كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس جمهورية رواندا
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز، فخامة الرئيس/ بول كاجامي، رئيس جمهورية رواندا الشقيقة،
السيدات والسادة الحضور،
يسعدني أن أرحب بأخي فخامة الرئيس “بول كاجامي”، ضيفًا كريمًا في وطنه الثاني “مصر”، وأن أعرب عن بالغ تقديري لهذه الزيارة، التي تجسد عمق الروابط التاريخية بين بلدينا، وتعبر عن إرادتنا المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي، وتكثيف التشاور والتنسيق، إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
لقد أجريت مع فخامة الرئيس “كاجامي”، مباحثات بناءة ومثمرة، عكست تطابق الرؤى وصدق النوايا، في دفع علاقاتنا نحو آفاق أرحب، لاسيما في مجالات الصحة والتعليم وبناء القدرات، والنقل والتجارة والاستثمار، وإدارة الموارد المائية، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، والتشييد والبناء.
كما تناولنا سبل تعزيز نقل الخبرات المصرية، وتقديم الدعم الفني، وتطوير الكفاءات الوطنية في رواندا، بما يخدم مصالح شعبينا، ويلبي تطلعاتهما نحو التنمية والازدهار.
وقد أكدنا خلال اللقاء، عزمنا على الارتقاء بمستوى الشراكة بين بلدينا، التي تعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضي، والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، بما يسهم في ترسيخ التعاون الاقتصادي بين مصر ورواندا.
وفي هذا السياق؛ أشدت بما حققته رواندا، من إنجازات لافتة خلال سنوات قليلة، تحولت خلالها إلى نموذج يحتذى به، في المصالحة الوطنية، وتوحيد الصف الداخلي، والانطلاق نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام.
وفي إطار تعزيز التعاون القائم؛ شهدت مع فخامة الرئيس “كاجامي”، مراسم توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات متعددة، من بينها إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيص الأراضي لأغراض لوجستية واقتصادية وتجارية، والإسكان، وتعزيز وحماية الاستثمار.
الحضور الكريم،
لقد أعربت لفخامة الرئيس، عن تقديرنا للمواقف المتوازنة، التي تتبناها رواندا تجاه العديد من الملفات الإقليمية التي تحظى باهتمام مشترك من بلدينا.
كما ثمنت استمرار التشاور بين القاهرة وكيجالي، ودوره الفاعل في دعم جهودنا، الرامية إلى إيجاد حلول سلمية توافقية للأزمات التي تشهدها منطقة شرق أفريقيا، وحوض النيل، والبحيرات العظمى.
وفي هذا الإطار؛ أكدت حرص مصر على دعم جهود إحلال السلام، واستعادة الأمن والاستقرار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومساندة المساعي التي يبذلها الوسطاء الأفارقة والدوليون والإقليميون، وتشجيع الأطراف المعنية على الانخراط الجاد، في مسارات الحل السلمي، بروح من المسئولية وحسن النية.
كما استعرضت الدور المصري المقترح، لدعم تنفيذ اتفاق واشنطن، لاسيما فيما يتعلق بإجراءات بناء الثقة، ومحاور تعزيز وبناء السلام، وفي مقدمتها جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، انطلاقًا من ريادة مصر لهذا الملف داخل الاتحاد الأفريقي، واستنادًا إلى الخبرات التي تتمتع بها مصر في هذا المجال.
وقد استمعت باهتمام بالغ، إلى رؤى وتقديرات فخامة الرئيس، بشأن مستقبل التسوية المستدامة في منطقة البحيرات العظمى، واتفقنا على مواصلة التشاور والتنسيق، وصولًا إلى تحقيق السلام والاستقرار المنشودين.
كما تناولنا قضية مياه النيل، حيث أكدت لفخامة الرئيس، أن هذه القضية تمثل مسألة وجودية لمصر وشعبها، وأننا لا نقبل المساس بحقوقنا المائية، في الوقت الذي نبدي فيه انفتاحًا كاملًا، على التعاون البناء مع أشقائنا في دول الحوض، من أجل إدارة هذا المورد الحيوي، بشكل يحقق التنمية المشتركة، بعيدًا عن منطق الهيمنة أو الإضرار بمصالح أي طرف.
كما أعربت عن تطلعنا لاستمرار الدور الرواندي الإيجابي، في تعزيز روح التفاهم والتعاون في منطقة حوض النيل، ومراعاة الشواغل المصرية في هذا الملف المصيري.
السيدات والسادة،
تناولنا كذلك؛ عددًا من القضايا الإقليمية والدولية، من بينها الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، وتطورات الأزمة في السودان الشقيق، فضلًا عن ملفات العمل الأفريقي المشترك.
وقد اتفقنا على مواصلة التنسيق وتبادل الرؤى بين القاهرة وكيجالي، بما يسهم في دعم جهود التسوية، وتحقيق الأمن والاستقرار في القارة.
كما تطرقنا إلى تطورات القضية الفلسطينية، حيث أطلعت فخامة الرئيس، على الجهود التي تبذلها مصر لوقف الحرب الجارية، وزيادة المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى.
وأكدت رفض مصر القاطع، لأي محاولات لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أرضهم، وأنه لا بديل عن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، لإطلاق عملية سياسية جادة، تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها “القدس الشرقية”.
كما شددت على أهمية دعم السلطة الفلسطينية، لتكون شريكًا أساسيًا، في أي عملية سياسية، وفي جهود إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق؛ رحبنا بنتائج مؤتمر “حل الدولتين”، الذي عقد في “نيويورك” يوم أمس، الثاني والعشرين من سبتمبر، واعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية، بما يعزز حل الدولتين؛ كمسار وحيد، لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
أخي فخامة الرئيس “بول كاجامي”، أجدد الترحيب بكم في بلدكم الثاني “مصر”، وأعرب عن تطلعي إلى مواصلة العمل المشترك بيننا، بما يحقق المصالح المتبادلة لشعبينا، ويسهم في تعزيز وحدة قارتنا الأفريقية، ودفع مسيرتها نحو التقدم والازدهار.
شكرًا لكم