الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : العرب أمام تحديات وجودية .. إحياء القوة المشتركة حتمى

استهداف قطر الشقيقة سابقة خطيرة وتنذر بعواقب وخيمة

الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق

لا يمكن تفسير ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وانتهاكات لسيادة الدول والإمعان فى القتل والإبادة والتجويع وسرقة أراضى ومقدرات الشعوب إلا أن النظام العالمى ومؤسساته سواء الأمم المتحدة ومجلس الأمن بل مبادئ القانون الدولى قد سقط وانهار وأصبح من الماضى.. فما تفعله دولة الاحتلال هو عودة مكتملة الأركان للبشرية إلى أجواء الفوضى واللاقانون أو ممارسة البلطجة بحماية ودعم أمريكى كامل.. بل ومشاركة أمريكية تنذر بدخول المنطقة والعالم إلى أتون الاشتعال والمواجهات العسكرية فى ظل الإصرار على التصعيد وممارسة البلطجة والضرب بمبادئ القانون الدولى والمواثيق الدولية عرض الحائط.
لم تكتف إسرائيل بحرب الإبادة والتجويع والحصار على الشعب الفلسطينى على مدار ما يقرب من عامين وقتل الأطفال والنساء وتدمير كامل لقطاع غزة وتدمير الحجر والبشر من أجل ضرب كل مقومات الحياة فى القطاع حتى يتم اجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم فى إطار أوهام ومخططات التهجير لدولة فاش`ية لا تشبع من الدماء والخراب والدمار والاحتلال بل تعيث فى المنطقة العربية قصفاً وانتهاكاً للسيادة وتوسع واحتلال من أجل أوهام إسرائيل الكبرى التى تستهدف سرقة الأراضى العربية وإضعاف دول الأمة وتقسيمها.
جريمة دولة الاحتلال فى استهداف قطر الشقيقة سابقة خطيرة وتنذر بعواقب وخيمة وتشير إلى إصرار الكيان الصهيونى على التصعيد والعمل على تنفيذ أوهامه وهو أمر يجب أن يؤخذ بشكل جاد خاصة أن أوهام نتنياهو وخزعبلاته عن إسرائيل الكبرى تسجل عدداً من الدول العربية وليست فلسطين المحتلة فقط.. فهناك سوريا ولبنان والأردن ومصر والسعودية والكويت.. لذلك فإن دولة الاحتلال باستهدافها وانتهاكها لسيادة قطر الشقيقة ومحاولة اغتيال قادة حماس داخل أراضيها مؤشر ورسالة مهمة يجب أن نتوقف عندها وتستوجب وقفة شاملة للنفس العربية مع مخاطر ومخططات وأوهام تشكل خطراً داهماً على الأمن القومى العربى ووحدة الدول العربية.
الهجوم الصهيونى على قطر الشقيقة الذى هو امتداد لمسلسل الإجرام والانتهاكات الإسرائيلية من فلسطين إلى لبنان وسوريا واليمن وبمباركة ودعم وضوء أخضر أمريكى مهما نالت واشنطن من أحاديث إفك مرتعشة ومتناقضة فمن الكذب أن تعجز أمريكا عن إيقاف تهور وجنون وإجرام إسرائيل.. بل أقول ان الولايات المتحدة شاركت فى الهجوم بأشكال مختلفة سواء بالمعلومات الاستخباراتية أو تزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود.. فالدعم الشامل يفضح واشنطن وأيضاً التصريحات القطرية تكشف التواطؤ الأمريكى حيث خرج الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى ليؤكد أن الأمريكان أبلغوا قطر والهجوم ينفذ بالفعل.. وتصريحات الصهاينة فى البداية كشفت الدور الأمريكى بأن الرئيس دونالد ترامب واثق وهنا أتذكر مقولة ثعلب الدبلوماسية هينرى كسينجر «إن تكون عدواً لأمريكا فهذا أمر خطير.. وإن تكون صديقاً لها فهذا أمر قاتل».. الأمريكان ليس لهم صديق والمتغطى بهم عريان.. وهو ما يستوجب إعادة حسابات ووقفة مع النفس من جانب العرب خاصة أنه تأكد للجميع ان أمريكا لا تعمل سوى لمصالح وأهداف وأوهام إسرائيل.. وهى المستفيدة من ذلك وأمريكا مثل الأفعى مهما قدمت لها سوف توجه لدغاتها القاتلة لك.. لذلك أرى أنه رغم قسوة وخطورة ما حدث من انتهاك لسيادة الشقيقة قطر.. لكنه من جانب آخر جرس انذار وسبب قوى للمراجعة وإعادة الحسابات حول العلاقات مع الأمريكان من جانب وأيضاً مراجعة العلاقات العربية والتى كشفت الأحداث والجرائم على مدار العامين الأخيرين التى ترتكبها أمريكا وإسرائيل فى حق العرب وأن نوايا التحالف «الصهيو- أمريكى» الخبيثة لا تستبعد أحداً أنه يجب ان تبادر الدول العربية.. وقد حباها المولي- عز وجل- بقدرات هائلة ومقدرات غير موجودة فى أى مكان قوة بشرية وثروات ومصادر وموارد للطاقة.. لذلك يجب التفكير بجدية فى بلورة نظام عربى دفاعى تتوفر له كل أسباب ومقومات القوة والقدرة والردع لحماية دول الأمة من خطر الأوهام والمخططات ومحاولات استباحة الأمن القومى العربى.. فقد بات الجميع على يقين ان الاستهداف الصهيو- أمريكى لايستبعد ولا يستثنى أحداً.. ولابد من ايقاف الأوهام الإسرائيلية ودحر العربدة ولابد ان يفكر العرب بجدية فى «تشكيل قوة عربية مشتركة- ناتو عربى» ليصبح قوة عالمية فى كافة التخصصات والأفرع والأسلحة وخبرة المقاتلين لحماية الأمن القومى العربى ولا مجال لإضاعة الوقت فى ظل هذا الخطر الداهم ولابد ان تبادر جامعة الدول العربية لعقد قمة ثم اجتماعات متواسطة لتنفيذ الأهداف وما يتم الاتفاق عليه وإعادة النظر فى طبيعة العلاقات مع الأمريكان الطرف والشريك غير الشريف والداعم والمتواطؤ مع إسرائيل ومهما قالت واشنطن فإنها متورطة وفاعل فيما يحدث فى المنطقة العربية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عام 2015 قال «انه لابد من أدوات للعمل العربى العسكرى المشترك للتغلب على التحديات والتهديدات».. انه ومهما كان تقييمنا لمدى نجاح كل تلك الجهود إزاء امكانية تفاقم الأوضاع والتحديات الراهنة من إرهاب يداهم ويروع وتدخلات خارجية نحتاج التفكير بعمق وثقة فى النفس فى كيفية التعامل مع تلك المستجدات من خلال تأسيس قوة عربية مشتركة دونما انتقاص من سيادة أياً من الدول العربية.. لذلك فإنه لا سبيل لحماية الأمن القومى العربى وحماية دول الأمة العربية إلا بتفعيل العمل العربى المشترك وإدراك التهديدات والمخاطر المحدقة بالعرب وما يستهدفهم من مخططات وأوهام صهيو- أمريكية وأيضاً التكامل والتوحد والاصطفاف العربى وان يكون للعرب قوة عسكرية مشتركة فائقة القوة والردع تحمى الأمن القومى العربى وتحفظ سيادة ومقدرات دول الأمة وهو ما يؤكد رؤية مصر التى أطلقتها قبل 10 سنوات وإعادة النظر فى إستراتيجيات وعلاقات وتوجهات العرب مع القوى الكبرى.. فالعرب قادرون على تغيير المعادلة ولا مجال إلا بوقفة شاملة مع النفس وإعادة الحسابات والمراجعة الكاملة قبل فوات الأوان خاصة فى ظل خداع وتواطؤ الجانب الأمريكى ونوايا الشيطان الصهيونى الذى يريد التهام دول العرب دون استثناء.
أثق ان المراجعات بدأت بالفعل والحقيقة ان الموقف العربى الذى أعقب الهجوم الصهيونى على قطر الشقيقة يستحق التقدير.. ويجب البناء عليه وأن يكون اعتماد العرب على أنفسهم فى حماية وجودهم وأمنهم ومقدراتهم.

تحيا مصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.