الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : المؤامرة على مصر فى الخطاب الرسمى
من الإشارات والرسائل المشفرة إلى الإعلان الصريح المباشر

هل أدركت مصر أن هناك مؤامرات تحاك لها، فى الفترة الأخيرة أم أنها أدركت ذلك وعرفت تفاصيلها قبل سنوات، وهل أصبح خطاب الدولة المصرية يشير إلى ذلك بشكل مباشر وواضح ويتحدث بمفردات تؤكد ذلك؟
هناك ما يحاك للدولة المصرية، وهو قادم لا محالة، وسيكون واقعًا وهو ما نراه الآن ونراه رأى العين حولنا بل وما يهدد أمننا القومى، ومقدراتنا الوجودية وسيادتنا وحدودنا وأرضنا، من هنا فإن مصر استعدت وتجهزت مبكرًا لمواجهة هذا الطوفان، لكنها تقف على أرض صلبة وثقة فى القوة والقدرة، وهو ما يفسر مواقف مصر وجاهزيتها لمواجهة أسوأ السيناريوهات دون خوف رغم أن سياستها الواضحة الابتعاد عن الصدام والحرب، وإعلاء شأن الحوار والتفاوض، والحلول السلمية، لكن فى ذات الوقت لا تخشى ولا تخاف الحرب إذا فرضت عليها أو تهدد أمنها القومى بشكل مباشر هنا تكون الحسابات مختلفة، لا مفر من ردع ودحر كل من يجرؤ أو يعتدى على مصر.
تطور الخطاب والحديث المصرى عن المؤامرات والمخططات التى تستهدف الوطن، منذ اندلاع أحداث الفوضى والخراب ومحاولات إسقاط الدولة فى يناير 2011 لحساب نفس رعاة المخطط الحالى الذى استهدف إخراج مصر من المعادلة تمامًا حتى لا يجد المخطط أى مقاومة تعوق تنفيذه والرهان على حكم الإخوان المجرمين لتحقيق أوهام المخطط الصهيو ــ أمريكى سواء فى رسم الشرق الأوسط الجديد أو فصل سيناء عن الدولة المصرية وبالتالى يسهل هنا إيجاد الوطن البديل للفلسطينيين فى غزة التى ستكون من نصيب الصهاينة، وبدليل بعد أن طرد المصريون الإخوان المجرمين، وعزلوا رئيسهم، كان التركيز على استهداف سيناء، وقاد التنظيم الإرهابى محاولات إضعاف سيطرة الدولة المصرية على سيناء وهو أمر يكشف تبعية جماعة الإخوان الإرهابية للكيان الصهيونى، وأنها تخدم فى مخطط التهجير ويكشف الوجه الحقيقى ويسقط القناع عن الوجه القبيح لتنظيم الإخوان العميل الذى لطالما خدع وتاجر، بشعارات الجهاد، وتحرير القدس والمسجد الأقصى، والوطنية، والحقائق الدامغة على أرض الواقع، تؤكد أن الإخوان كيان صهيونى جرت صناعته على أيدى الإنجليز منذ عام 1928.
تدرج الخطاب المصرى، والحديث عن المؤامرات والمخططات التى تستهدف مصر تعاظم كما قلت منذ يناير 2011، وأن كان موجودًا فى العقل الجمعى المصرى على مدار التاريخ، وبدأت رحلة الدولة المصرية فى الاستعداد لمواجهة المؤامرات والمخططات الصهيو ــ أمريكية بعد طرد نظام الإخوان وعلى يد قائد عظيم استشرف المستقبل، وقرأ جيدًا تفاصيل المؤامرة والمخطط على مصر، وسابق الزمن من أجل الاستعداد وبناءًا على درجات القوة والقدرة والردع، وأطلق الكثير من الإشارات عن وجود مؤامرة تحاك لمصر، بدأت منذ الحرب على الإرهاب وفى أتون جرائمه عندما كشف أهداف وأسباب هذا الإرهاب على سيناء قائلاً «احنا مش هنسيب سيناء لحد، سيناء ياتبقى مصرية، يانموت على أرضها» هذه الرسالة كانت فى توقيتها مشفرة للمتآمرين بأنه مهما يحدث من جرائم إرهابية، فلن نترك سيناء أبدًا ولكن بعد مرور سنوات على القضاء على الإرهاب وما يجرى الآن على أرض الواقع فى قطاع غزة وحرب الإبادة والتجويع والحصار التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان القطاع والمساس بالأمن القومى المصرى، ومطالبة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مصر باستقبال الفلسطنيين وفتح الحدود أمامهم، نصل كمواطنين أو محللين أن هناك رابطًا بين الإرهاب الذى قاده الإخوان المجرمين على سيناء ومحالات إضعاف السيطرة المصرية عليها وبين ما يجرى فى غزة وما يطلب من مصر، وهو نفس الهدف أن تكون سيناء وطنًا بديلاً للفلسطينيين وأن تكون غزة لصالح المخطط الصهيو ــ أمريكى ويقينا الدولة المصرية كانت تدرك ذلك، وإدركته أيضا منذ الوهلة الأولى لبدء العدوان الصهيونى وكشفت نوايا إسرائيل عندما أعلنت لا لتصفية القضية الفلسطينية ولا لتهجير الفلسطينيين، ولا مساس بالأمن القومى المصرى أى جميع تفاصيل وأهداف المخطط التى تمارس من أجله دولة الاحتلال أبشع الجرائم غير الإنسانية على مدار عامين لكنه لم يبرح مكانه بسبب الموقف المصرى.
الخطاب المصرى على مدار السنوات الماضية كان يبعث بإشارات مشفرة عن وجود مؤامرة ومخطط يستهدف الوطن، ومنها حديث الرئيس «كلما سعت مصر للتقدم ــ حاولوا كسر قدميها» وهنا يقدم الرئيس السيسى سببًا آخر للمؤامرة والمخطط الذى يستهدف مصر وهو تحقيقها نجاحات وإنجازات فاقت التوقعات فى مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، وفى وتيرة البناء والتنمية.
لكن فى الفترة الأخيرة.. الخطاب المصرى عن المؤامرة والمخطط بات مباشرًا واضحًا لا يحمل أى شفرات، أو لبس، الرئيس السيسى فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف قبل أيام، قال «أطمئن الشعب المصرى العظيم على يقظتنا وإدراكنا لما يدور حولنا ويحاك ضدنا ووقوفنا فى مواجهة التحديات بإجراءات مدروسة» هو حديث رئاسى مباشر عن وجود استهداف ومخططات ومؤامرات تحاك ضد الدولة المصرية.. الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية خلال الأيام الأخيرة قال إن هناك مؤامرة تحاك ضد مصر، لكنها دولة قوية، بمؤسساتها الوطنية، وهو إعلان مباشر بأن هناك مؤامرات تستهدف الدولة المصرية.
الواقع أيضا يكشف بوضوح حجم المؤامرات والمخططات والتحديات والتهديدات التى تستهدف مصر تستطيع أن ترصدها جيدًا عندما تنظر إلى الخريطة وتدرك ما يدور فى الاتجاه الآخر من حدود مصر على كافة الاتجاهات الإستراتيجية وأيضا فى البر والبحر وما نتعرض له من ابتزاز ومساومات ومحاولات للمساس بمقدراتها الوجودية لذلك فإن افتتاح السد الأثيوبى فى أتون المخطط الصهيو ــ أمريكى لتهجير الفلسطينيين ورفض مصر، هو أمر كاشف لحجم المؤامرة التى تتعرض لها الدولة المصرية لكنها قادرة، وواثقة وتقف على أرض صلبة فى مواجهاتها بما لديها من مؤسسات وطنية قوية وقدرة سياسية وعسكرية واقتصادية تستطيع إنفاذ إرادتها.
تحيا مصر