عبد الناصر البنا يكتب : هموم وطن .. وحدات تراخيص المرور !!

دعونا نتفق منذ البداية أن إمتلاك سيارة لم يعد رفاهية أو من قبيل الوجاهة الاجتماعية ، وإنما هى من ضرورات الحياة ، وعلى الرغم من ذلك أصبحت السيارة تشكل عبئا ماديا كبيرا على مالكها بدءا من إرتفاع أسعار الوقود ” الزيت والبنزين ” مرورا بقطع الغيار التى أصبح أغلبها تقريبا مغشوش وغير خاضع للرقابة من قبل الجهات المختصه .
على سبيل المثال القطع لزوم الصيانة الدورية مثل ” البوجيهات ” تجد منها فى السوق الصينى والكورى والتايوانى والماليزى والتركى واليابانى ، وتختار اليابانى بحثا عن الجودة ، إلا أنك تفاجىء أنه صينى رغم وجود Made in japan على المنتج ، وقيس على ذلك تيل الفرامل والبلى والسيور وطلمبات المياة .. إلخ . إنتهاءا بوقوعك فريسة بين براثن مراكز الصيانة .. دوامة مابعدها دوامة .
حتى وقت قريب كان يوم تجديد رخصة السيارة بالنسبة لى من الأيام النحسات التى أعمل لها ألف حساب ويظل بالى مشغول بها حتى قبل موعد التجديد بفترة ولا يهدأ لى بال إلا بإعطاء ظهرى لوحدة التراخيص وفى يدى الرخصة ، وللإنصاف شهدت وحدات التراخيص تطورا كبيرا فى الفترة الاخيرة سواء فى سرعة تقديم الخدمات للمواطنين ، توفيرا للوقت والجهد ، صالات الانتظار أصبحت أغلبها مكيفة أو جيدة التهوية وفيها مقاعد وأماكن للإنتظار ، وفيها كولدير للمياه المبردة وحمامات نظيفة ، حتى أسلوب التعامل مع المترددين على الوحدة لم أجد فيه الصلف والعنجهية والصوت العالى كما كان يحدث من قبل ، مكتب رئيس الوحدة مفتوح لأى مواطن لدية شكوى أو تذمر من أمر غير مقبول كما حدث معى حتى وإن كنت لم أتلق إجابة شافية أو مقنعة !!
خلال زيارتى الأخيرة لوحدة المرور التابع لها ، أنهيت معاملتى فى ساعتين ونصف تقريبا ، وهذا يعد إنجازا بالنسبة لى لأنها إنتهت فى وقت قياسى ، ومن الإيجابيات أيضا إستحداث وحدات تراخيص مرور متنقلة متواجدة فى بعض الأندية والمولات ، وهى خدمة جديدة تقدمها وزارة الداخلية من أجل تسهيل إجراءات تجديد واستخراج رخص القيادة والسيارات ، والهدف منها تخفيف الضغط على وحدات المرور الثابته ، وأيضا توفر الوقت والجهد على المواطن المقتدر على مصروفات هذه الخدمة ، وكما يقول المثل ” الغاوى ينقط ” . لكن يحسب للوزارة ذلك .
أما السلبيات فهى كثيرة جدا وقد تتوارى الإيجابيات خجلا أمامها ، خاصة ” العبء المادى المبالغ فيه ” الواقع على كاهل المواطن ، وأنا هنا لست أول من يكتب فى هذا الموضوع ، لقد رُفعت الأقلام وجفت الصحف من قبلى كتابة حول موضوع الرسوم المبالغ فيها فى تراخيص السيارات ، ولكن للأسف لامجيب ، وكأننا نؤذن فى مالطا ، لا الوزارة عاوزة ترد ، ولا حتى نواب الشعب الذين مُررت هذه القوانين فى غفلة من بين أيديهم ، والضحية فى النهاية المواطن الذى ” يئن ” ولايسمع لأنينه أحد .
البداية من نماذج التراخيص ، مثلها مثل نماذج الحصول على أى حدمة فى الدولة ” شهادة ميلاد ، بطاقة رقم قومى ، جواز سفر .. إلخ ” تجدها مبالغ فيها بطريقة غير عادية بدون سبب واضح . ساحة الفحص الخارجية التى إعتدت على تسميتها ” أرض المحشر” إنحسرت فيها ” الرشاوى ” إلى حد كبير ، مهندسو الفحص ورافعو البصمة كانوا يطلبوا الأتاوة تحت مرأى ومسمع ضباط الفحص ، حقيقة لم أجد هذه الظاهرة ، الطامة الكبرى فى رسوم ” أمان ” ولا أدرى متى وكيف وأين هبطت علينا ” أمان ” التى جاءت على غير المسمى .
وإلا بالله عليكم مامعنى أن أدفع مبلغ 190 جنية تحت مسمى خدمة الفحص الفنى للمركبات أو مقابل تكاليف
الفحص الألكترونى ، أرجو أن لاتشغل بالك كثيرا أمام هذا الرقم لأن القادم أسوأ ، هناك إيصال نقدية بمبلغ 835 جنية
، ويفيد بيانه بأنه رسوم ( حقيبة الاسعافات 120 ج ولا داعى لشرح محتوياتها ـ المثلث العاكس 70 ج ــ شنطة
مستلزمات 20ج ــ حاجز التصادم أمامى وخلفى 4 قطع 87.70 ج ــ شهادة فحص وإعتماد طفاية 1ك
190.88 ج ــ حافظة 21.90 ج ــ قمع 87.70 ج ــ صديرى عاكس 52.60 ج ــ بون تصوير مستندات 8.80 ج ــ بون تركيب
لوحات 21.90 ج ــ بون خطاط 25.00 ج ــ ملف 21.90 ج ) إجمالى قيمة المستلزمات 728.3800 ج ــ الضريبة المضافة
(14 %) 101.9732 ج ــ إجمالى القيمة بالجنية 830.3532 ج شايف الدقة فى الحسابات !!
دخلت لسيادة المقدم رئيس الوحدة الموقر سعادتك أنا أشتريت طفاية جديدة بمبلغ 880 ج وفى إيدى إيصال السداد
.. ليه أدفع 190.88 ج شهادة فحص وإعتماد طفاية إذا كانت الطفاية لم تستعمل بعد . رفع الباشا حاجبه وهو يضع
الختم على الأوراق أمامه ، وقال : دى شهادة إعتماد . قلت له أنا مش فاهم رد سعادتك ؛ وكررت له الكلام سعادتك
الطفاية جديدة لم تستعمل بعد ، وإيصال السداد فى ايدى ، رد بإمتعاض وقال : علشان نسجلها على الكمبيوتر ،
عارفين ” خد هات لك عسلية ” !! . ضحكت بتهكم وقلت له : سيادة المقدم أنا معترض على” بون تصوير مستندات ـ
بون تركيب لوحات ــ بون خطاط ” لانها رسوم بدون مقابل خدمات بالنسبة لى ” . قال لى : روح لضابط الفحص ” يعنى
حل عن دماغى ” ، وبالفعل رحت لضابط الفحص ، إذا كان المقدم قد رفع حاجبه ، فالنقيب ضابط الفحص لم يستمع
حتى لكلامى ، أو ينظر لىً ، وإنما أشار بيده روح للشباك ، الموظفة على الشباك قالت : وأنا مالى .. أنا عبد المأمور
، دا نموذج مكتوب وأنا بأطبعه ، وحضرتك لو مش عاوز تدفع .. براحتك !!
وبعد الشكوى من أمان لغير الله مذلة ، عليك التوجه إلى مركز الدفع والتحصيل الحكومى لدفع ضريبة عن مدة 3
سنوات مقدارها 3124 ج وتحصل على بيان تعلوه كلمة finance يليها شعار يخيل إليك أنه شخص يخرج لك لسانه ،
ومن الـ finance إلى التأمين الاجبارى وقدرة 313 ج ، بعدها تصطدم بدفع مبلغ 150 ج عبارة عن ” إستمارة تحديث
بيانات مالك المركبة وإستمارة بيانات المركبة ” علما بأن المركبة ومالكها فى ذات الوحدة منذ إفتتاحها ، وأعتقد أن
هذا السفه الغير مبرر لايرضى أحد يادولة رئيس الوزراء ؛ ويامعالى وزير الداخلية ؛ والمالية ، وياكل الشرفاء فى هذا
الوطن الذى نعشق ترابة .
أكثر من الـ 5500 ج نظير تجديد رخصة السيارة لمدة ثلاث سنوات ، غير المخالفات التى تجاوزت الـ 6000 ج وهنا
تحضرنى كلمات سطرها الشاعر كامل الشناوى ” قدر ، قدر أحمق الخطى سحقت هامتي خطاه ” أيقنت أن
الرادارات على الطرق ليست وسيلة للحفاظ على أرواح الناس ، أكثر من كونها شراك أو كمائن للوقوع فى الخطا وإلا
مامعنى أن تكون هناك أكثر من سرعة محددة على الطريق الواحد .. أكيدأكيد صدق الإمام الشافعى عندما قال ”
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا ، وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا ــ وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ ، وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا ــ
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ ، وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا ” .
حفظ الله مصر .. دمتم فى أمان الله