الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : إسرائيل تدرك أكثر من غيرها من هو الجيش المصرى
مصر لا تخاف.. اليقظة مطلوبة والعدو بطل من ورق

حالة واحدة فقط تكون فيها إسرائيل قوية وقادرة على تحقيق أوهامها وإجرامها واحتلالها لمزيد من الأراضى العربية، ضعفنا وعدم يقظتنا، وانقسامنا واختلافنا وهذا ينطبق على أى قوة معادية، الحقيقة أن هناك مبالغات وتضخيمًا لقوة إسرائيل، بل جل قوتها فى الخداع والكذب، ونشر الفتن والانقسام فى العالم العربى، وتراهن فقط على قوة الراعى الرسمى والتاريخى المتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية التى جعلت من إسرائيل بؤرة لإشعال الصراعات والتوترات والحروب فى المنطقة، والعمل على تحقيق الأهداف والمصالح الأمريكية التى ترى أن فى ضعف دول المنطقة نجاحًا كبيرًا لها وضمانًا لنفوذها وهيمنتها ومكاسبها، وتشغيل مصانع السلاح حيث دأبت على خلق فزاعة فى كل منطقة تستخدمها لتخويف طرف من طرف آخر من أجل الحصول على المكاسب والعوائد.
إســرائيل فى حــد ذاتها ليسـت قوة مرعبـة أو مخيفة وعاشت على الدعاية ونشر الأكاذيب بترسيخ أسطورة الجيش الذى لا يقهر، واليد الطولى، وللأسف الشديد نجحت فى تحقيق نصر بعد أن عشنا حالة من الغفوة وعدم اليقظة، رغم أن القدرة كانت موجودة لسحق العدو الصهيونى، وهذا ما حدث فى أكتوبر 1973 الدرس والصفعة والزلزال الذى حطم عظام الكيان الصهيونى وأجبره على الاستسلام والرضوخ لمطالب مصر والانسحاب من سيناء التى احتلها فى غفوة 1967 لكنها لم ولن تنسى قسوة الهزيمة والخسائر فى ملحمة العبور التى سطرها الجيش المصرى العظيم الذى هو بالفعل الجيش الأسطورة رغم الدعم الأمريكى غير المحدود.
قوة الجيش الإسرائيلى المزعومة تأتى من اعتمادها على الوقيعة وبث الفرقة والفوضى فى داخل الدول نفسها وأيضا بين دول الأمة العربية، لذلك خصصت كتائب المستعربين التى تعمل على بث وإفساد العلاقات بين الشعوب العربية، وتحويل منصات السوشيال ميديا إلى مساحات حرب.. وتراهن على أن هزيمة الدول من الداخل وإثارة الفوضى والإرهاب والاقتتال الداخلى، يؤدى إلى إسقاط الدولة وتهاوى قدرتها، ساعتها لا تتردد إسرائيل فى الإجهاز والقضاء على جميع القدرات الإستراتيجية لهذه الدولة واستباحة كل شىء فيها وارتكاب الانتهاكات المستمرة لسيادة هذه الدولة واحتلال أراضيها، وإقامة قواعد عسكرية صهيونية إستراتيجية فى أراضيها بل وبناء مستوطنات بداخلها دون أى مقاومة من الدول التى سقطت وفقدت قدراتها الإستراتيجية، وقدرتهــا على الدفــاع عن نفســــها، بل لا يتوقف إجرام إسرائيل بعد نجاحها فى دعم الفوضى والفتن داخل هذه الدولة والوصول إلى إسقاطها، تمارس العربدة بداخلها، تنفذ عمليات، تتواجد قواتها بين مواطنى هذه الدولة تلقى القبض وتعتقل دون أى اعتراض وتحرض الطوائف، والأقليات الذين باتوا يطلبون الحماية منها، وهذا نتيجة حتمية لأخطاء وكوارث الشعوب فى إسقاط وأضعاف أوطانها.
إسرائيل تعمل الآن فى بعض الدول على نزع أنياب وقوة هذه الدول فرغم انحيازى الشديد للدولة الوطنية ومؤسساتها، والتى لا يمكن أن تعيش فى ظل كيانات موازية، لكن أهداف ومطالب الأمريكان وإسرائيل فى لبنان قد تشعل الفتن والحرب الأهلية، خاصة أنه من حق الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية والأمنية أن يكون السلاح فقط فى يدها وحوزتها، لكن فى ذات الوقت حزب الله يرفض بشدة ويهدد ويتوعد بمساندة قوى إقليمية أنه لن يتنازل عن سلاحه وهنا السؤال المهم، ماذا سيحدث فى حالة تمسك الدولة اللبنانية بقرارها وهذا حق على نزع سلاح حزب الله، ثم رفض الحزب التخلى عن السلاح، هنا قد يحدث ما يريده الكيان الصهيونى والأمريكان، فى تحويل لبنان إلى ساحة للحرب الأهلية، وهنا تقوم إسرائيل بتنفيذ كل أهدافها وأوهامها فى التوسع فى احتلال الأراضى اللبنانية فرغم الاتفاق 1701 مازالت إسرائيل بعيدة تمامًا عن الالتزام ببنوده ويوميًا تمارس الانتهاكات وتنفذ عمليات عسكرية إجرامية، وقصف جوى بذريعة ضرب أهداف حزب الله ومازالت قوات إسرائيل موجودة فى الجنوب اللبنانى دون انسحاب طبقا للاتفاق 1701.
المشكلة لدى إسرائيل أنها دولة لا ثقة فيها ولا مصداقية لديها، ولا تلتزم إلا بالقوة ومع الأقوياء، فما بالنا أن من يقود دولة الاحتلال هو رئيس الوزراء الاكثر تطرفًا وجنونًا وكذبًا واحتيالاً، فهو الذى أفسد جهود جميع الأطراف والوسطاء فى الوصول إلى اتفاق دائم لوقف اطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى والرهائن وإدخال المساعدات وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع رغم أنه وافق على المقترحات، وعندما توافق حماس يلحس كلامه ويلغى اتفاقه.
لا أميل كمواطن مصرى أثق فى عقل وقوة وقدرة وطنى على المبالغة فى قوة إسرائيل فرغم القوة الظاهرية والمظهرية، والترويج لانتصارات فى معارك عصابات إلا أنها لم تواجه جيشًا نظاميًا قويًا، بل إن قوة إسرائيل العسكرية مليئة بنقاط الضعف والثغرات، حتى التركيبة الجغرافية والعمق الإستراتيجى لإسرائيل أسلحة فتاكة لديها فجل قوة إسرائيل فى قواتها الجوية خاصة مقاتلات أف ــ 35 والحرب السيبرانية، وقدرة صاروخية وكل ذلك فى المتناول وتحت السيطرة، لكن قوة الآخرين فتاكة وأشد قوة وألمًا وقادرة على أوجاع وتدمير الكيان وربما يكشف ذلك بوضوح الجاهزية الفريدة وأيضا حالة الاقتراب، وتموضع القوات، والإلمام بكل الأهداف الصهيونية والسرعة والقدرة على الوصول إليها ــ فإسرائيل فى مأزق تاريخى ما بين انسداد المسارات مع المجتمع الدولى والعزلة التى تعيشها واضطرابات وانقسامات الداخل وحالة الانهيار والاستنزاف والإحباط التى تعيشها دولة الاحتلال، بسبب سياسات وأوهام وتطرف نتنياهو.
قوة ويقظة الدولة المصرية وتنامى قدراتها وارتكازها على أقوى منظومة ردع، تدمر كل من يفكر بالمساس بأمنها القومى، وجاهزة للتعامل مع كل السيناريوهات، وكل تعامل وإجراء وقرار فهى مستعدة تمامًا للتعامل مع كل سيناريو موجود من الآن، دولة تعرف ماذا تفعل فى مختلف الظروف، ولا تغفو ولا تنام بل فى أوج اليقظة، لذلك نحن لا نهول ولا نخشى من قوة عدونا، لكن ندرك ماذا نفعل وكيف نتعامل ونقهر، لا نخاف ولا نرهب، وعدونا يعرف ذلك عنا، لذلك لن يجرؤ، ولكننا أيضا نفترض أنه يمكن أن يجرؤ هنا ستكون نهايته وانتحاره.
تحيا مصر