ناصر النوبي يكتب : المهاجرون !

شاهدت بالأمس فيلم تسجيلى وتوثيقى لحياة المصريين بأمريكا ،وكانت خبرة جديدة للحياة هناك ،لم أكن
اعرف تفاصيلها، خصوصا أنها كانت ليلة مفعمة بطاقة إيجابية تدعو للفخر والفرح فى وقت واحد , لأن الفيلم كان يحكى قصص نجاح شخصيات مصرية متميزة ..
وجدت البيئة المناسبة للعمل ،ثم النجاح وكانت رؤية واخراج تميز بها الكاتب الصحفى والمبدع الأصيل صفوت يوسف
الذى يبحث عن الهوية عابرة للقارات ،كيف يحافظ الانسان على هويته فى الغربة التى أصبحت وطنا ، والأوطان التى أصبحت غربة ، فهل الغربة فى الوطن أكثر إيلاما أم تأثير الغربة فى جغرافيا جديدة مع تحقق الأمال أفضل بكثير ،من ضياع الأحلام والاستسلام فى الوطن؟
الفيلم يصل أن يكون فيلما روائيا ، فقد كتب صفوت يوسف الفيلم بقلم وإبداع صحفى لا يخلو من الموهبة فى الصدق
والخيال..حيث رصد لنا اكثر من رحلة نجاح ، لهولاء المهاجرون المصريون والعرب أيضا من لبنان والأردن ، وكيف تحققت
أحلامهم واثبتوا نبوغهم وتميزهم جميعا فى امريكا أرض الأحلام ز
دعنا نفكر مع العمل قليلا لانه ليس فيلما واقعيا فقط ، ولكنه يحمل ببطن المؤلف صرخة لم يصرح بها لكنها مسموعة
، أنهم جميعا تمنوا ان يكون بأوطانهم ناجحون، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن ، ومع ذلك هم ناجحون، لكن
هناك !
الحنين والنوستالجيا لأوطانهم الأصلية ،وهذا طبيعى وغريزى ان يشتاق الانسان خصوصا الجيل الأول، وبعد ذلك فهم
يؤرقهم ان ينتمى أبنائهم لثقافتهم البعيدة فى الجانب الآخر من كوكب الأرض
إنه تحد كبير أن يحافظ الانسان على هويته ،فى وطنه، فما بالكم فى أوطان اخرى فى عصر ما بعد العولمة !
هذا الفيلم رائع يستحق التصفيق والإعجاب، لأنه طرح اسئلة كثيرة تبحث عن اجابة مع أن هناك أسئلة طرحتها انا
شخصيا فى الندوة لم يتم الاجابة عنها أو التعليق عليها ولم أعرف ك هل كان سؤالى بأن تستفيد مصر من كل هولاء
الناجحون فى المستقبل القريب مع أن هذا السؤال يحتاج الى مؤتمر كبير وتوصيات يمكن ان تمثل قيمة مضافة
لأوطانهم؟
لذا عندما سألوا عمر الشريف فى آخر أيامه بعد ما حقق نجاح عالمى ، قال جملة مهمة ان سعادته بين أهله وناسه
ومن أحب بمصر كانت أفضل من كل هذا النجاح ..تحيا مصر ..هنا الكنز ..وهنا الحلم !