الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : بعد الانكشاف الأمريكى وكارثة التورط فى الهجوم على قطر تحولات إستراتيجية فى الشرق الأوسط (1 -2 )

هل وصل التخبط والارتباك والانبطاح للكيان الصهيونى، أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية قرارات، وتعطى الضوء الأخضر لإسرائيل بل وتشاركها وتسخِّر قدراتها من أجل تنفيذ تل أبيب هجومًا إجراميًا، غادرًا على قطر الشقيقة، هل كانت تعى ماذا فعلت، ولماذا غابت التقديرات والحسابات وتداعيات ونتائج هذا القرار التى أعتبرها كارثية وأدت إلى تحول إستراتيجى فى المنطقة، وسقوط إستراتيجيات الحماية الأمريكية، وبات أشد الحلفاء لواشنطن فى أعلى درجات التشكك والريبة من المواقف الأمريكية، فقد اعتبر البعض الهجوم الإسرائيلى الغادر على الدولة خيانة متكاملة لقطر، بل والخليج، وفقدان الأمريكان أى مصداقية، وتصدع خطير ربما يصل لاحقًا إلى حد الانهيار فى العلاقات الأمريكية ــ الخليجية وباتت هناك شواهد على أرض الواقع تؤكد ذلك لم يعد لدول منطقة الشرق الأوسط أى ثقة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى ظل انحيازها الأعمى لإسرائيل، وتوقف وتجميد أى اتفاق حماية وتنازل عن المسئولية إذا تعلق الأمر بهجوم أو عدوان تنفذه إسرائيل ضد حلفاء أمريكا.
حاولت واشنطن عقب الهجوم الإسرائيلى الغادر على قطر الشقيقة تبرئة نفسها وغسل يديها من هذا العدوان السافر، وزعمت أنها علمت متأخرًا، وليس لها أى علاقة ولا تستطيع إجبار نتنياهو على التراجع وأنها أبلغت الدوحة بالهجوم، لكن الضربة الموجعة جاءت من قطر، عندما قالت إن أمريكا أبلغتها والهجوم قد بدأ بالفعل وكثير من التساؤلات تحوم حول هذا العدوان تكشف تورط الأمريكان، عن سواء حول جدوى اتفاقيات الحماية، ووجود أكبر قاعدة أمريكية فى الشرق الأوسط بقطر «العديد» ومشاركة أمريكا فى الهجوم سواء بمعلومات استخباراتية، أو بطائرات التزود بالوقود أو عدم تفعيل منظومات الدفاع الجوى أو حتى حسب الاتفاق التصدى لأى هجوم يستهدف الدولة القطرية، لكن الأمر يتعلق بإسرائيل التى لم تكن لتجرؤ لولا أنها حصلت على الدعم والضوء الأخضر من واشنطن ولأن النتائج خطيرة، وخسائر الأمريكان فادحة بعد تداعيات ونتائج الهجوم الإسرائيلى على قطر ولأن أحاديث الإفك الأمريكية، والذرائع والمبررات لم تخل على الجميع، دفع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رفيقة المجرم بنيامين نتنياهو ليعلن أن مسئولية الهجوم على قطر تتحملها إسرائيل كاملة ولا علاقة للولايات المتحدة بالأمر وأن المجرم نتنياهو سيعاود الهجوم إذا لم تطرد قطر قادة حماس اتحدث عن النتائج الكارثية والإستراتيجية الخطيرة للتورط الأمريكى فى الهجوم الإسرائيلى على قطر، والتى اعتبرته الدولة إرهاب دولة، ولكن فى الحقيقة هى خيانة وغدر أمريكى لواحدة من أهم الحلفاء الأمر الذى أكد للجميع أن المتغطى بالأمريكان عريان وأيضا تأكيد لمقولة ثعلب الدبلوماسية الأمريكية هنرى كيسنجر «أن تكون عدوًا لأمريكا فهذا أمر خطير، ولكن أن تكون صديقًا لأمريكا فهذا أمر قاتل» لذلك، المنطقة أو الشرق الأوسط اختلفت تمامًا وبات ما بعد الهجوم الإسرائيلى الغادر على قطر مختلفًا تمامًا عما قبله، بدأت دول الشرق الأوسط فى إعادة الحسابات والتحالفات وتسوية الخلافات التى صنعتها أمريكا من خلال فزاعات وتهديدات مختلفة بهدف الابتزاز والتخويف حتى باتت دول المنطقة تمر بنوبة صحيان ويقظة إستراتيجية تعاد فيها صياغة المشهد الإقليمى، وسط تحالفات إقليمية وشراكات إستراتيجية شاملة وتقارب فى العلاقات بين المختلفين أو أعداء الأمس باتوا أصدقاء اليوم بسبب الأخطاء الإقليمية الكارثية التى لا يمكن تداركها على الإطلاق وباتت الولايات المتحدة الأمريكية فى حالة انكشاف وسقوط نظريات الحماية وتأكد حلفاء وأمريكا فى المنطقة، أن جل اهتمامها إسرائيل التى لا يضمن مكرها وغدرها وفى هذه الحالة سيكون الدعم والضوء الأمريكى جاهزًا على حساب الحلفاء الذين لا تضعهم واشنطن فى الاعتبار لذلك بدا فى الأفق أن هناك تحولاً إستراتيجيًا فى خريطة التحالفات والعلاقات الإقليمية، ولعل توقيع الاتفاق الإستراتيجى العسكرى بين الشقيقة المملكة العربية السعودية وباكستان واعتبار أن الاعتداء على دولة منهما هو اعتداء على الأخرى وتصريح وزير الدفاع الباكستانى أن البرنامج النووى الباكستانى فى خدمة السعودية ثم التقارب السعودى الإيرانى، فى العديد من اللقاءات والزيارات المتبادلة والاتصالات ولعل لقاء الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى بالرئيس الإيرانى على هامش القمة العربية ــ الإسلامية فى الدوحة واجتماع مجلس التعاون الخليجى لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك درع الجزيرة، ناهيك عن سباق التسلح والانفتاح على دول كبرى لتنويع مصادر السلاح لأن الثقة فى الأمريكان باتت فى أضعف حالاتها أيضا التطور الكبير الذى تشهده العلاقات المصرية ــ التركية حتى أن وزير الخارجية التركى هاكان فيدان، يؤكد أن العلاقات بين القاهرة ــ وأنقرة فى أفضل حالاتها على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين ثم اسـتئناف المناورات أو التدريب المشـترك «بحــر الصـداقة» فى شـرق المتوســـط بعد توقـــف 13 عامًا، وأيضا تطور العلاقات المصرية ــ الإيرانية بشكل كبير، وهناك تنسيق على أعلى مستوى ولعل نجاح مصر فى الوساطة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتوقيع اتفاق استئناف التعاون بينهما، والتقدير والشكر الإيرانى لمصر على هذا الدور والجهود ثم لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالرئيس الإيرانى وكبار المسئولين فى طهران، وأخرها لقاء الرئيس السيسى بنظيره الإيرانى على هامش القمة العربية ــ الإسلامية بالدوحة، وأيضا لقاء الرئيس السيسى برئيس الوزراء الباكستانى وتبادل الزيارات العسكرية.
الحقيقة دعونى أوجه التحية والإجلال لوطنى مصر العظيمة، التى أرى ما أن ينفذ ويجرى فى إعادة صياغة المشهد الإقليمى يعود لرؤيتها عن أهم ثوابتها أن أزمات المنطقة تحل وتتم تسويتها إقليميًا، وأيضا حماية أمن البحر الأحمر مسئولية الدول المتشاطئة ورفضها المساس أو تفكيك أو إسقاط أو الاعتداء على أى دولة فى المنطقة لأن هذا من شأنه أن يحدث خللاً إستراتيجيًا فى الشرق الأوسط ويؤثر سلبًا على أمن واستقرار المنطقة ورفض هيمنة طرف فى المنطقة على الأطراف الأخرى كما يحاول الكيان الصهيونى بدعم أمريكى بالإضافة إلى رؤيتها فى إرساء قواعد الحوار لتسوية الخلافات، وهو ما يحدث وبنجاح كبير ثم تبنيها التوازن فى العلاقات الدولية خاصة مع الدول الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، وأوروبا، والهند ثم رؤيتها فى بناء القوة والقدرة الذاتية، وبناء قواعد الردع الحاسم ولعل الزيارات الرفيعة التى تشهدها القاهرة من الدول الكبرى أو الاتصالات تؤكد قيمة ومكانة وأهمية مصر، التى تسابق الزمن لإبطال المخططات الصهيو ــ أمريكية وترسيخ علاقات الشراكة والتعاون بين دول الشرق الأوسط، وبناء قوة إقليمية فاعلة تتصدى للهيمنة والغطرسة.
تحيا مصر