
يوليو هذا الشهر الذى اشرق على مصر ذات يوم من عام ١٩٥٢ بثورة غيرت تاريخ مصر ونصف الكرة الجنوبى من آسيا إلى افريقا فأمريكا اللاتينية،وكان من أهدافه اقامة جيش وطنى قوى ، هذا الجيش الذى بعث من جديد فلم يخلق من العدم بل كان تاريخ اجداده يمتد لأكثر من سبعة الاف عام فكان اول جيش نظامى عرفته الانسانية فى ٣٢٠٠ قبل الميلاد وعلى مدار عصر الأسرات سطر اروع حكايات المجد والنصر … حتى استعاده المصريون فى بداية دولتهم الحديثة وتأسس من جديد فى ١٨٢٠ وشهد له العالم بحداثته وقوته وارادة رجاله وعزيمتهم حتى تكالبت عليه الأمم فى معاهدة لندن ١٨٤٠
ومن جديد يثأر المصريون لجيشهم ويكون من مطالب ثورة عرابى ١٨٨١ ترقى الضباط المصريين فى مناصب القيادة التى كانت حكرا على الأتراك والشراكسة.. ثم اهم مطالب ثورة يوليو ١٩٥٢ هو اقامة جيش وطنى قوى حماية للأرض والعرض واعتاد المصريون فى يوليو تخرج هؤلاء الضباط الجدد ومع ثورة تصحيح المسار واستعادة الدولة فى ٣٠ يونيه ٢٠١٣ بدأ تحديث جيش مصر من جديد وتساءل المتشككون (لماذا؟)… وبدأ تحديث فرق المشاة والمدرعات واحتلت المرتبة الخامسة بين جيوش العالم ، وزيادة قوة نيران المدفعية هؤلاء كما يدعونهم (آلهة الحرب) التى أحنت رأس العدو مع بداية حرب اكتوبر وحتى الان، وكذلك تلك القطع البحرية التى تزيد من قوة وحوش البحر حتى صارت فى الترتيب التاسع عالميا، الى نسور الجو التى تعددت وتنوعت جهات تصديرها كسرا لاحتكار جهة ما وسعيا لفرض ارادة المصريون على سمائهم، بل وجاوزنا حد الاستقدام من الخارج إلى التصنيع بأيادي المصريين وعقولهم، وتلك مظلات الدفاع الجوى المتعددة الطبقات والتى تملك القدرة على قطع اليد الطولى للعدو قبل ان يفكر فى رفعها ضد مصر واهلها، حتى صارت اعقد أنظمة الدفاع الجوى بين جيوش العالم وتسارعت القوى الكبرى فى امداد مصر باحدث انظمتها لينالوا سمعة الترويج العالمى فلا تمتلك مصر سوى الأحدث والأقوى والأكثر تأثيرا!
ونعود للعنصر الاهم والحاسم فى المعارك وهو هذا المقاتل المصرى الذى صار كما النخل هم ابناء مصر وعند تخرجهم فى الاكاديمية العسكرية يتجاوز العدد منهم الالاف فى ارض طابور الكلية الحربية اقدامهم راسخة كالجذور فى اعماق هذه الارض وتاريخها وهاماتهم اعلى من نجوم السماء كما اجدادهم وآبائهم ، هكذا ورثوا العزة كابرا عن كابر ، كما ورثوا النصر والشهادة ايضا، ليس سوى هؤلاء الفرسان من بين الشباب عندما يتخرج فى دراسته ان يقسم امام الله وملىء بصر وسمع المصريين على ان يقدم روحه فداء لهذا الوطن وهو الذى مازال ابن العشرين ربيعا يكاد لم يعرف عن وطنه واهله سوى بضعة من الاقارب والمعارف والاصدقاء ، انما هو يقسم على روحه ان تكون فداء لهؤلاء المائة مليون مصرى وتلك المليون كيلومتر مربع هى أرض مصر وترابها ، هذا الشاب الفتى يدرك معنى البطولة ، ويحمل امانة النصر والعرض، هذا النصر الذى كان ثمنه دماء الاجداد والاباء ، وذاك العرض الذى حدثته عنه امه صانعة الابطال ، عندما كانت تحكى له كل مساء : ان الارض هى العرض، وان الشرف يا ولدى تاج على رأس كل المصريين، لا نملك سواه، وهو مصدر عزنا وفخرنا، وربما هو ايضا سبب احقاد الاخرين !
هكذا كانت تزرع الام فى وجدان هذا الطفل الذى صار اليوم ملازم فارسا تتكحل برؤيته اعين المصريين ، وتعلو هامته على نجمة على كتفه ، وفى ذلك معنى ودلالة: اما المعنى، فكأنه منذ بداية حياته يعلن للجميع انه مشروع شهيد يسعى لان تسكن راسه فى سماء المجد فوق النجوم، وكانت الدلالة فى كونه لن يقبل الا ان يكون عالى الرأس كما كل المصريين لا تنحنى رؤسهم الا لله وحده.
وذات يوم كان قريبا – جدا- وفى أرض طابور الكلية الحربية جاءت كلمة مصر التى تتردد فى عقل ووجدان كل منا ، قالها واحدا ممن كان بالامس خريجا حديثا يقسم على حياته فداء للمصريين حتى حملته مصر عبء مسؤليتها ، فكانت كلمته تماما كما اراد ان يقول كل منا: سيناء خط احمر …
نعم نقبل ان نستقبل ضيوفنا من ابناء عروبتنا من سوريا ومن بعدهم من اليمن ثم ليبيا وغيرهم بالملايين ، الا ان المصريين يدركون المخطط جيدا ، والمعد مسبقا! لم ينسى احدا من المصريين أنه فى عهد الارهابية كان العرض الخائن الذى عرضه بعض هؤلاء بالتنازل عن ٧٠٠ كيلومتر من سيناء مقابل عدة مليارات من الورق النقدى (مجرد ورق!)
ولن ينسى احد منا اقتراحات الاخرين بحل القضية الفلسطينية عن طريق (السلام مقابل الارض) وليس (الارض مقابل السلام) وفى الفارق بينهما حياة الشرفاء!
واسقط المصريون مخططات تقسيم مصر والعرب التى قدمها برنارد لويس، ثم مخططات يائير ليبيد باستبدال ديون مصر مقابل تهجير الفلسطينيين ، او بادارة مصر للقطاع، او خطة عوديد ينون، الذى كان مستشار لارئيل شارون وغيرها من مخططات التقسيم والتهجير والمدينة الانسانية إلى آخر مخططات الكراهية للعرب والحقد على أراضيهم !.
ان المصريين يدركون ان الامر ليس استضافة لعربى فنحن اهل ذلك والتاريخ والحاضر يشهدان ، انما حقيقة الامر هو حل القضية الفلسطينية على حساب الشرف المصرى ، وهذا ما لا يرضاه المصريون بل دونه ما اعتدناه تاريخا وحاضرا (الشهادة) تلك التى علمتنا اياه امهاتنا ان ارضنا وسينائنا هى شرف لا يقبل القسمة ، وهؤلاء الاباء والاجداد رغم مرور عقودا من الأعوام على ثورة لاقامة جيش قوى فى (يوليو) وكذلك عقودا من الأعوام على نصر (اكتوبر) وتلك الارض (سيناء) مازالت ذكرى شهدائها المسطورة بدمائهم تعلمنا ان الدرس الاول : سيناء شرف لا يقبل القسمة!
وكما كتب الشهيد جمال حمدان : ان الارض تعطى صفاتها لمن عليها، هكذا سيناء المقدسة تهب القداسة للمصريين ، وحدهم المصريون ابنائها واهلها وحراسها وشهدائها.