الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : لولا الإخوان .. لكان المسلمون ” إخوان ” !!

المتابع لحركة وأنشطة جماعة الإخوان يدرك أنّها كانت ولاتزال تحاول تهديد استقرار الدول وأمنها الداخلي، لا سيّما الدول المناوئة لها، التي تمثل نموذجاً للوسطية والاعتدال والتعايش مع الآخر، وذلك من خلال العمل على نشر الفتن وإشاعة الفوضى والتحريض على العنف داخلها، وهذا ما جعل عدداً من تلك الدول مصممة على إدراج الجماعة ضمن قوائم العنف والإرهاب، على غرار مصر التي أدرجت الإخوان جماعة إرهابية بحكم قضائى .
و تشير دراسة حديثة صادرة عن مركز (تريندز للبحوث والاستشارات) حملت عنوان : “لماذا تحاكم الدول جماعة الإخوان؟”، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الجماعة للاستمرار في نشر الفتن داخل الدول، لا سيّما تلك الدول التي فشلت فيها سياسيّاً مثل مصر وتونس، أو تلك التي لم تستطع اختراقها فكريّاً وتنظيميّاً، على غرار العديد من دول الخليج.
ووفق الدراسة، لا تستطيع جماعة الإخوان العيش في البيئات المستقرة سياسيّاً وأمنيّاً واجتماعيّاً، وإنّما تنمو وتترعرع في البيئات المضطربة سياسيّاً واجتماعيّاً أو تلك التي تعاني من الصراعات الطائفية والعرقية والدينية، وهو ما يجعل الجماعة تُحرّض على نشر الفتن والفوضى في الدول التي ترغب في اختراقها تنظيميّاً، حتى تتمكن من مدّ نفوذها التنظيمي إليها، وذلك من خلال التحريض على الأنظمة السياسية في البلاد، والطعن في شرعيتها ، وقد يصل الأمر إلى التحريض ضدَّ الدول نفسها بدعوى المطالبة بالحرية والديمقراطية التي أبعد ما تكون جماعة الإخوان عنها، وذلك لخلخلة التماسك داخل الدول وخلق حالة من الهشاشة الاجتماعية تمثل بيئة مواتية للجماعة لاختراقها تنظيميّاً، ومن ثم الحضور فيها والبدء في تطبيق المشروع الإخواني الهادف إلى ابتلاع الدول ومؤسساتها.
الجماعة تحاول اختراق الدول عبر عمليات الاستقطاب والتجنيد، لإيجاد هذه الركيزة التي تمثِّل بالنسبة لها النواة الأولى لنموها وترعرعها داخل الدول والمجتمعات، وربما هذا ما أثار مخاوف العديد من الدول من وجود الإخوان على أراضيها بما فيها الدول الغربية، التي يُعرف بعضها بعلاقاته القديمة مع الإخوان على غرار بريطانيا، التي قال رئيس حكومتها الأسبق دافيد كاميرون في 2015 : إنّ بعض “أقسام حركة الإخوان المسلمين لهم علاقة ملتبسة جدًاً بالتشدد الذي يقود إلى العنف، وإنّها صارت نقطة عبور لبعض الأفراد والجماعات المرتبطين بالإرهاب، وإنّ حكومته ستعمل على مراقبة نوعية آراء وأنشطة أعضاء حركة الإخوان المسلمين فوق الأراضي البريطانية”.
وتبقى العقبة التي تواجهها الجماعة لتحقيق الاستقطاب والتجنيد هي تمتّع بعض الدول بالاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي ورسوخ الوسطية والاعتدال الديني داخلها، لذا تسعى الجماعة إلى نشر الفوضى وزرع الفتن داخل المجتمعات من خلال الترويج للأكاذيب والشائعات حتى تتمكن من اختراق المجتمعات، وبالتالي استقطاب مجموعات من البسطاء والشباب ذوي الميول المتطرفة دينيّاً، وهناك أدوات كثيرة تعتمد عليها جماعة الإخوان الإرهابية في نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأي العام؛ منها شخصيات إعلامية، وصفحات ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي .
ووفقا للدراسة يشكّل مفهوم الدولة الوطنية معضلة حقيقية بالنسبة إلى جماعة الإخوان ، لكونه يتنافى مع أهدافها الأممية التي كرسّها حسن البنا داخل الجماعة، والتي تهدف إلى السيطرة على العالم العربي والإسلامي بدعوى إعادة الخلافة الإسلامية التي سقطت عام 1924، وبالتالي فمفهوم الدولة الوطنية ومفهوم المشروع الوطني يصطدم كليّاً بشكله ومضمونه مع نهج جماعة الإخوان ، حيث يتبنّى النهج الوطني لدولة ما أو مجموعة أو حزب من مصالح الشعب والوطن الذي يوجد فيه هذا الشعب، بغضّ النظر عن انتماء هذا الشعب لإثنية أو عرق ما، لذلك يتعارض المفهوم الوطني جملةً وتفصيلاً مع نهج جماعة أو حزب الإخوان المسلمين، بغضّ النظر عن المسمّى الذي يوجد في هذه الدولة أو تلك.
و من هذا المنطلق تسعى الجماعة إلى ضرب الاستقرار داخل الدول الوطنية للقضاء عليها، عبر نشر الفتن وترويج الأكاذيب، وكذلك التحريض على العنف والإرهاب، ومهاجمة الأنظمة السياسية القائمة في تلك الدول، بزعم أنّها لا تحكم بالشريعة ولا تطبِّق مفهوم الولاء والبراء في علاقاتها الخارجية، لا سيّما مع الدول الغربية التي تزعم الجماعة أنّها دول معادية تتآمر على الإسلام .
الوصول إلى الحكم كان ولايزال في حدّ ذاته غاية عند جماعة الإخوان وليس وسيلة، بمعنى أنّها لن تقبل أن يتولّى الحكم أيّ تيار أو فصيل سواها، حتى لو أعلن أنّه يطبّق الشريعة، لأنّ الجماعة تعتبر ُّ نفسها الوحيدة المنوط بها هذا الأمر، لذا ترى الوصول إلى السلطة وبناء حكومة إخوانية ركناً لا يكتمل بنيان الدين بدونه، وأنّ السعي لإقامة هذا الركن أصبح فرضاً لا مناص منه وأولوية تسبق أيّ مطلب آخر، وقد اعتبر (البنّا) أنّ “قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفّرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف” !! .
وبالتالي، فإنّ هدم الأنظمة السياسية القائمة في الدول المستقرة وبناء دولة الإخوان تعتبره الجماعة غايتها الكبرى، التي تمكنها من قيادة الأمّة الإسلامية والعالم، طبقاً لنظرية “أستاذية العالم” التي وضعها مؤسس الجماعة حسن البنّا قبل مائة عام تقريبا .