الكاتبة الصحفية حنان خيري تكتب : راحوا فين حبايب الدار !

ضمتنا دار الحب والعطاء والتفاني والحنان والاحترام والالتزام بالأصول في العلاقات مع الآخرين،و كان شعارنا البساطة و التلقائية وحسن النوايا وصدق المشاعر.. كل هذه المعاني جرت وتجري في عروقنا .. سكنت عقولنا وعمرت قلوبنا بالخير والنور والشفافية،
واليوم بعد رحيل أمي الحبيبة دخلت الدار “البيت” شاهدت كل هذه الاحاسيس والمعاني التي أرتوينا بها أنا وأخواتي وأولادنا محفورة على جدران الغرف ، ورحيق جمالها وروعة الذكريات بكل ما فيها من مواقف جميلة وصعبة ..مضيئة مبتسمة .. أبتسامة تنعش القلوب بالحب والهدوء والأمل .. وشاهدت وجه أمي وروعة أبتسامتها وهكذا أبي الذي رحل قبلها بسنوات ولم تمل لحظة في الكلام عنه وعن ذكرياتهما وتفتخر بسعادة أنها تزوجت هذه الشخصية الأسطورة من وجهة نظرها..
وفي ظل هذه المشاعر التي تم زرعها في نفوسنا أنا واخوتي محمد واسامة وسمحاء كانت المفاجأة التي ترجمتها الأحزان عندما توجهنا الي المقابر لنودع الأم التي أعطتنا الكثير والكثير ، وعلمت أحفادها مثلنا تماما ، فتوالت السنين الطويلة أمامنا جميعا بين جيلين .. أولادها وأحفادها بمعنى واحد “الترابط الصادق”
شعرت أن وجه أمي مبتسم وروحها تحتضننا ، ونظرة عينيها توصينا بالأصول والصبر والصدق بيننا ومع من حولنا كما
علمتنا واولادنا، فلم تبخل علينا يوما بحبها وعطائها .. بكل المساعدات النفسية والاجتماعية وحتى المادية وهذا
ليس كلامي بمفردي بل أخوتي وأولادي وكل أحفادها،
لا أنكر أنني أشعر بغربة وتائهة ، وكلامها مرسوم ومحفور على حياتنا ولكن الدار حزينة تبحث عن أمي وأبي، ومهما
سمعت من كلام يصبرني يكون مسكن موضعي يزول أثره سريعا ، ومهما نتكلم أنا واخواتي لنصبر بعضنا البعض
ينتهي كلامنا بالصمت الحزين عليها ونشهد أمام الله جميعا بأنها أم مثالية تحملت الكثير وأرهقناها بمسؤلياتنا
ومشاكلنا وبأبناءنا ومع ذلك تبتسم وتقول أنا سعيدة بيكم وفخورة برسالتي معاكم وحصاد تعبي مثمر بالخير وتحقيق
ما تمنيته لكم،
وأخيرا قلبي يتمزق وروحي تتألم وتبكي عندما أنتقلت إلي الرفيق الأعلى وأخذت الأمان الذي كنا نشعر به عندما
ندخل عليها وتنظر لنا نظرات عميقة لم أستطع وصفها لأنها تخدر وتعالج كل الآلام التي نحملها في لحظة ..وهذا ما
تعودنا عليه من سعادة بين أحضان سعاد أمي الغالية الحبيبة.. رحمها الله واسكنها فسيح جناته .. اللهم آمين