الكاتب محمد نبيل محمد يكتب الأمن الثقافى وحرب المفردات 

7 أكتوبر الهدف "غزة" أم "سيناء"

الكاتب محمد نبيل محمد

هل كانت عملية “طوفان الأقصى” تحمل فى جعبتها أهدافا لصالح القضية الفلسطينية؟

والسؤال الأكثر وضوحا هو: هل ثأر الفلسطينيون لشهدائهم، وحرروا سجنائهم المعتقلين فى سجون الصهاينة، وتحسنت أوضاعهم، ونالوا حرياتهم؟

والسؤال الآخر هو: هل حقق الصهاينة أهدافهم من عملياتهم العسكرية ضد سكان غزة العُزّل، وأفرجوا عن المعتقلين المدنيين والأسرى العسكريين وحصلوا على رفات موتاهم، وقضوا على حماس: قيادة وقوات وأسلحة ومعدات، وحصلوا على السلام؟

والسؤال “الفرضى” وهو: إذ لم يحقق كل من “حماس” والصهاينة” أهدافهما، وإذا كان هذا هو حال “غزة” الدمار والموت،… فهل تلاقت أهداف “حماس” مع “الصهاينة” أم تعارضت؟

وهنا نعنى حقيقة دلالة “طوفان الأقصى” لأن المناطقة الذين يحملون من علم المنطق ما يكشف لنا عن ماهية الأشياء وكنهها، كما يعرفوننا حقيقة “ما دّل وما صدق” وباتباع طرائق التفكير العقلى الذى أوضحه لنا مفكرنا الخالد فى رائعته “التفكير العلمى” الصادر فى 1987 إذ ينصحنا من خلاله إلى: أن العلم هو معرفة تراكمية، كما أن التفكير العلمى ليس حكرا على أهل العلم بل هو حق لكل العامة من الناس فى حياتنا اليومية.

ومن خلال القياس الأرسطى الذى يقدم لنا حلول مباشرة لما استشكل علينا فهمه، إذا يقول المنطق الأرسطى” أن المقدمات تشبه النتائج”…

ومن هنا، ومع تشابه متطابق لما حدث فى دلالة مصطلح “تفجير البرجين” خلال هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث استهدفت أربعة طائرات ركاب مخطوفة مبانى مركز التجارة العالمى فى نيويورك، اصطدمت طائرتان ببرجى مركز التجارة العالمى، مما أدى إلى انهيارهما ومقتل الآلاف، كما استهدفت طائرة ثالثة مبنى البنتاغون فى واشنطن، بينما تحطمت الطائرة الرابعة فى ولاية بنسلفانيا… ومن هنا كان المبرر أمام الرأى العام العالمى للثأر الأمريكى من الإرهاب واحتلال “افغانستان” والانقلاب على “بن لادن” صنيعة الغرب لمواجهة الاتحاد السوفيتى ـ سابقا ـ وكما قتل بن لادن تم قتل قادة حماس “التاريخيين” وكما احتلت امريكا أفغانستان، هكذا احتل الصهاينة غزة، وقد أوضحت التسريبات حينها ـ التى لا محل من سردها الآن ـ أن تفجير البرجين كان عملية “هوليودية” فهل كذلك عملية “طوفان الأقصى” ؟!

التسريبات ـ الأن تشيرـ إلى ما نشرته صحيفة “الخليج” صباح الخامس من أغسطس 2025 عنوانا صريحا يقول:” كشفت زوجة رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق، شارون هاليفى، كواليس اللحظات الأولى عقب عملية “طوفان الأقصى”، مشيرة إلى أنها شعرت بـ”الرعب” بعدما توعدها زوجها بـ”تدمير غزة”، موضحة أنها لم تشعر أن هناك حرباً قادمة إلا فى هذه اللحظة… وروت شارون تفاصيل اللحظات الأولى عقب هجوم السابع من أكتوبر خلال بودكاست مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” قائلة: “عندما غادر هرتسى المنزل أدركتُ أنها حرب، لم نكن نستوعب ما حدث بعد، ولم نشغل التلفاز لأنه كان يوم عطلة، غادر مبكراً جداً، قبل السابعة صباحاً بكثير، قبّلنى أنا والأطفال على عجل” … ولفتت شارون إلى أن زوجها متدين بطبعة، حيث حرص على أن يحمل معه “التيفيلين”، وهى تمائم خاصة بالصلاة الصباحية… وتابعت:”عندما كان يأخذ “التيفيلين” فى مناسبات مماثلة، كان قلبى يخفق بشدة، وكنتُ أعلم أنه ذاهب إلى مهمة خطِرة، قبّل المزوزة (هي مصطلح لفافة صغيرة من (الرق) مكتوب عليها آيات من التوراة” وقال لى: “ستُدمر غزة”.

وليس هناك أكثر صدقا من زوجة رئيس أركان الجيش الصهيونى عندما تصف حال زوجها وتكرر مقولته”ستُدمر غزة”… وليس هذا فقط بل كذلك ظهرت وثائق قد نشرت بعد شهرين من “طوفان الأقصى” فى الأول من ديسمبر 2023 على موقع “سكاى نيوز” نقلا عن صحيفة “نيويورك تايمز” التى قد نشرت وثائق “جدار اريحا” وقدمت سردا :”…اتبعت حماس المخطط بدقة مذهلة”، وفق الوثيقة التى دعت إلى إطلاق وابل من الصواريخ فى بداية الهجوم، وطائرات من دون طيار لتدمير الكاميرات الأمنية والمدافع الرشاشة الآلية على طول الحدود، وتدفق المسلحين إلى إسرائيل بشكل جماعى فى طائرات شراعية ودراجات نارية وعلى الأقدام”، وكل ذلك حدث بالفعل في هجوم 7 أكتوبر” وتستطرد الصحيفة “… تضمنت الخطة أيضا تفاصيل بشأن موقع وحجم القوات العسكرية الإسرائيلية ومراكز الاتصالات وغيرها من المعلومات الحساسة” وقدمت الصحيفة تساؤل”غاية فى الأهمية” وهو:..مما أثار تساؤلات بشأن كيفية قيام حماس بجمع معلوماتها الاستخبارية، وما إذا كانت هناك تسريبات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية؟”، تم تداول الوثيقة على نطاق واسع بين القادة العسكريين والمخابرات الإسرائيليين، لكن الخبراء قرروا أن هجوما بهذا الحجم والطموح “يتجاوز قدرات حماس”… وتسطرد الصحيفة:”…وفى يوليو، وقبل 3 أشهر فقط من الهجمات، حذر محلل مخضرم فى الوحدة 8200، وكالة استخبارات الإشارات الإسرائيلية، من أن حماس أجرت تدريبا مكثفا دام يوما كاملا، وبدا مشابها لما ورد فى المخطط، لكن عقيدا فى فرقة غزة تجاهل مخاوفه، وفقا لرسائل البريد الإلكترونى المشفرة التى اطلعت عليها “نيويورك تايمز”.

… وكتب المحلل فى رسائل البريد الإلكترونى: “أنا أدحض تماما أن السيناريو خيالى”، وقال إن تدريبات حماس تتطابق تماما مع “محتوى جدار أريحا”، وأضاف: “إنها خطة تهدف إلى بدء الحرب، إنها ليست مجرد غارة على قرية.” وذات الأمر تم تداوله عبر صحف ومواقع عربية وعبرية وغربية منها سى ان ان، والجزيرة، والشرق، بل ونشرت “يدعوت احرنوت” فى اكتوبر 2023″…صاغ وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان عام 2016 وثيقة من 11 صفحة تحذر من خطط حماس لاقتحام قطاع غزة، واجتياح المجتمعات جنوبى إسرائيل، وشن مجازر واحتجاز رهائن”.

تلك الوثيقة التى نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أجزاء منها وحذرت من خطط مرتبطة بهجوم 7 أكتوبر، وأشارت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا على علم منذ عدة سنوات باحتمال وقوع مثل هذا الهجوم.

وهنا نعود للتفكير المنطقى وتطابق النموذج الامريكى مع مثيله الصهيونى، ونكتشف أن نتائج حرب غزة لكلا الطرفين لم تكن لتحريرها أو لاحتلالها بل هى ذريعة للعدوان على سيناء (!).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.