في الوقت الذي يزايد فيه البعض على موقف مصر من القضية الفلسطينية، جاءت كلمتها في مجلس الأمن مؤخرا لتُسكت الألسنة، وتُثبت أن الصوت المصري لا يعلو عليه في الدفاع عن الحقوق العربية، وعلى رأسها الحق الفلسطيني فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والعمل على منحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
فقد وقف السفير أسامة عبدالخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، ليُلقي كلمة هي الأجرأ منذ اندلاع العدوان على غزة، مؤكداً أن مصر لن تُساوم على ثوابتها، وأنها لا تقف على الحياد حين يتعلق الأمر بالدم العربي والكرامة الوطنية ، فالصمت تواطؤ والتردد خيانة !! .
الكلمة لم تقتصر على دعم فلسطين فقط، بل تجاوزتها لتُدين التصعيد الإسرائيلي ضد إيران، في موقف واضح يعكس تمسك مصر بسيادتها في تحديد مواقفها، بعيداً عن الاصطفافات والضغوط.
من هذا المنطلق فقد حظيت كلمة السفير أسامة عبدالخالق ، بردود فعل واسعة وإيجابية من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي داخل مصر وخارجها، بعد توجيهه انتقادات شديدة لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق الفيتو داخل مجلس الأمن، مؤكداً أن العوار القائم في آلية الفيتو يجب تصحيحه مرة واحدة ، كما أن استمرار بعض الدول في استخدام الفيتو بشكل انتقائي يكرس ازدواجية المعايير، ويقوض مصداقية المجلس، محذراً من خطورة استمرار هذا الوضع على منظومة السلم والأمن الدوليين.
وأضاف مندوب مصر الدائم أن النظام الدولي لا يحتمل مزيداً من الانحرافات، كما دعا إلى ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية وجذرية في تركيبة مجلس الأمن وآليات اتخاذ القرار داخله، بما يضمن تمثيلاً أكثر عدلاً ومساواة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خصوصاً الدول الأفريقية والعربية.
أعاد التأكيد مجدداً على ضرورة وقف فوري للحرب في قطاع غزة، مشدداً أن ما يحدث في القطاع هو كارثة إنسانية و عار على المجتمع الدولي بأسره ، فلا تخذلوا الإنسانية .
ولمن لا يعرف فإن حق الفيتو (باللاتينية: حق النقض) هو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ويمنح للأعضاء الخمسة الدائمو العضوية في مجلس الأمن ” روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة ” .
و لم يرد لفظ “فيتو” في ميثاق الأمم المتحدة، بل ورد لفظ “حق الاعتراض” وهو في واقع الأمر “حق إجهاض” للقرار وليس مجرد اعتراض، إذ يكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائياً حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشر الأخرى.
ولذلك يمكن القول أن هذا النظام في التصويت اعتمد في مجلس الأمن لتشجيع بعض الدول على المشاركة في
الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، بعد أن بدى لها أنها قد تخسر بعض الامتيازات في حال شاركت في
منظمة تحترم الديمقراطية ، كما ساعد حق النقض “الفيتو” الولايات المتحدة على تقديم أكبر دعم سياسي للكيان
المحتل ذلك بإفشال صدور اي قرار من مجلس الأمن يلزم “إسرائيل” بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية
وأعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين دولة الاحتلال باستخدام القوة المفرطة وخصوصا في
حرب لبنان 2006 وقـطاع غـزة في نهاية عام 2008 ،وأدى ذلك إلى الشك بمصداقية الأمم المتحدة بسبب الفيتو
الأمريكي ويتناقض هذا النظام عموماً مع القواعد الأساسية التي تشترطها النظم الديمقراطية، فعلاوة على أن الدول
الخمس هذه لم تنتخب لعضوية هذا المجلس بصورة ديمقراطية، فهي أيضاً لا تصوت على القرارات بنظام الأغلبية
المعروف !! .
لكل ما سبق فقد ظهرت في السنوات العشر الأخيرة أصوات عديدة تطالب بتعديل نظام الأمم المتحدة وتوسيع
مجلس الأمن، بإضافة دول آخرى مقترحة كاليابان وألمانيا والبرازيل، وأصوات أخرى اقترحت صوتا لأفريقيا وأمريكا
الجنوبية، وهي على أي حال دعاوى للتوسيع دون المساس بمبدأ (الفيتو)، وقد سمعت بعض الأصوات الداعية إلى
إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائياً واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وتوازن ، وهو ما طالبت به مصر فى كلمتها
الأخيرة .
ويرى البعض أن التوازنات التي يتطلبها صدور القرارات في مجلس الأمن تحت ظل الفيتو، تضعف من النزاهة
والموضوعية لتلك القرارات في محاولة لتجنب 5 فيتوات محتملة.
بقى القول أنه منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، استخدم الاتحاد السوفيتي وروسيا حق الفيتو (النقض) 123
مرة، والولايات المتحدة 76 مرة وبريطانيا 32 مرة وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 7 مرات
، وملخص قصة الفيتو هو تحكم 5 دول في قتل وتجويع وسحق مليارات البشر علي وجه الأرض من أجل مصالحهم