قراءة في مسرحية (البعث )  .. للدكتور صلاح عدس

بقلم  باحث دكتوراة /  عثمان فاروق - جامعة العلامة إقبال - باكستان

تحمل مسرحية “البعث” مضمونًا إسلاميا، رغم أن أحداثها تدور حول موضوع مسيحي، إذ تسلط الضوء على فترة الاضطهاد الروماني للأقباط في مصر في عهد أصحاب الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم. يجسد الصراع الدرامي فيها المواجهة بين الشهيدة  دميانة والإمبراطور الطاغية دقيانوس، الذي يحاول إجبارها على الارتداد عن إيمانها، لكنها  تصمد حتى الموت، فتتحول إلى رمز خالد للمقاومة. وتروي الأسطورة الشعبية أنه حين استشهدت بعثت من جديد، مما يجعل من المسرحية تجسيدا لفكرة البعث الرمزي للأمم من خلال الثورة والمقاومة والجهاد باعتبارها السبيل الوحيد للتحرر من كهف السلبية  والانهزامية.

يرسم الدكتور صلاح عدس شخصية دميانة في صورة أيقونة للأمل والثبات والصبر والتحدي، متشبعة بإيمان لا يتزعزع بالنصر الحتمي. لذلك جاءت المسرحية مأساوية في عمقها، إذ تواجه دميانة طغیان دقیانوس بلا سلاح سوى يقينها الراسخ، وهو الصمود الذي مهد لاحقا لتحول الإمبراطورية الرومانية إلى  المسيحية. ومن هنا يتجلى البعد الفلسفي العميق الذي يطرحه الكاتب، حيث يتجاوز السرد التاريخي ليبث روح التفاؤل في نفوس المسلمين، داعيًا إياهم إلى النضال ضد قوى الشر والاستبداد والإمبريالية المتوحشة، التي تستهدف القضاء على الأمة الإسلامية. وفي إطار فني متقن، يتجاوز صلاح عدس حاجز اختلاف العقيدة، ليقدم شخصية مجاهدة ضمن رؤية إسلامية شاملة. فبطلة  المسرحية، القديسة دميانة ليست مجرد  شخصية دينية، بل رمز للمقاومة ضد الظلم والطغيان. ويظهر إبداع الكاتب في قدرته على توظيف هذه الشخصية المسيحية داخل مضمون إسلامي أصيل، ليؤكد أن القيم الإنسانية الكبرى، مثل الصمود والتضحية والجهاد في سبيل الحرية، تتجاوز الحدود الدينية، وتظل متجذرة في التراث الإنساني  المشترك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.