محمد يوسف العزيزي يكتب: سياسيون عائدون من أرشيف النسيان.. جدل بلا جدوى!

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

من الملاحظ أن بعض السياسيين، وأحيانا الإعلاميين أو الشخصيات العامة، لا يطيقون الابتعاد عن دائرة الضوء بعد أن كانوا في قلب المشهد .

هؤلاء الذين اعتادوا أن تُلتقط تصريحاتهم وتُنشر على نطاق واسع يجدون صعوبة في تقبّل الانزواء، فيلجأ بعضهم إلى إحياء قصص قديمة أو حكايات مشكوك في صحتها، معتمدين على غياب الشهود أو ضعف الذاكرة الجمعية ، في محاولة لإضفاء أهمية أو إثارة حول ما يروونه !

تتكرر الظاهرة مع سياسيين وإعلاميين وأساتذة جامعات وحتى شخصيات فنية ورياضية، لكن خطورتها أشد حين ترتبط بأسماء كانت قريبة من دوائر القرار، فبدلاً من أن يقدّموا خبرة أو رؤية إصلاحية، ينشغل بعضهم بإحياء قصص قديمة أو اجترار روايات لا سند لها اعتماداً على غياب الشهود أو ضعف ذاكرة الرأي العام

النماذج واضحة.. سكرتير الرئيس الأسبق مبارك للمعلومات الذي غادر منصبه منذ أكثر من ربع قرن لا يزال يطل بين الحين والآخر بأحاديث عن كواليس السياسة رغم أن صلته بمطبخ القرار انتهت منذ زمن طويل، وحكاياته غالباً بلا شهود .. وإن وُجد الشاهد صمت لتتحول تصريحاته إلى ” نميمة سياسية ” لا قيمة لها سوى إثارة اللغط !

ومثال آخر وزير خارجية أسبق كلما غاب اسمه عن المشهد يعود بتصريحات صادمة ، والمدهش أن كثيراً منها يناقض

مع ما سبق أن قاله في لقاءات أو كتب موثقة ما يثير حيرة المتابعين: أي الروايتين نصدق؟ النتيجة واحدة: بلبلة

وتشويش لا طائل منهما!

الأمر يمتد إلى أكاديمية جامعية بارزة في الحزب الوطني سابقاً، كانت تبارك السياسات الخاطئة بالأمس، ثم تعود

اليوم لتنتقدها بحدة، وكأنها تخلع ثوب الماضي وترتدي آخر جديد بحثاً عن بقعة ضوء مفقودة .

المعضلة تتفاقم عندما تنتقل هذه الآراء أو الحكايات عبر وسائل الإعلام الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث

يسهل انتشار المعلومة – صحيحة كانت أو مغلوطة – دون تمحيص أو تحقق ليصبح الجمهور في مواجهة سيل من

الجدل العقيم والغرق في خناقات وخلافات لا حاجة للوطن من ورائها

المشكلة هنا ليست في حرية الرأي – فهي مكفولة للجميع – لكن في أن هذه الآراء تفتقد المنهجية العلمية

والهدف الإصلاحي من طرحها لأن النقد الحقيقي يرتبط بقضية راهنة ويدفع إلى رفع الوعي وصياغة الحلول، لا إلى

استعراض شخصي أو تشويش متعمد

العودة إلى الأضواء عبر إثارة الجدل قد تمنح أصحابها دقائق معدودة من الاهتمام، لكنها مغامرة خاسرة في النهاية.

فالجمهور لم يعد يرحم من يسعي لخداعه أو استغلال ذاكرته، والوعي العام بات أقدر على التمييز بين النقد البنّاء

والبحث عن أضواء زائفة

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.