأمن والاستقرار والسلام العالمي.. بل وتعجل بظهور نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب فى ظل الاتجاه إلى تحالفات جديدة سواء فى الشرق الأوسط أو العالم والاتجاه إلى قبلة دول كبرى فى العالم.. وقوة عظمى مثل روسيا والصين..
لم يكن أحد يتوقع أن العداء بين بعض هذه الدول سوف ينتهى بسبب حالة الريبة فى علاقات هذه الدول بأمريكا وبسبب سياسات إدارة الرئيس ترامب.. فالفترات الأخيرة رأينا بزوغ نجم التجمع الاقتصادى الواعد «البريكس» وانضمام عدد كبير من الدول إلى هذا التجمع ثم تجمع «شنغهاي» بقيادة الصين فى ظل تراجع اقتصادى أمريكى وتراجع ملحوظ لمكانة الدولار عالمياً فى ظل التوجه إلى استخدام عملات أخرى أو التعامل بالعملات المحلية بين دول كثيرة.. إضافة إلى السياسات العنيفة التى تتبناها إدارة الرئيس ترامب خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية .
الحقيقة.. التحولات الإستراتيجية بسبب المواقف والسياسات الأمريكية لم تعد قاصرة على منطقة الشرق الأوسط بعد الهجوم الإسرائيلى على قطر الشقيقة والحصول على الضوء الأخضر والدعم والمشاركة الأمريكية فى الهجوم وهو هجوم غادر غابت عنه الحسابات والتقديرات الأمريكية وتتسبب لها فى خسائر إستراتيجية فادحة أدت إلى عدم ثقة أكثر حلفاء أمريكا فى مواقعها ودعمها ولم تعد تأمن غدر ومكر واشنطن..
وتحدثت عن مظاهر حالة فقدان الثقة لدى دول من المفترض أن تتكفل الولايات المتحدة بحمايتها ولديها قواعد عسكرية فيها من أجل تحقيق هذا الهدف لكنها باعت وخانت من أجل عيون الكيان الصهيوني.. لذلك انطلقت هذه الدول فى بناء تحالفات عسكرية وشراكات مع قوى أخري.. والاتجاه إلى تعاون من نوع آخر فى شبه تخل مبطن بالصمت دون ضجيج وبإجراءات على الأرض بالتخلى تدريجياً عن الحماية أو الشراكة الأمريكية والدخول فى تحالفات عسكرية.. ثم انتهاء الخلافات بين دول المنطقة.. وتطور علاقاتها بشكل غير مسبوق.. وإدراك يقضى لحظر السياسات والدعم الأمريكى المطلق للعربدة والجرائم والانتهاكات والأطماع والمخططات الإسرائيلية لم يقتصر فقدان الثقة فى الجانب الأمريكى على منطقة الشرق الأوسط
.. بل يومياً يفاجئ الرئيس ترامب العالم بقرارات وسياسات من شأنها إلحاق الضرر بالعلاقات الأمريكية مع دول العالم.. ومنها العلاقات بين واشنطن وبكين رغم عمليات التجميل والتصريحات الأمريكية.. إلا ان واشنطن ترى أن الصين هو العدو الأكبر فى العالم بسبب صعود التنين الصينى واقترابه من رأس النظام العالمي.. لذلك تحاول واشنطن إيقاف الصعود الاقتصادى والتفوق العسكرى الصينى الذى بدا واضحاً وبتوصيف بعض المحللين مرعباً
.. لذلك لم تقتصر سياسات ترامب فى رفع الرسوم الجمركية على الصين.. أو النظر إلى مصير التيك توك ولكن تسعى إلى الاقتراب من الصين بعد تصريحات الرئيس ترامب ان إدارته تسعى إلى استعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية فى أفغانستان فى إشارة إلى عودة الدور العسكرى الأمريكى فى أفغانستان وهى القاعدة التى انسحبت منه القوات الأمريكية قبل 4 سنوات فى مشهد هزلي
.. وقال ترامب ان قاعدة باجرام على بعد ساعة فقط من مواقع تصنيع الأسلحة النووية فى الصين.. ناهيك عن الموقف الأمريكى الداعم لتايوان ومحاولات استفزاز الصين لادخالها فى حرب استنزاف وايجاد ذريعة لتقديم الدعم لتايوان ثم الاستفزازات الأمريكية لفنزويلا وتحريك الأسطول الأمريكى بذريعة الحرب على المخدرات والعصابات وهو ما أدى إلى أن المسئولين فى فنزويلا يعلنون حالة التأهب لتوقع هجمات أمريكية خاصة فى ظل سياسات المطور العقارى والتاجر التى يتبناها ترامب..
لم تعد دول العالم تخشى أمريكا فقدت الجزء الكبير من هيبتها والدليل المسارعات الأوروبية والدولية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.. ما هى إلا حالة من التمرد على النفوذ الأمريكى وهو ما يعكس حالة كفر دولى بسياسات أمريكا فى ظل إدارة ترامب..
رغم ان لندن حليف تاريخى وإستراتيجى لواشنطن ولعل الاستقبال الساخط على المستوى الشعبى فى بلاد الانجليز لترامب يعكس حالة من الضعف فى الشارع البريطانى من سياسات أمريكا بالإضافة إلى الاهانات التى وجهها ترامب للبروتوكول الرسمى الإنجليزى وتعمده تجاوز الملك تشارلز خلال مراسم الاستقبال..
العالم يتصالح والأعداء يتقاربون وينهون مشاكلهم العالقة والتحالفات ضد السياسات الأمريكية تتصاعد بقوة دولياً وإقليمياً.. فعلى مستوى الشرق الأوسط تبدو خريطة التحالفات الجديدة تقف فى وجه المشروع الصهيو- أمريكى من أجل فرض النفوذ الإسرائيلى والهيمنة الأمريكية على جميع الأطراف فى المنطقة..
لذلك تشهد العلاقات بين إيران من جانب ومصر والسعودية تطوراً تاريخياً ومصر وتركيا فى أوج مستوياتها والتحالف السعودي- الباكستانى والتحالف الإماراتي- الهندي.. إضافة إلى دعوة نعيم عيسى الأمين العام لحزب الله فى لبنان إلى المملكة العربية السعودية بفتح صفحة جديدة والاتحاد من أجل مواجهة الخطر الصهيو- أمريكى وتأكيده أن سلاح حزب الله لم يكن يوماً موجهاً إلى المملكة وأهمية التقارب فى هذه المرحلة الاستثنائية التى تشهده عربدة إسرائيلية بدعم مطلق وضوء أخضر أمريكي
.. لذلك العالم يتغير ويغير من سياساته وتحالفاته سواء أوروبا أو أمريكا اللاتينية أو الصين وروسيا أو الشرق الأوسط بسبب سياسات ترامب الكارثية.. لذلك أين ستذهب الولايات المتحدة فى ظل سياسات ترامب وتعامله بمنطق التاجر والبرجماتية حتى أنه فرض رسوماً مبالغ فيها على العمالة الماهرة التى بنت أمريكا العظمى وأصبح المواطن الأمريكى يضيق ذرعاً بسياسات ترامب وحربه على الحرية والديمقراطية والإعلام والصحافة والجامعات ومحاولات اخضاع الجميع طبقاً لهوى ومزاج السياسات الترامبية.