الكاتب الصحفي يسري السيد يكتب : السؤال الصعب..!!

هل أنا على الطريق الصحيح؟..* ما هو هدفي في الحياة؟ هل أنا هنا لسبب معين أم أن وجودي مجرد صدفة؟
هل أنا سعيد حقا ؟ …هذه عينة من أسئلة تطرح أسئلة أكثر ما تطرح إجابات ، قد تسعد صاحبها أو من حوله ، أو تحول حياته الى جحيم
والبداية تكون هل السؤال هم المهم أم الإجابة عليه ؟
بداية لا تطور سواء للأمم أو الإنسان بلا أسئلة ، وعندما يصبح السؤال إبداعًا يكون للسؤال أهمية .. لماذا ؟ لإن مفتاح التطور يكمن في “الاستفهام” ؟
و تكمن إشكالية السؤال في إننا نعيش فى عالم يغرق في بحر من الإجابات الجاهزة والحلول السريعة، و ونتناسى أن أعظم قوة لا تكمن في معرفة الإجابة، بل في عبقرية السؤال. ..نعم، السؤال ليس مجرد وسيلة لطلب المعلومة، بل هو أداة لخلق واقع جديد، وفن يُطلق العنان للإبداع، وشرارة تُشعل البحث عن الحقيقة.
لنفكر في الأمر: وبلغة الفلاسفة ، كل علمهم يرتكز على السؤال والبحث عن إجابة والسؤال هو المهم و المهمة التى تثقل ظهر الفلاسفة منذ بدء الوجود وحتى الآن … وعلميا كل اختراع عظيم، وكل نظرية علمية غيرت وجه التاريخ، لم تبدأ بـ “الإجابة الصحيحة”، بل بـ “السؤال الصحيح”. “ماذا لو سقطت التفاحة في اتجاه مختلف؟” سؤال قاد نيوتن إلى اكتشاف الجاذبية… “ماذا لو كانت هناك طريقة لرؤية ما لا نراه؟” سؤال دفع العلماء لاختراع الميكروسكوب والتلسكوب.
السؤال يكون بحجم القضية وبحجم من يطرحه من قدرات عقلية ومعرفية ، السؤال العبقرى ليس مجرد فتحة في جدار المعرفة، بل هو مطرقة تهدم الجدار بأكمله أحيانا . إنه يبدأ رحلة إستكشاف لا نهاية لها… السؤال العبقرى هد الذي يرفض التسليم بالمسلّمات، ويتحدى الأفكار السائدة، ويجبر العقل على الخروج من منطقة الراحة ، الى مناطق القلق والتوترو الشك ، وللدرجه التى ربطه ديكارت بالشك و بالوجود ، وما الشك الا أسئلة متتالية لا حصر لها ، السؤال الجيد لا يكتفي بالبحث عن الإجابة االمتاحة، بل يبحث عن الإجابة غير الموجودة…
يعنى السؤال يُناقش ويفتح باب الجدل والحوار ، والإجابة تُنهي الحوار ، خاصة اذا زعم صاحبها أنها يقينية لا تقبل النقاش ..والفارق الجوهري بين السؤال والإجابة ، هو أن الإجابة غالبًا ما تضع حدًا للنقاش… هي نقطة نهاية… أما السؤال فهو دائمًا نقطة بداية… عندما تطرح سؤالًا مثل “كيف يمكننا جعل مجتمعنا أكثر تطورا ؟”، فإنك لا تطلب إجابة واحدة، بل تدعو إلى حوار، وتفتح الباب أمام مئات الأفكار والحلول… أنت لا تبحث عن إجابة، بل تناقش إمكانيات الإجابات المختلفة .
وتقدم المجتمعات وتطورها وتميزها عن نظيرتها مرهون بثقافة السؤال. ففي المجتمعات التي تشجع على التساؤل، ينمو الابتكار، ويزدهر التفكير النقدي، وتُحل المشاكل المعقدة. أما المجتمعات التي تكتفي بتلقين الإجابات الجاهزة ، فتبقى أسيرة لأفكار الماضي، وتفقد بوصلة المستقبل.. لإنها ببساطة لا تملك ثقافة السؤال !!
لذلك عليك أن تشعر بالسعادة ، عندما تجدك مرهون بسؤال لا تملك إجابته ، تذكر أن هذه قد تكون فرصتك الذهبية، لا تخف من الجهل للحظة، بل إجعل من سؤالك الأول هو خطوتك الأولى نحو الإبداع.. فعبقرية السؤال هي التي ستقودك، وستقودنا معك، إلى مستقبل أفضل..
لكن الأمر قد لايبدو بسيطا ويكون السؤال هل القدرة على طرح الأسئلة نعمة أم نقمة ؟ ،… بمعنى هل تتحول الأسئلة الى عذاب دائم وعقبة في سبيل السعادة والهدوء النفسي والعقلى !!… والاجابة وهى ليست مرضية لى ، إن السؤال بحد ذاته ليس سيئًا، بل هو أداة، و مثل أي أداة، قد يكون استخدامها خاطئًا في بعض الأحيان، مما يسبب الألم ، أواستخدام صحيح قد يجلب النفع .
قد يرى البعض إن السؤال ” النعمة ” هو وسيلة للاستكشاف والتعلم، ووسيلتنا لفهم العالم بشكل أعمق، واكتشاف إمكاناتنا، وتطوير أفكارنا و حل المشكلات أو اكتشافات علمية أو فهم أفضل للعلاقات الإنسانية و أبواب للمعرفة والنمو، و قيمة حقيقية لحياتنا… لكن قد تتحول الأسئلة إلى نقمة عندما تصبح هاجسًا، عندما لا تكون موجهة لإيجاد حل، بل لإثارة القلق والشك. .. من وجهة نظر البعض التى لا أتفق معها !! ومن عينة الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليها بسهولة المتعلقة بالماضي الذي لا يمكن تغييره، أو التي تثير شعورًا بالندم، لتتحول بذلك إلى مصدر للأرق النفسي الدائم. .. السؤال النقمة عندما يغرق الشخص في التفكير في “ماذا لو؟” أو “هل كان يجب أن أفعل كذا؟” حتى لا يحدث ما حدث ، هذه النوعية من الأسئلة قد تجعل الإنسان يعيش في حالة من العذاب النفسي الذي يمنعه من الاستمتاع بالحاضر.
والتساؤل المهم هل هناك علاقة بين الذكاء وطرح السؤال ، وبالتالى هل الذكاء نعمة أم نقمة ؟
بلا شك الذكاء هو نعمة ، لكنه يصبح نقمة لصاحبه من وجهة نظر البعض عندما يطرح أسئلة عميقة وتحليلية و في أدق التفاصيل.. يعنى قد يكون الذكاء سلاحًا ذا حدين: يكون نعمة في حل المشاكل المعقدة، والتفكير في أبعاد مختلفة للمواقف، مما ليؤدى إلى اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق نجاحات أكبر.
وقد يكون الذكاء المفرط نقمة بالقلق المفرط عندما يغرق صاحبه في كل الاحتمالات السلبية، ويتوقع أسوأ السيناريوهات، بإدراك تعقيدات الحياة والوجود بشكل أكبر، مما يجعله أكثر عرضة للأسئلة الوجودية المؤرقة التي لا توجد لها إجابات سهلة… ويقول البعض ان التحدي يكمن في إيجاد التوازن، في معرفة متى نطرح الأسئلة ومتى نتركها جانبًا لنعيش اللحظة وهو ما يتعارض أصلا من أهمية السؤال أكثر من الإجابات ذاتها
لكن بعيدا عن الشخص صاحب السؤال قد نستفيد نحن بقلقه وتوتره وتفكيره العميق أكثر منه ، نحن استفدنا بقوانين الجاذبية اكثر من نيوتن واستفدنا بالكهربا ء والمصباح أكثر من إديسون واستفدنا بالتليفون أكثر من جراهام بيل، وبالطائرة أكثر من الأخوان رايت وبالمطبعة أكثر من ويوهانس جوتنبرج
• نعم بعض الأسئلة الكبرى ليست مجرد تساؤلات عابرة، بل هي قنابل موقوتة في عالمنا الداخلي، تسرق من صاحبها السلام وتجعله يغرق و نغرق معه في بحر من الأفكار التي لا تنتهي ، خاصة مايتعلق بالهوية والوجود، والصراع بين الواقع وما نتمناه أو ما نخشاه من عينة …..ما هو هدفي في الحياة؟ هل أنا هنا لسبب معين أم أن وجودي مجرد صدفة؟ ……أسئلة صعبة تجعل صاحبها غارقا فى حيرة دائمة، و يجعله يشعر بأن كل ما يفعله لا معنى له..
وتتوالى مثل هذه الأسئلة : هل أنا سعيد حقًا؟ ، وقد يكون لصاحب السؤال كل أسباب السعادة الظاهرة، لكنه يشعر بفراغ داخلي، مما يجعله يتساءل عن حقيقة مشاعره وهل هو يعيش حياة تناسب روحه حقًا.
والسؤال المعضلة : ماذا بعد الموت؟ ويطرحه الكثيرون ، سواء كانوا متدينين أم لا ، وعدم وجود إجابة قاطعة له يجعل الخوف من المجهول يسيطر على الإنسان، ويجعل كل لحظة يعيشها محاطة بهاجس النهاية، مما يقلل من إستمتاعه بالحاضر.
هل نستمر فى طرح الأسئلة : اذا كانت الإجابة نعم… ها هو السؤال : هل أنا كافٍ؟ و السؤال يطارد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة إسمها فى علم النفس والإجتماع متلازمة “المحتال، حيث يشعرون دائمًا بأن نجاحاتهم مجرد حظ أو صدفة، وأنهم سيُكشفون في أي لحظة، وهذا الخوف المستمر من الفشل يجعلهم لا يستطيعون الاستمتاع بإنجازاتهم، ويجعلهم دائمي الشك في قدراتهم.
وتتوالى الأسئلة من عينة : هل أنا أحب نفسي حقًا؟ وهذا السؤال يظهر عندما يفشل الشخص في علاقاته أو عندما يتعرض للنقد والانتقاد ، ويبدأ في التفكير في عيوبه، وهل هي السبب في كل ما يحدث له، مما يجعله يدخل في دوامة من جلد الذات والتقليل من قيمته…. وهكذا يكون السؤال التالى : هل أنا على الطريق الصحيح؟ وينشأ التساؤل من مقارنة الحياة الشخصية بحياة الآخرين ، فقد يرى الشخص نجاحات وأحلامًا محققة لدى من حوله، ويشعر أن مساره بطيء أو غير صحيح، مما يسبب له قلقًا مستمرًا وشعورًا بالضياع.
نستكمل الأسئلة أم كفى ؟….سأكتفى بعد أن أطرح هذا السؤال الذى قد يؤرق الكثيرون ولا يسألونه : هل اتخذت القرار الصحيح بالزواج من هذا الشخص؟
وهذا السؤال قد يظهر بعد سنوات من الزواج، وخاصة عند مواجهة المشاكل. .. يبدأ الشخص في التفكير في المسارات الأخرى التي كان يمكن أن يسلكها، مما يجعله يندم على قراراته ويخلق فجوة في علاقته…
و يكون السؤال الأخير هنا : هل يجب أن أترك عملي وأبدأ مشروعي الخاص؟ وهذا السؤال يطارد الأشخاص الذين يشعرون بالملل في وظائفهم، لكنهم يخشون المجازفة..و التفكير المستمر في هذا القرار يستهلك طاقة كبيرة، ويجعلهم غير قادرين على التركيز في الحاضر، لا هم استمتعوا بعملهم الحالي ولا هم امتلكوا الشجاعة لاتخاذ الخطوة.
هذه عينة من الأسئلة الكبرى التى قد تسرق منا الحاضر، وتجعلنا نعيش في عالم من الاحتمالات والندم والشك ، من وجهة نظر البعض ويراها البعض الأخر هى الطريق للتتطور والسعاده
لكن البعض يفضل ان يعيش” تور لاهى فى برسيمه ” فيتمتع بصحته الجسدية والنفسية والعقلية بدلا من الجنون والتقوقع على الذات .. الأمر متروك لك فى الإختيار !!
yousrielsaid@yahoo.om