عبد الناصر البنا يكتب : والفاعل دوما .. مجهول !!

عبد الناصر البنا

دائما أسأل نفسى هذا السؤال ليه كل ماتحصل عندنا مصيبة الفاعل دائما ” مجهولا ” حتى وان كان ” معلوما ” وأسهل حاجة عندنا هى الحكم المتسرع على الأشياء ، والنحاة دايما يقولوا لك “سكن” تسلم ، مع أن الفاعل فى اللغة العربية يُعرب دائماً في حالة رفع ، وتختلف علامة رفعه حسب نوع الاسم المرفوع ، وهنا أقصد الماس الكهربائى .

إحنا والله العظيم تعبنا وماعدش عندنا نفس للمناهدة ، وماعدش عندنا أعصاب تحتمل لدرجة أن اليوم إللى يعدى من غير مايحصل فيه حاجة نحمد ربنا ونشكر فضله ، ونبوس أيدينا أنه عدى على خير وسلام ، لكن الفترة إللى فاتت عكننت علينا كلنا ، لدرجة أننا مابقيناش ملاحقين ولاقادرين ناخد نفسنا ، وقبل مانطلع من مصيبة نقع فى التانية .. وهكذا دواليك .

قبل مايجف نزيف الدم من على أسفلت الطريق الأقليمى والطرق السريعة ، وقبل أن نفيق من تصريحات وزير النقل التى إستفزت جموع الشعب المصرى المكلوم من هول الصدمة ، وعدم تحمل الوزير للمسئولية كونه ينفى تهمة الإهمال عن وزارته ؛ ويلقى القرد من على أكتافة ويلوم على الآخرين ، حتى أنه لم يكبد نفسة مشقة الإعتذار لأسر الضحايا ، فوجئنا باللجنة الموقرة التى شكلتها الوزارة تحلف بالطلاق ، وبشرف أمها ، وتؤكد على سلامة تصميم وتنفيذ الطريق الدائرى الإقليمى وعدم وجود أى نقاط ضعف فى التصميم أو التنفيذ تؤدى إلى وقوع حوادث .. لاتعليق !!

وبسبب موقف الوزير ترددت نكته فى الشارع المصرى تقول : أن وزير النقل الروسى الذى إنتحر عقب إقالته بساعات إتصل بوزير النقل المصرى ، الذى حكى له عما حدث ، قام الوزير الروسى إنتحر من هول الصدمة ، ماهو أصل شر البلية مايضحك ، هو إحنا نسينا قول عمنا أبو الطيب المتنبى : وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا .وقبل أن نفيق من حوادث الطرق ، حلت علينا مصيبة تمرير مشروع قانون تعديل قانون الإيجار القديم وموافقة البرلمان عليه ، رغم وجود المادة 2 الملغومة التى تعد كارثة بكل المقاييس ، وجعلت الناس فى الشارع تكلم نفسها من هول الصدمة ، وقلوبها أصبحت معلقة فى رقبة الرئيس للإعتراض على هذه المادة طبقا للصلاحيات التى خولها له الدستور منعا لعدم تشريد مايقرب من 15 مليون مواطن سوف يجدوا أنفسهم فى الشارع ، حتى وإن كانت الدولة قد تعهدت بتوفير سكن لهم .. اصل الناس مابقتش تصدق !! .

وهوب حطت علينا مصيبة بنت ” محمد الصغير ” والله ما أعرف إسمها ، علشان تخلى فضيحتنا بجلاجل ، وقصة حمضانه ، وإحنا ماصدقنا خلصنا من هرى إنفصالها عن زوجها ، لكى تعيدنا إلى لمربع رقم واحد ، وتذكرنا ببنت الأصول اللى تخطت الرؤوس وأسند لها تحسين الصورة البصرية لمحطات المترو ، وإكتشفنا أنها سرقت اللوحات من فنان روسى ، وتصدرت غادة والى الـ ” غير” فنانة المشهد وتمر الأيام وأهو الزمن بينسى .

وكل إللى حصل كوم ” وكارثه” إمبارح كوم تانى ، إمبارح حصلت كارثة بكل المقاييس ، مصر كلها جالها شلل فى جميع مرافقها نتيجة حريق سنترال رمسيس . وخد عندك ” تعذر الاتصال بخدمات الاسعاف 123 ، وبخدمات الرعاية الحرجة 137 ، تعطل ماكينات الصراف الآلى للبنوك ، تأخر خدمات معظم شركات الاتصالات ، تأثر خدمة الانترنت الأرضى ، تعطيل تطبيق أنستاباى ، تعطل أغلب الخطوط الأرضية ، توقف حالات الدفع بالفيزا فى المتاجر العامة ، تعطل خدمات حجز القطارات ، بخلاف الأضرار التى لحقت بالبنوك ، وياعالم متى تنتظم الخدمة ، وفوق هذا وذاك وفاة 4 مهندسين إختناقا فى الحريق ، وإصابة 33 شخصا اخرين بحالات إختناق ، بينهم 10 من رجال الشرطة .. وياعالم .رجال الحماية المدنية بذلوا جهودا مضنية للسيطرة على الحريق الذى نشب فى غرفة التحكم الرئيسية وفتح الباب لأسئلة لاحصر لها ولا توجد لها إجابة حتى الآن ، ومن السابق لأوانه الاجابة عنها ، خاصة ان هذا المبنى خاضع لتأمين على أعلى مستوى كونه مبنى أمن قومى ” حاجة تخوف ” . هل ماحدث نتيجة إهمال فى الصيانه أدى إلى الكارثه ، خاصة فى ظل وجود هذا الكم من” الكابلات والوصلات والأسلاك وأبراج الهوائي وأجهزة التكييف وخطوط الكهرباء ذات الجهد العالى ومولدات الكهرباء .. وغيرها ؟ هل ماحدث هو عمل متعمد بسبب ثغرة فى التأمين جعلتنا نفقد الزمن فى لحظة ، ونعود إلى زمن المقايضه ؟

أسئلة كثيره قد تجيب عنها الأيام ، لكن بشىء من العقل ونحن بالطبع لسنا متخصصين ؛ انا لا اعتقد أن يتم ربط خدمات الأنترنت وشبكات المحمول وفيزا الدفع والخدمات البنكية وغيرها فى سنترال واحد دون وجود سنترالات تبادلية لتلافى مثل هذه الأزمات ، وهذا ما أكد عليه الوزير عمرو طلعت الذى يتابع الموقف عن كثبوالا بقليل من العقل ، لو حد قاصدنا وعاوز يؤلمنا ويضربنا ضربة موجعة يكفى انه يلقى بعقب سيجارة فى مكان زى ده ، ونلاقى نفسنا فجأة فى معزل عن العالم !!

أنا نفسى الدولة تضرب بيد من حديد لكل من يحاول العبث بأمن وإستقرار هذا الوطن ، ولاتتهاون مع احد ، على أن يكون هناك شفافية ومكاشفة للرأى العام ، وكل الافتراضات فى هذا الحادث مطروحة ، فقط كل ما اتمناه أن لانستبق الأحداث ، لأن الذى إحترق هو ” مخزن أسرار مصر ” الذى إحترق هو ” حجر الزاوية للبنية التحتية ، ومركز الكوابل والربط البينى ، ويعتبر القلب النابض لشبكة الاتصالات القومية ، وتتحرك من خلاله آلاف من خطوط البيانات ، وملايين المكالمات يوميا ، وهو الداعم الأساسى لقطاع الاتصالات والانترنت وتكنولوجيا المعلومات ، وهو يحوى مركز بيانات حيوى يضم وحدات إستضافة للبيانات .. دا بخلاف حاجات تانية لاداعى للخوض فيها .

فى تسريب صوتى للرئيس حسنى مبارك متداول على وسائل التواصل خلاصته أن امريكا كانت عاوزة تًحدث سنترال رمسيس على حسابها ، والرئيس الراحل رفض هذا الطلب ، كما رفض طلبها توصيل سنترالات القاهرة بسنترال

رمسيس منعا لأى إحتمال تجسس على السنترال الرئيسى فى مصر ” أصل الحداية عمرها مابتحدف كتاكيت ” وامريكا كانت عاوزة تاخد تردد FM لدرجة انه رفض الـ 270 مليون دولار المحتجزين مقابل أخذ التردد .. أكيد الرسالة وصلت !!

ويبقى السؤال : هل أزمة سنترال رمسيس ناتجة عن فشل فى إدارة الأزمات .. أم لغياب التخطيط الاستراتيجى ؟ خلونا ننتظر الإجابة . ودائما وأبدا ” حفظ الله مصر ” .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.