الكاتب الصحفي محمد يوسف العزيزي يكتب : الصورة قد تهدم ما تعجز عنه المدافع والصواريخ !

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

في حروب الجيل الخامس سلسلة من المعارك أبرزها الآن معركة الوعي وسلاح الشائعات الذي يعتمد علي الكلمة والصورة، فبينما تكون الكلمة الكاذبة أشد فتكا من الرصاص فإن الصورة المفبركة أو المصنوعة قد تهدم ما تعجز عنه المدافع والصواريخ!

منذ بداية التاريخ لم تكن الحروب مجرد معارك بالسيوف أو الدبابات، بل كانت دائمًا صراعًا من أجل الاستحواذ على العقول والقلوب، واليوم مع تطور التكنولوجيا وصعود الذكاء الاصطناعي دخلنا مرحلة أخطر هي حروب الجيل الخامس حيث لم يعد العدو ظاهرًا على الحدود، بل صار يسكن الشاشات ويختبئ في منشور هنا أو فيديو مفبرك هناك ليزرع بذور الفتنة والشك في العقول والقلوب!

وبعد أن فشلت قوى الشر في تجنيد العملاء من الداخل، وفشلت محاولات بث الشائعات والأكاذيب لتصوير الدولة كدولة عاجزة مستباحة ، وبعد أن سقطت محاولات التشكيك في المواقف الوطنية وإثارة الفتن الطائفية لجأت قوي الشر إلى أخطر الأسلحة الخفية.. سلاح الإيقاع بين الشعوب!

ففي الوقت الذي تبقى فيه العلاقات الرسمية قائمة على التعاون والمصالح المشتركة، تتحرك الكتائب الإلكترونية لتأجيج مشاعر الغضب وبث الأكاذيب باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي أصبح قادرا على إنتاج محتوى مزيف يبدو حقيقيًّا بالصوت والصورة ليبدأ التراشق اللفظي، وتختفي العلاقات التاريخية، ويظهر كل شيء وكأنه هش، بلا جذور ولا ماضٍ مشترك، والهدف هو التفتيت والعزلة والانكفاء علي الداخل فيسهل صيد أي فريسة منفردة

ولأن دروس التاريخ تقول: ” الفتنة لا تنام، لكنها تبحث عن عقل غافل لتوقظه على نار شك تحرقه “.. !

لذلك فإن قضية الوعي ومعركة البقاء وجهان لعملة واحدة، وحيث لم تعد الشائعة تدور همسًا في المجالس، بل تحولت إلى فيديو وصورة تنتشر بسرعة البرق، فيصدّقها البعض دون تحقق فتسقط الثقة ويبدأ التراشق، وتصبح الشعوب فريسة سهلة للأكاذيب لذلك يصبح الوعي خط الدفاع الأول والأهم!

حين نفقد شجاعة السؤال نتحول إلي عقول ” مسيَرة ” كالطائرات المسيرة التي يتم التحكم فيها وتسييرها عن بُعد، ونصبح أسرى محتوى زائف يهدد وجود الدولة الوطنية، ويضرب استقرارها من الداخل، وهنا تبرز مسؤولية كل فرد في المجتمع أن يتحصن خلف بناء وعي يقظ يرفض الانجراف وراء الأخبار المجهولة ويمتلك الجرأة على التحقق قبل الترديد والنشر

في النهاية، حروب الجيل الخامس ليست معركة حدود وجيوش، بل هي معركة عقول.. معركة نواجهها جميعًا كل يوم.. في كل تليفون ذكي وصفحة ومنشور..

الوعي الرشيد يستطيع حماية الأوطان من الانهيار، وصون الدولة الوطنية لتظل قوية وصلبة أمام كل من يتربص بها.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.