الكاتب الصحفي عبدالرازق توفيق يكتب : ماذا بين ترامب ونتنياهو ؟

الكاتب الصحفي عبد الرازق توفيق

لم يكن أحد يتوقع أن الرئيس دونالد ترامب سيحكم الولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسية ثانية.. خاصة وأن عدداً كبيراً من القضايا والانتهاكات والاتهامات كانت تلاحقه فى ساحات المحاكم والتحقيقات وسيلاً من الاتهامات وأجمع الكثيرون على استحالة ان يستطيع ترامب الترشح لولاية ثانية.. أتحدث هنا عن سنوات ما قبل الترشح لولاية ثانية لكن وبقدرة قادر فجأة تنتهى كل هذه الأزمات والمشاكل وتزول العقبات والمعوقات ويصبح ترامب هو المرشح الأوفر حظا فى الانتخابات الأمريكية التى حسمها لصالحه العام الماضي.. وفى أتون الأحداث قبل الحسم كان الرهان الصهيونى على مجيء ترامب دون خجل أو حذر أو تقدير لما قدمه الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن.. تستطيع أن تعرف أسباب ومبررات.. أولاً انتهاء جميع العقبات والمستحيلات من طريق ترامب ليصل إلى البيت الأبيض وأيضاً تستطيع أن تفسر الحماس والرهان الصهيونى على قيادته للبيت الأبيض منذ يناير الماضى ولعل كل ما يفسر هذا وذاك هو ما يجرى الآن فى الشرق الأوسط وتحديداً فى قطاع غزة.. وفى حجم الجرأة الإسرائيلية والإصرار على التصعيد وفتح جبهات كثيرة والعربدة فى المنطقة سواء حرب الإبادة والتجويع بلا رحمة فى قطاع غزة أو العربدة فى سوريا ولبنان واليمن والحرب مع إيران التى قد تتجدد خلال الأيام القادمة.
السيد ترامب لا يناقش ولا يجادل ولا يعارض نتنياهو بل تشعر فى كل قرار أو إجرام إسرائيلى أنه لا تستطيع حتى مجرد الاعتراض.. الموافقة جاهزة دون أى نقاش والشيكات على بياض سابقة التوقيع وكل ما لدى أقوى دولة فى العالم فى ترسانة أسلحتها مسخر لصالح ولخدمة إسرائيل وأوهامها.. أريد أن أقول من خلال هذه المقدمة بعض النقاط المهمة.
أولاً: ان إصرار نتنياهو وحكومة المتطرفين على المضى قدماً فى تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية والإجهاز تماماً على حلم الدولة الفلسطينية المستقلة والإمعان فى الإجرام والإبادة والتجويع والحصار والقتل.. ليست شجاعة إسرائيلية أو ثقة فى قوتها أو حتى تحت شعار غطرسة القوة ولكن استناداً على الدعم المطلق وغير المشروط من الولايات المتحدة ودول أخرى لإسرائيل والتى تدرك تماماً انه لا طاقة لها بكل ما تقوم به فى المنطقة.. حتى ان العالم يقف فى معظمه ضد الكيان الصهيوني.. وأنها باتت فى شبه عزلة لكنها لا تبالى بكل ذلك.. وتصر على الاستمرار فى الانتهاكات وارتكام جرائم الحرب والإبادة والتطهير العرقي.. لذلك أقول انه جرت صفقة بين ترامب والصهيونية جرى الاتفاق على بنودها قبل مجيء الرئيس الأمريكى إلى البيت الأبيض.. فلم أرصد أى معارضة أو حتى عتاب من ترامب لإسرائيل على إجرامها.. وإصرارها على التصعيد بل وافساد ورفض المفاوضات والاتفاقات التى طرحتها واشنطن ووافقت عليها إسرائيل من قبل.. وفى ظنى أن ترامب ينفذ أوهام نتنياهو وباقى المتطرفين دون نقاش.
ثانياً: ان نتنياهو يشعل المنطقة ويخوض أكبر حرب دينية منتظرة خاصة أنه لا يخجل ان يعلن أنه ينفذ تعليمات روحانية وتلمودية ويجاهر بالعمل على تنفيذ حلم أجيال تاريخية من خلال إقامة وهم إسرائيل الكبرى على حساب الدول العربية.. والغريب والعجيب ان أهم أدواته فى تنفيذ هذا المخطط هم الجماعات والميليشيات والتنظيمات المتأسلمة التى تاجرت بالإسلام.. يمهدون له الطريق نحو تنفيذ هذه الأوهام. وربما لأن الكثيرين يسألون.. لماذا لا تستهدف جماعة الإخوان الإرهابية وباقى الميليشيات والتنظيمات التى تنتمى إليها وخرجت من رحمها الخبيث مثل داعش والنصرة وبيت المقدس وغيرها من المسميات العبثية الدول والجيوش العربية والإسلامية.. لماذا لا تستهدف أطراف وأعضاء المؤامرة على الدول العربية والإسلامية ليبدد الحلم الصهيونى ولماذا قادت ومازالت جماعة الإخوان المجرمين أكبر مؤامرة لنشر الفوضى وتفويض وإسقاط بعض الدول العربية والتى استهدفت العظيمة مصر لكنها نجت بفضل الله ثم خير أجناد الأرض جيشنا العظيم وشرفاء هذا الشعب.
ثالثاً: نتنياهو لا يبالى باحتجاجات وتصعيد الداخل ولمظاهرات عائلات الأسرى لأنه ببساطة قرر التضحية بهم ولا يريدهم ولن يتفاوض من أجل الافراج عنهم.. بل يقتلهم إذا سنحت الفرصة.. ولا يتوقف عند رفض المعارضة وانتقاداتها لفشله وتهديده أمن إسرائيل.. نتنياهو لن يتوقف ولا يريد لأن الأوهام التى تدور فى عقله المريض أكبر من أى سبب آخر.. ثم انتهازيته ورغبته فى الاستمرار فى المكاسب والمناصب.. ثم لماذا يتوقف والأمريكان يدعمونه بكل شيء أسلحة وأموالاً وقوات ومعلومات استخباراتية وحماية وتسخير كل قدرات أمريكا وسطوتها الدولية لصالح الكيان.. وهذا ما يفعله ترامب دون جدال بالاتفاق والإقرار والانبطاح للوبى الصهيونى الذى جاء به إلى البيت الأبيض لينفذ أوهام نتنياهو والخطير هو ظهور تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الأسبق والذى تآمر على العراق ومعه جاريد كوتشينر صهر ترامب والصهيونى وهو ما يمثل إشارات إلى مخاطر جديدة قادمة للمنطقة وأهداف أخرى ثم إلغاء ترامب تأشيرات الرئيس الفلسطينى و80 مسئولاً فلسطينياً ومنعهم من دخول أمريكا فى الوقت الذى تعقد فيه جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر وهو طلب إسرائيلي.
ظن البعض ان مجيء ترامب سوف يؤدى إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط لكن الحقيقة ان الرئيس الأمريكى يعمل لتحقيق هدفين.. خدمة أوهام الكيان الصهيونى دون نقاش ثم قطع المساعدات والدعم الاقتصادى والمعونات عن معظم دول العالم وممارسة سياسات وضغوط على كثير من دول العالم لتحقيق مصالح اقتصادية تحت سلاح القوة والترهيب والتهديد.
إعلان نتنياهو انه حصل على الضوء الأخضر من ترامب لتنفيذ جرائمه فى غزة.. نتاج اتفاق الشيطان وصفقة الحرام المشبوهة.. لذلك لم يأت ترامب صدفة بل وفق خطة لتنفيذ المخطط الصهيوني.

تحيا مصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.