قراءة في مسرحية (( حبيب بن زيد ومسيلمة الكذاب )) للدكتورصلاح عدس
بقلم : باحث دكتوراة / عثمان فاروق - جامعة العلامة إقبال - باكستان
تتناول المسرحية الصراع الأبدي بين الحق والباطل، حيث يجسد حبيب بن زيد رضي الله عنه نموذجا للمؤمن الصادق
الثابت على العقيدة رغم التعذيب والتنكيل، في مقابل مسيلمة الكذاب الذي يمثل الزيف والاستبداد. يركز العمل
المسرحي على قيم التضحية والثبات على المبادئ، إذ يرفض الاعتراف بنبوة مسيلمة المزعومة، ويواجه العذاب
بثبات روحي عظيم، مما يجعله رمزًا للإيمان الذي لا ينكسر أمام الطغيان. ومن خلال حوار شعري مكثف، تتجلى
المواجهة بين الإيمان والضلال، لتؤكد أن النصر الحقيقي لا يُقاس بالنتائج المادية، بل بانتصار المبادئ والقيم الخالدة.
تُبرز المسرحية إسقاطا رمزيًا على الواقع المعاصر، حيث تشير إلى أن معركة الحق والباطل مستمرة في كل زمان
وأن الثبات على الحق هو مفتاح النصر الحقيقي، حتى وإن بدا الانتصار المادي بعيدًا.
وفي المشهد الختامي، يصرّ الكاتب المسرحي على ترك بصيص من الأمل فلا تنتهي المسرحية بمأساة مجردة، بل
يستشرف فيها النصر القادم. فبينما يتهاوی جسد حبیب بن زيد تحت وطأة الجراح، يرى بعين اليقين جيش خالد بن
الوليد رضي الله عنه يتقدم للقضاء على مسيلمة الكذاب، وتقف والدته، أم عمارة شامخة تحمل سيفها للثأر لابنها
فيما تُختتم المسرحية برسالة قوية: أن دماء الشهداء لا تُراق عبثا، بل تضيء درب النصر، وأن الحق، مهما طال ظلام
المحن، لا بد أن ينتصر في النهاية، لأن الإيمان أقوى من كل قوة مادية.