الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب: إسرائيل الكبرى .. والخطر الأكبر !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
ليس مستغربا أن يعلن أقطاب تيار الصهيونية الدينية واليمين المتطرف في إسرائيل مرارا عن رغبتهم في تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى” و”أرض الميعاد”، خاصة منذ بدء حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة وان كان اقتصار هذه التصريحات على وزراء وأعضاء الكنيست التابعين لهذا التيار حجة لدى المدافعين عن إسرائيل، باعتبار أن هذه التصريحات لا تمثل الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية ولا تمثل تحولا في الرؤية الإستراتيجية للمؤسسة الإسرائيلية الرسمية تجاه محيطها وتجاه الإقليم عموما.
لكن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة لشبكة i24 الإسرائيلية عكست تحولا جذريا في النوايا الإسرائيلية الرسمية التي يمثلها رئيس الحكومة شخصيا، وتكشف رسميا لأول مرة طموحات تيار الصهيونية الدينية التي لا ترى لإسرائيل موضعا بين جيرانها العرب، وإنما ترى في الأفق دولة توراتية كبرى تبني أطروحاتها بناء على الأساطير الدينية التوراتية المتعلقة بأرض الميعاد، والمسيح المنتظر ونهاية العالم والألفية السعيدة.
خلال مقابلته، قال نتنياهو إنه يشعر أنه في مهمة تاريخية وروحانية ترتبط بأجيال اليهود عبر العصور، حيث اعتبر أنه هنا “بتفويض من أجيال من اليهود”.
ولما سأله الصحفي ما إذا كان هذا يشمل رؤية إقامة “إسرائيل الكبرى” أجاب بالموافقة بكل ثقة. لتخرج علينا صحيفة (زمان يسرائيل) بعنوان مركزي: “نتنياهو يقول إنه في مهمة تاريخية وروحية ويُقر برؤية إسرائيل الكبرى .
واذا كانت هذه هى المرة الأولى التي يتحدث فيها ” النتن ياهو ” عن إسرائيل الكبرى صراحة فإنه فعل ذلك أكثر من مرة إشارة وتلميحا ، ففي ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣ حمل رئيس الوزراء الإسرائيلى معه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة خريطة “أرض إسرائيل الكبرى” و ربما كان ذلك غريباً بعض الشيء، لكنه كان يدرك تماماً ما يفعله، فمنذ وصول حزب “الليكود” للمرة الأولى إلى مقاليد الحكم في إسرائيل عام 1977 بعد فوز مناحيم بيجن المدوي على حزب العمل، زرعت بذرة قيام إسرائيل الكبرى التي كانت قد ولدت قبل ذلك بكثير، وتبعتها التغييرات التي بدأت باستخدام الاسم التوراتي للضفة الغربية – يهودا والسامرا – والترويج للاستيطان اليهودي.
ادّعى نتنياهو بعد تعرضه لانتقادات كثيرة، أنه استخدم الخريطة “لتوضيح حقبة جديدة، ستحمل السلام إلى الشرق الأوسط، بما يشمل الفلسطينيين، إذ إن الخريطة وضعت الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) ضمن حدود إسرائيل السيادية، لكن نتنياهو أوصل رسالته بطريقة معاكسة أو ربما تكون هي الجزء الصادق الوحيد في خطابه عن السلام !! .
تصريحات نتنياهو قوبلت باستهجان ورفض واسع ليس على مستوى الوطن العربي فحسب بل على المستويين
الإقليمي والدولي خاصة وأنها جاءت فى توقيت بالغ الحساسية واعتبرها الكثيرون أنها بمثابة إعلان حرب ضد الدول
التي تشملها خريطة إسرائيل الكبرى وفقا لاوهام النتن وأعوانه وفي القلب منها مصر والأردن والسعودية والعراق
والكويت وسوريا وفلسطين بطبيعة الحال .
وسائل الإعلام الإسرائيلية ربطت بين تصريحات نتنياهو و التصريحات المهمة التى أدلى بها محافظ شمال سيناء اللواء
خالد مجاور منذ أيام حول استعداد مصر لدخول حرب ضد الكيان الصهيوني
، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصر تستعد لإسرائيل وتطلق تصريحات نارية ضدها في الفترة الأخيرة بعد أن
خرجت بعض الأصوات من داخل الكنيست الإسرائيلي تؤكد أن مصر هي الخطر الأكبر الذى يهدد إسرائيل !! .
فقد ذكرت صحيفة “يسرائيل هايوم”، إنه بعد تصريح محافظ شمال سيناء بأن بلاده مستعدة “لأي توتر مع إسرائيل”،
طُلب من رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التي تتبع وفق زعمهم بشكل غير مباشر لجهاز المخابرات المصرية الكاتب
الصحفي ضياء رشوان التحدث لوسائل الإعلام حيث قال: “إن اللواء خالد مجاور رجل عسكري، ومن واجبه قول
الحقيقة.. لقد رأينا مؤخرا تصريحات في الكنيست تشير إلى أن مصر هي الخطر الأكبر”.
وأضافت الصحيفة العبرية أن رشوان قال أن هذا كان في الواقع ردًا على تصريحات في الكنيست، والتي صرّحت بأن
مصر هي أكثر دولة معادية للسامية في الشرق الأوسط، وأنها تُشكّل التهديد الأكبر لإسرائيل.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن تصريحات مجاور حظيت بدعم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في أرض النيل،
حيث يُعادي الكثيرون دولة إسرائيل.
وأوضحت يسرائيل هايوم إنه قد طُلب من رئيس هيئة الاستعلامات التحدث على التلفزيون المصري قائلا: “انظروا،
المحافظ خالد مجاور كان قائدًا للجيش الثاني، وخدم في الجيش المصري لأكثر من 40 عامًا، وثلاث سنوات ونصف
رئيسا لجهاز الاستخبارات العسكرية ، و هكذا يتحدث العسكريون، الذين من واجبهم حماية الأمن القومي لأبنائهم” ،
و عندما أتحدث عن شخص مثل خالد مجاور يتحدث بهذه الطريقة، نريد أن نتذكر ما يتحدث عنه القادة العسكريون
الإسرائيليون بشأن غزة والمدنيين. هذا هو أسلوب الخطاب العسكري، وهذا واجبه – قول الحقيقة، ومصر مستعدة
لذلك. عندما يتعلق الأمر بعسكري سابق ومحافظ سيناء، المجاورة لغزة، فإنه يتحدث عما يعرفه”.
وعلاوة على ذلك، ذكر رشوان تهديد عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان السابق بشأن سد أسوان حيث قال: “قبل
حوالي عشر سنوات أو أكثر، هددنا ليبرمان بضرب السد العالي في أسوان وكان وزيرًا في الحكومة حينها بل وهدد
بإغراق مصر وما إلى ذلك.”
و اختتمت الصحيفة الإسرائيلية تصريحاتها بأن المسؤول المصري أكد أننا “شاهدنا مؤخرًا تصريحات عديدة في جلسة
الكنيست، مفادها أن مصر هي الدولة الأكثر معاداة للسامية في المنطقة، وأنها الخطر الأكبر. لذا، من حقنا وحق
المسؤولين المصريين أن نقول الحقيقة كاملة” .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.