عبد الناصر البنا يكتب : قانون الايجار .. بعد هبوب العاصفة .. إدينى عقلك !

كثر الكلام وقل فى شأن قانون الإيجار الجديد الذى تم إقراره مؤخرا بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسى علية ونشره فى الجريدة الرسمية ، وسواء هدأ الجدل الدائر فى المجتمع أو لم يهدأ فهذه ليست المشكلة ، ولكن دعونى أتناول هذا الموضوع بهدوء وبقليل من العقل بعد ان وقعت الفأس فى الرأس ؛ منذ بداية المشكلة وحتى الآن فى عدة مشاهد ..
ــ أصل الحكاية هو طعن تقدم به أحد المواطنين فى 12 مايو 2002 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر
والمستأجر .
ــ بعد 23 سنه وتحديدا في 9 نوفمبر 2024 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية فى هذا الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981
الخاص بعدم دستورية ” تثبيت الأجرة السنوية ” في عقود الإيجار القديمة
ــ المحكمة الموقرة رأت أن النصوص المطعون عليها حظرت زيادة الأجرة السنويه للأماكن السكنية منذ بدء العمل بالقانون وأدى ذلك إلى تثبيت القيمة الايجارية التى إمتدت لعقود طويله متجاهلة التضخم وإنخفاض القوة الشرائية .. إلخ ورأت المحكمة أن ذلك يشكل إخلالا بمبدأ العداله وإهدارا لحق الملكية
ــ المحكمه الدستورية العليا أعطت مجلس النواب السلطه الكافيه لوضع ضوابط جديدة تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر فى ضوء المتغيرات الجديدة ، وأعود لـ أؤكد على أن المحكمه الدستورية العليا
بمقتضى المادة 49 من قانونها أعطت مجلس النواب السلطه الكافيه لوضع ضوابط جديدة تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر .
ــ تقوم الحكومة الموقرة تسكت .. (لا) وإنما حبت تجود شويه ، وتقدمت بمشروع قانون إستحدثت فيه مادة أثارت الجدل واللغط فى المجتمع ، إن لم تكن قلبته ” رأسا على عقب ” وهذا هو نص المادة 2 التى تمت للأسف الموافقة عليها من قبل أعضاء البرلمان الموقر المفترض انهم ممثلوا الشعب تحت قبة البرلمان وحماة العدالة وحراسها .
ــ تنص الماده ( تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بإنتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به ، وتنتهى عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعيين لغير السكنى بإنتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به وذلك مالم يتم التراضى على الإنتهاء قبل ذلك ) .. قضي الأمر الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
ــ ظلت الآمال معلقة على شخص رئيس الجمهورية بعد موافقة البرلمان على مشروع القانون الذى رفع إليه كمرحلة تاليه من مسار إصداره وفقا للدستور ، وحسب الصلاحيات التى خولها الدستور لرئيس الجمهورية ” إما الإعتراض على مادة أو أكثر من مواد القانون أو حتى على القانون كاملا أو إقراره للقانون وهو ماحدث بالفعل
وهنا لنا وقفة .. بعد أن أصبحنا فى خبر كان ، وأصبح القانون نافذا بعد نشره فى الجريدة الرسمية وبعد أن هاجت الدنيا وماجت ، وأصبح لدينا 100 مليون محامى ، ومنظر ومستشار قانونى ومفتى ، والناس فى بر المحروسة اسقط فى يدها ، وأصبحت الغالبية منهم مثل الذى وضعته فى خلاط والدنيا تدور به ، وحالة من الهذيان يشهدها الشارع المصرى ، ويمكن رصدها فى وسائل المواصلات .
بداية ، أنا على قناعة تامة أن ” العقد شريعة المتعاقدين ” وأن نية المشرع لم تكن لـ تتجه أبدا إلى طرد المستأجر ، وإنما إلى تحقيق التوازن فى العلاقة بين ” المؤجر والمستأجر” وفقا لتغير الظروف ، وإلا فأننا سوف نشهد ملايين من الناس فى الشارع بعد 7 سنوات ، أغلهم من الأرامل والأيتام ، ناهيك عن الإشكالات القانونية التى سوف تحدث بعد 5 سنوات فيما يخص الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن ، وأن المحكمة الدستورية العليا قد تحكم بعدم دستورية هذه المادة قبل أن يلغى القانون القديم بعد بمضى 7 سنوات من تطبيق القانون الذى تم إقرارة مؤخرا ، بناء على دعوى قضائية من أحد مستاجرى العيادات أو المكاتب .
أما مايخص الأخبار التى تواترت عن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية عن كيفية تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم قانون “الإيجار القديم” للحصول على وحدات بديلة في أول أكتوبر 2025 ولمدة 3 أشهر . عن طريق المنصة .. إلخ . لا أقول غير ” أفلحت الوزارة إن صدقت ” ويكفى أن أدلل بأن هناك من تقدم للحصول على وحدة إسكان إجتماعى فى مدينة حدائق أكتوبر منذ مايقرب من الـ 5 سنوات ودفع مقدم الحجز والأقساط الربع سنوية ودفعة الاستلام ، وكتب العقد وبدأ فى سداد الأقسام الشهرية ولم يتسلم وحدته حتى الآن لعدم إكتمال المرافق ، وربك العالم متى يتسلمها خاصة وأن العمل فى المشروع يسير ببطء السلحفاة .
نفترض أن الدولة تكفلت ببناء وحدات بديلة ، هناك إشكالية ” تحديد الأجرة ” الأخبار تؤكد على أن تحديد الأجرة الجديدة في هذا القانون تعتمد على عدة عوامل ، منها تصنيف المنطقة (متميزة ، متوسطة ، اقتصادية) المناطق المتميزة ستشهد زيادة في القيمة الإيجارية بنسبة 20 ضعفًا ، بحد أدنى 1000 جنيه . المناطق المتوسطة والاقتصادية ستشهد زيادة بنسبة 10 أضعاف ، بحد أدنى 400 جنيه للمناطق المتوسطة و 250 جنيهًا للمناطق الاقتصادية .
أنا أفنيت عمرى فى درلسة القانون أول مرة اسمع فيها عن قانون صدر بدون مذكرة إيضاحية ، أو لائحة تنفيذية ، وحتى فى حالة الطعن على قرارات المحافظين ، القانون لم يحدد المحكمة المختصة بالطعن على تلك قرارات ، ماتعرفش إيه إللى جرى لنا ، أنا مش قادر أفهم ، لماذ لم يراع القانون فى تحديد الأجرة الفترات الزمنية للعقود على سبيل المثال تكون هناك شريحة خاصة بالعقود حتى نهاية الستينات ، وأخرى حتى نهاية الثمانينات وثالثة حتى العقود الخاضعة لهذا القانون قبل 31 يناير 1996 .
لأن عقود الستينات قيمتها الإيجارية أقل من عشرة جنيهات ، وعقود التسعينات مثلا قيمتها أعلى من 200 جنية وعلى ذلك عندما تتساوى الفترات الزمنية هناك ظلم لأصحاب العقود الحديثة مثال : لو أن هناك شقة فى شارع محمد مظهر بالزمالك إيجارها 7 جنية فى الشهر وهى تقع ضمن الاماكن المتميزة التى تزيد قيمتها 20 ضعف بحد أدنى 1000 جنية . وشقة أخرى فى منطقة الطالبية بالهرم وتدفع 200 جنية إيجار شهرى ، وهى ضمن الأماكن الاقتصادية التى تزيد 10 أضعاف أى أنها وفقا لهذه التقديرات سوف تدفع مبلغ 2000 جنيه فى الشهر ، فهل يعقل أن تدفع شقة فى الطالبية إيجار اعلى من شقة فى شارع محمد مظهر فى الزمالك
تفاصيل كثيرة المفترض أن تنص عليها اللائحة التنفيذية التى ذهبت مع الريح ، وإبقى سلم لى على الحصانة .. حفظ الله مصر