الكاتب محمد نبيل محمد يكتب : قناة السويس العبور الدائم والتدخل المستحيل تفاصيل معركة السويس الاولى (15)     

الكاتب محمد نبيل محمد

في 3 فبراير 1915اتخذ القائد التركي جمال باشا طرفًا داخليًّا في قلب شبه جزيرة سيناء تفاديًا لبحرية قوات الحلفاء، واتخذ طريق القدس – بئر سبع، وجعل بئر سبع مركز الحملة على مصر، وهناك قسم جيشه على ثلاثة محاور:

1ـ المحور الأول: من المتطوعين السوريين والبدو لاحتلال العريش- قطية لمهاجمة القناة عند كوبري القنطرة.

2ـ المحور الثاني: من المتطوعين عرب الحجاز، وفرق من الشام والمركز نخل في اتجاه السويس لمهاجمة القناة عند كوبري السويس.

3ـ المحور الثالث: يقودها جمال باشا مع جيش كبير في اتجاه طريق الإسماعيلية لمهاجمة القناة عند كوبري الإسماعيلية مارًا على بئر السبع، الخلصة، العوجة، الروافعة، جبل لبني، الجفاجفة، فالخبرة شمال جبل أم خشيب.

عند وصول القائد العثماني إلى الخبرة قسم جيشه إلى قسمين؛ قسم متجه نحو بئر المحدث لمهاجمة الإسماعيلية عند الكوبري، والقسم الآخر وهو الأكبر إلى كثيب النصارى في اتجاه سرابيوم والدفرسوار، هذا وفي أثناء زحفه على الإسماعيلية، زحف الجيش الذي أرسله بطريق العريش لمهاجمة القناة عند القنطرة، والجيش الذي أرسله بطريق نخل لمهاجمة قناة السويس، فهاجم القناة من القنطرة والإسماعيلية وسرابيوم والدفرسوار والسويس في وقت واحد.

في يناير 1915 وصلت القوات العثمانية إلى ضفة القناة، وحاولت العبور في الليل بين 2 و3 فبراير، إلا أن القوات المصرية – البريطانية صدت هذا الهجوم.

كانت القيادة العسكرية البريطانية على أهبة الاستعداد لصد الهجوم العسكري التركي – الألماني على مصر، فقد أمرت بإخلاء سيناء لتستفيد من صحراء سيناء كحاجز قاسٍ يصعب اجتيازه بسهولة حيث:

 بعد القوات التركية عن مركز القيادة ومراكز الإمداد والتموين.

 طول وصعوبة الطريق في سيناء مما ينهك القوات.

 صعوبة حمل المعدات العسكرية، والأسلحة والذخيرة والمؤن والمواد الأساسية للإعاشة، لمسافات كبيرة وصعبة الاجتياز.

قسمت القيادة العسكرية البريطانية دفاعات قناة السويس إلى أربعة محاور:

المحور الأول: القطاع الشمالي الموازي للبحر المتوسط، الكوبري-جنيفة.

المحور الثاني: الدفرسوار – سرابيوم.

المحور الثالث: المعدية-الفردان-البلاح.

المحور الرابع: القنطرة وملاحات بور سعيد .

كانت خطة القيادة العسكرية البريطانية هي إنهاك القوات التركية في الصحراء والاحتماء بالحاجز المائي – قناة السويس – لحين الهجوم المضاد.

كما أمرت بإغراق الأراضي بمياه البحر قبالة بور سعيد على طول 45 كيلو مترًا، وحفرت الخنادق على ضفة القناة الشرقية من القنطرة في اتجاه الجنوب وعززت المواقع بقوات كبيرة، وحفرت الخنادق على ضفة القناة الغربية وعززت المواقع بخمسين ألف جندي، وحشدت 40 ألف جندي في الزقازيق، وكل هذا تحميه من الأمام متاريس متينة وأسلاك من الحديد على طول القناة من بور سعيد إلى بور توفيق، وعضدت الجيوش ببعض المدرعات الحربية في بحيرة التمساح، وقطارات سكة حديد تمر من بور سعيد والسويس، واستعانت بالطائرات الاستطلاعية لكشف تحركات القوات التركية وللإنذار المبكر.

بذلك أصبحت مدن بور سعيد والإسماعيلية والسويس مناطق حرب، ووضعت تحت الحكم العسكري، وكانت قناة السويس خط مواصلات الحلفاء، والإسماعيلية والقنطرة قواعد عسكرية للقوات البريطانية كخلفية إستراتيجية لتحرير شبه جزيرة سيناء.

بدأت مشاة القوات العثمانية مهاجمة نقطتي الدفرسوار (طوسون) وسرابيوم فجر 3 فبراير سعيًا إلى اجتياز قناة السويس على كباري نقالة تحت حماية نيران مدافع مكسيم واجهتها المدفعية البريطانية بالتعاون مع قطع الأسطول الراسية في مياه قناة السويس، واضطرت القوات التركية إلى الانسحاب في الساعة الثالثة ظهرًا، وأسرت عددًا كبيرًا من الضباط والجنود الأتراك فضلًا عن عدد القتلى.

كان يقود القوة المصرية الأميرالاي أحمد حلمي، الذي ترك الجيش التركي يقترب منه حتى يكون في مرماه، وترك القوة التركية تنزل زورقين في القناة، ثم هاجم القائد وتمكن من هدم الكوبري، وضحى بنفسه ومات في هذه المعركة بعد أن أدى دوره الوطني، كان أشد هجوم للقوات العثمانية في سرابيوم، فقد وجهت نيرانها الكثيفة على مواقع القوات الوطنية والمدرعات في بحيرة التمساح، ونجحوا في إصابة السفينة هاردنج بقنبلتين ولكن ردت عليهم القوات البريطانية بعنف مما أجبرهم على الانسحاب والتقهقر وأوقف الهجوم التركي إلى شهر أغسطس عام 1916 قاست القوات التركية الشدائد في اختراق شبه جزيرة سيناء، ولاقت مقاومة كبيرة واستعدادات ميدانية هائلة، لذلك قرر جمال باشا عدم معاودة مهاجمة القناة مرة أخرى إلا إذا أعد حملة قوية مجهزة بالمعدات والمدافع والعدد الكافي من الأتراك والألمان بعد مد سكة حديد بقدر المستطاع في الصحراء.

وأعقبت ذلك معركة الطور، فقد حدث في شهر يناير 1915 أن وصل جيش جمال باشا – القائد العسكري التركي – إلى نحل بقوة حوالي 70 رجلًا لحصار مدينة الطور، بقيادة ضابط ألماني “جورج قندس” ومعه البكباشي حسين فوزي من ليبيا – مدينة بني غازي، غير أنه عند وصولهم الطور، وجدوا أن بها حامية تتألف من مائتي جندي وأنه ليس من السهل الاستيلاء عليها، فأرسلت تطلب إمدادًا من الأفراد والماء والعون، وعندما علمت القوة المصرية المرابطة بوصولهم هاجمت القوة العثمانية وفاجأتهم بالقتال وهزمتهم كانت القوة المصرية تحت قيادة اليوزباشي مصطفى حلمي، وضباط آخرين مصريين وقوة قدرت بحوالي مائة وخمسين رجلًا.

ونستكمل فى القادم ان شاء الله

حملة السويس الثانية ومعركة رمانة:

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.