قد يعتقد البعض أن المقصود من العنوان أعلاه ما حدث في سنترال رمسيس مؤخرا ، خاصة أنه بالفعل يمثل أحد العقول المهمة فى ذاكرة مصر المعلوماتية والتكنولوجية ، ولكنني في الحقيقة أقصد من عنوان هذا المقال أولئك الذين ذهبت عقولهم ، ولن أبالغ إذا قلت احترقت مثل نفوسهم المريضة وباتوا يرددون الشائعات التي يطلقها اهل الشر من أعداء الوطن بهدف زعزعة الاستقرار ومحاولة بث روح الفرقة بين الشعوب وقياداتها ومؤسساتها الوطنية وهم في واقع الأمر أشد خطرا من الأعداء لأنهم يعيشون بيننا وللأسف يظهرون غير ما يبطنون !! .
المؤكد أن ما حدث في سنترال رمسيس ومن قبله الطريق الإقليمى يستوجب المحاسبة والمواجهة، بل والعقاب لكل من أخطأ أو قصر ، ولكن لايجب أن يتحول ذلك إلى النيل مما حققته الدولة المصرية من إنجازات ومشروعات خلال الفترة الأخيرة ، فكلنا مع النقد البناء الذى يهدف إلى تصحيح الأخطاء والأخذ بيد المجيدين أو بمعنى أدق أن يشير إلى الإيجابيات تمامآ كما يكشف السلبيات .
وإذا عدنا إلى ما حدث في سنترال رمسيس ، فالمؤكد هناك أزمة وخطأ يستوجب كما ذكرت في البداية الحساب والعقاب إن جاز التعبير ، ولكن فى نفس الوقت لا يجب أن نغفل التعامل السريع مع الأزمة الأمر الذي منع الانقطاع الشامل للخدمات وأنهى الانقطاع الجزئي في أسرع وقت .
فقد كان التوقع عند الغالبية العظمي من المواطنين أن حريق سنترال رمسيس سيؤدى لانقطاع الإنترنت والاتصالات وتوقف الخدمات المعتمدة على الشبكة بشكل كامل وعزل مصر عن العالم ظنا منهم أن سنترال رمسيس هو مركز نظام الاتصالات والانترنت والشبكات فى مصر وزاد الاحساس بوطأة الاحساس بالمشكلة انقطاع الاتصالات وتأثر الشبكات من اللحظات الأولى للحريق .
ولكن مع الوقت تبين أن سنترال رمسيس ليس الوحيد بل هو مجرد عقدة رئيسية من عقد عديدة ضمن نظام الاتصالات فى مصر وأن تاثير خروج سنترال رمسيس من الخدمة لم يكن كليا حيث استمرت الخدمة تعمل بنسبة تزيد عن ٦٠% اعتمادا على مراكز وسنترالات مركزية أخرى سواء فى القاهرة أو العاصمة الإدارية وأن الأمر استغرق عدة ساعات للمناورة ونقل تحميل الخدمات من رمسيس الى المراكز الأخرى وهو أمر طبيعي لا يتم بضغطة “زر” بل يحتاج وقتا كما أوضح الفنيون فى المجال .
المؤكد أن حجم التأثير لو كان شاملا ما كنا رأينا هذا الكم من بوستات التنظير والاتهامات للدولة بالتقصير والإهمال وعدم وجود خطط طوارئ وإلا من أين وصلتنا هذه البوستات لو لم تكن هناك مراكز بديلة .
كما يجب القول أن تفعيل خطط الطوارئ كان جيدا وكل قطاعات الطوارئ أعلنت ارقاما بديلة أو تكاملها مع أرقام اخرى مفعلة مثلما حدث مع الإسعاف والنجدة والمطافئ والمطارات وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت هناك خطط طوارئ معدة مسبقا وجاهزة .
اخيرا وليس آخرا الحدث لابد أن نستفيد منه باستخلاص الدروس والعبر التى نستفيد منها فى تطوير قطاعات الدولة وتحديث خطط الطوارئ والتعامل مع الأزمات والعمل على عدم تكرار مثل هذه الأخطاء أو الكوارث ، فى نفس الوقت لزم علينا الإشادة بمختلف أجهزة وقطاعات الدولة المختلفة التى تحركت بسرعة لمواجهة الأزمة والحد قدر المستطاع من تداعياتها وفي القلب منها أبطال الحماية المدنية لاسيما المطافيء والاسعاف الذين يجب تكريمهم بما يتناسب مع ما قدموه من جهد وتضحيات وكذلك العاملين والفنيين بوزارة الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات على جهودهم المضنية لعودة الخدمات إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن ولا يفوتنا أن نترحم على الشهداء الأربعة من أبناء الشركة الذين لقوا حتفهم داخل السنترال وعلى الحكومة اضافتهم إلى قائمة شهداء الوطن مع خالص التعازي لاسرهم وذويهم .