قراءة في مسرحية ((السيدة زينب .. ويزيد )) للدكتور صلاح عدس
بقلم : باحث الدكتوراة / عثمان فاروق - جامعة العلامة إقبال - باكستان
يتناول الدكتور صلاح عدس في مسرحيته ((السيدة زينب ويزيد)) جانبًا من الصراع السياسي العاصف الذي امتد أثره عبر التاريخ، حيث تجسد المسرحية ملحمة الألم والصمود التي وقعت عام 61هـ إثر مذبحة كربلاء في الكوفة ودمشق تتخذ المسرحية طابعًا مأساويًا بكائيا، وتتألف من ثلاثة مشاهد تتوالى فيها الأحداث التي أعقبت مقتل الإمام الحسين رضي الله عنه، متمثلة في المواجهة الفكرية الحادة بين السيدة زينب بنت علي رضي الله عنها ويزيد وأعوانه.
في هذا العمل لا يقتصر الكاتب على استعراض الحدث التاريخي فحسب، بل يتجاوزه إلى إسقاط الماضي على
الحاضر حيث يصبح الصراع بين آل البيت ويزيد رمزا لمعركة أزلية بين الإيمان والطغيان، والعدالة والاستبداد تمثل
السيدة زينب وزين العابدين صورة للمقاومة والثبات، بينما يجسد يزيد وعبيد الله بن زياد وشيوخ السلطان قوى الظلم
والقهر.
تنبض المسرحية بالعاطفة الجياشة، حيث يعكس كاتبها محبته العميقة لأهل بيت النبي بعيدا عن المغالاة أو
التعصب، ويُظهر تألمه لما حلّ بهم من نكبات. لكنه في الوقت ذاته يجعل من هذه المأساة التاريخية مرآة للواقع، حيث
تُطرح قضية الصمت عن الحق ومأساة شيوخ السلطان الذين يسكتون عن الظلم، وهي قضايا لا تزال تمتد بظلالها
على أمتنا الإسلامية.
أما على المستوى الفني، فإن المسرحية لا تقتصر على تقديم السرد التاريخي بل ترتقي إلى مستوى الفكر
والتأمل، حيث تتجلى المواجهة بين قوة السيف وسطوة الكلمة، بين القهر العسكري والصمود الروحي، مؤكدة أن
الثبات على المبادئ في وجه الطغيان هو أسمى أشكال المقاومة. كما تبرز المسرحية كيف أن التضحية في سبيل
العدل لا تذهب سدى، بل تبقى نورًا يُضيء درب الأجيال اللاحقة نحو الحرية والكرامة.
ليست هذه المسرحية مجرد شهادة على الماضي، بل هي رسالة إلى الحاضر والمستقبل، تدعو إلى تأمل الواقع،
واستخلاص العبر، ومواصلة النضال ضد الاستبداد في كل زمان ومكان.