الكاتب محمد نبيل محمد يكتب : الأمن الثقافى والهوية الوطنية

سيناء الحرب والسلام (٥)

الكاتب محمد نبيل محمد

تحدثنا عن استغلال الدبلوماسية فى استعادة بناء الجيش المصرى والتخطيط لحرب التحرير ، وحدث ما ارادته مصر ، وانتصرت ، وبدات معركة جديدة …
واستغلت مصر رغبة جيمى كارتر فى تقوية علاقات امريكا مع العرب للتفرغ لحربه البارده مع الاتحاد السوفيتى، كما استغلت رغبة وزير خارجية امريكا يهودى الديانة هنرى كيسنجر بالاعتراف باسرائيل مقابل مكاسب مشروعة للمصريين وهى التى اعترف بها حتى ذاك الوقت 85 دولة معظمها من الأنظمة الحاكمة والفاعلة فى القرار العالمى، وكسينجر هو من أوصى ادارته بهندسة اتفاق مفاوضات بين مصر واسرائيل برعاية امريكا، واعقب الزيارة السادات للكنيست تبنى الولايات المتحدة لمفاوضات السلام بين مصر والكيان الصهيونى، وعلى مدار عام كامل ركزت الدبلوماسية المصرية جهودها لاستعادة الارض مما نتج عن ذلك اتفاقية كامب ديفيد فى 17 سبتمبر 1978 بعد 12 يوما من المفاوضات السرية في كامب ديفيد التى مهدت لمعاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيونى فى واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة فى 26 مارس 1979 واستعادت مصر كامل سيناء عدا طابا التى بدأت عندها معركة قضائية ومراحل التحكيم الدولى.

ففى إسرائيل للمرة الاولى يصعد حزب الليكود للحكم واتى مناحم بيجن بصقور تعاونه على المفاوضات منهم: وزير الزراعة اريئيل شارون، ووزير الخارجية موشيه دايان، وبالمقابل رد السادات بصقور شباب فى المفاوضات وهم: اسامة الباز، واحمد ماهر، وبطرس غالى، وكما اخدت مصر ١٥ ٪ من سيناء بحرب 73 ـ 93 اكتوبر ـ رمضان، وكذلك أخذت ٨٥٪ بالمفاوضات فى ٧٧

وقبل اتفاقية السلام كانت إسرائيل يعترف بها ٨٥ دولة وهم كبار الدول الحاكمة فى أقاليم العالم السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وبعد وصول الرئيس الاربعين للولايات المتحدة رونالد ويلسون ريجان للبيت الابيض فى الفترة من 1981 إلى 1989 وقبل رئاسته كان حاكم ولاية كاليفورنيا الثالث والثلاثين بين عامي 1967 و 1975، بعد مسيرة كممثل فى هوليوود ورئيس نقابة ممثلي الشاشة، وتميز عهده بالعديد من الفضائح، مما أدى إلى التحقيق أو توجيه الاتهام أو الإدانة لأكثر من 138 مسؤولاً إداريًا، وهو أكبر عدد لأي رئيس للولايات المتحدة، واشهر الفضائح كانت بيع اسلحة لايران بهدف الافراج عن ستة موظفين امريكيين احتجزتهم ايران فيما عرف بفضيحة “ايران كونترا” والاهم لدينا ان ريجان اراد التنصل من اتفاقية كامب ديفيد ومعاهد السلام الذى حاول التملص من اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام لانها ليست فى صالح إسرائيل التى تنازلت عن سيناء مقابل السلام(!) وساعد مناحم بيجن رئيس وزراء الكيان الصهيونى فى التملص من تسليم طابا، ومن بعده تكرر التراخى فى تسليم طابا من حكومتى إسحاق شامير ثم شيمون بيريز، وكان رونالد ريجان يدعمهما فى عدم تسلم طابا لمصر، وبهذا المسلك يقصد ضرب معاهدة السلام التى اقرتها إسرائيل بدعم امريكا فى تسليم كامل الارض، وكان مستشارى ريجان فى ذلك هم: ديك اتشينى، ودونالد رامسفيلد، وكولن باول، وجميعهم اصبحوا وزراء دفاع وعسكريين فيما بعد فى معارك امريكا على العرب والعراق(!).

عقب حرب أكتوبر عقدت في 1979 اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، والتي بموجبها بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء، وفي أواخر عام 1981 الذي كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل هذا الانسحاب، سعى الجانب الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة، وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع 14 علامة حدودية أهمها العلامة (91) في طابا، الأمر الذي أدّى لإبرام اتفاق في 25 أبريل 1982 والخاص بالإجراء المؤقت لحل مسائل الحدود، والذي نص على عدم إقامة إسرائيل لأي إنشاءات وحظر ممارسة مظاهر السيادة، وأن الفصل النهائي في مسائل وضع علامات الحدود المختلف عليها يجب أن يتم وفقاً لأحكام المادة السابعة من معاهدة السلام المبرمة بين البلدين، والتي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات، وأنه إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات بالمفاوضات فتحل عن طريق التوفيق أو تحال إلى التحكيم. وبعد 3 أشهر من هذا الاتفاق افتتحت إسرائيل فندق سونستا وقرية سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود. فقامت الحكومة المصرية بالرد عن طريق تشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا أو اللجنة القومية العليا لطابا، وتشكلت بالخارجية المصرية لجنة لإعداد مشارطة التحكيم، وعقب قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على التحكيم، تم توقيع اتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في 11 سبتمبر 1986، والتي قبلتها إسرائيل بضغط من الولايات المتحدة. وهدفت مصر من تلك المشارطة إلى إلزام الجانب الإسرائيلي بتحكيم وفقاً لجدول زمني محدد بدقة، وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامات ال14 المتنازع عليها. وفي 29 سبتمبر 1988 تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر مؤكداً أن طابا مصرية، وفي 19 مارس 1989 كان الاحتفال التاريخي برفع علم مصر معلناً السيادة على طابا وإثبات حق مصر في أرضها.
وللحديث بقية ان شاء الله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.