الكاتب الصحفي محمد العزيزي يكتب : السلاح النووي.. حين يصبح الردع احتكارا!

الكاتب الصحفي محمد العزيزي

الحرب التي تدور فصولها بين إيران والكيان الصهيوني الآن ليست فقط نزاعًا عسكريًا علي حدود مشتركة أو تحرير لأرض محتلة تخص أحداهما..  بل هي إعادة فتح جريئة لملف ظل يُدار بسياسة الكيل بمكيالين هو السلاح النووي. فالكيان يلوّح بالخطر النووي الإيراني، رغم امتلاكه سلاحًا نوويًا فعليًا غير معلن، ومع ذلك يطالب العالم بأن يمنع إيران – أو غيرها – من مجرد الاقتراب من العتبة النووية.

هذا المشهد يفضح الأزمة الأخلاقية والسياسية الكامنة في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي تم التوقيع عليها قبل أكثر من نصف قرن، بزعم وقف انتشار هذا السلاح، مقابل التزام الدول النووية بالتخلص منه تدريجيًا

لكننا اليوم أمام واقع مختلف تمامًا: دول تحتفظ بسلاحها وتُراكمه، وأخرى يتم منعها حتي من التفكير في الاستخدام السلمي للطاقة النووية!

من يملك النووي، يملك – حرفيًا – حق الفيتو العسكري على إرادة الشعوب، لذا لم تعد القنبلة النووية مجرد أداة ردع، بل تحولت إلى أداة ابتزاز سياسي واستراتيجي، تُستخدم لفرض المعايير وشروط الاستسلام عند النزاع، وتحديد من له ” الحق ” في التسلح بها ومن لا يستحق!

وهكذا تنقسم الدول إلى فئتين: فئة تمتلك حق الدمار وتستثمره في الهيمنة، وأخرى يتم تجريدها من أبسط أدوات الدفاع باسم ” الشرعية الدولية ”

والسؤال الآن في ضوء ما يجري: ما جدوى التزام دول معينة بالمعاهدة، إذا كانت المعاهدة نفسها لا تضمن العدالة ولا المساواة ؟ بل وتتحول إلى قيد مفروض على الدول النامية، بينما تنطلق يد الكبار في تطوير ترساناتهم؟ .. الأسوأ أن الخروج من المعاهدة يتم تصويره كتهديد للأمن العالمي، بينما البقاء فيها بات يعني عمليًا الخضوع لنظام احتكاري ظالم !

إن ما يجري اليوم ليس مجرد خلاف على تخصيب اليورانيوم أو امتلاك منشأة نووية، بل هو خلاف على من يمتلك الحق في الحماية والردع، ومن يُترك عاريًا في مواجهة التهديد. وإذا استمرت القوى الكبرى في رفض نزع سلاحها، بينما تمنع غيرها من امتلاكه، فالعالم ذاهب لا محالة نحو لحظة انفجار..  لا نحو لحظة سلام.

في النهاية، لا يمكن بناء قواعد الأمان العالمي على أساس امتيازات نووية، بل على أساس عدالة شاملة ومسؤولية جماعية، وإلا فسيبقى السلاح النووي قنبلة موقوتة، لا تُهدد دولة بعينها، بل تهدد مستقبل الكوكب كله!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.